السخي قريب من الله

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين ونصلي ونسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد.. للمؤمنين الصادقين صفات تدل على صفاء نفوسهم وعلى طهارة قلوبهم وعلى رقة مشاعرهم وعلى سلامة عقولهم ومن أجل هذه الصفات وأفضلها صفة السخاء والجود والكرام لأن الإسلام دين يحث أتباعه على البذل والإنفاق والعطاء وينهى عن التقتير والبخل والإمساك ولقد بشر الله سبحانه وتعالى الأسخياء والمنفقين في سبيله بأعظم مراتب الفوز والنعيم عند الله فقال “الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون”سورة البقرة آية 274.
والمجتمع الإنساني من لوازمه التعاون والتعاطف والتراحم بين جميع عناصره بحيث يساعد الغني الفقير والقوي الضعيف والكبير الصغير والحاكم المحكوم كل في حدود قدرته وفي حدود استطاعته والقرآن الكريم يبين ذلك فيقول :نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون” سورة الزخرف أية 32.
ولقد ساق القرآن الكريم نماذج سامية للسخاء وللتعاون الذي تمثل في كرم الأنصار مع المهاجرين إخوانهم من مكة والذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله فيقول سبحانه وتعالى والذين تبوأوا الدار والاسمان من قبل يحبون من هاجر إليهم ولايجد ون في صدورهم حاجة مما أتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة “
فهذه الآية ترسم أعظم صور الإيثار والسخاء بالنسبة للأنصار وهو ظاهر في أسمى صوره وأشكاله كما تظهر لنا أيضا قناعة وعفة المهاجرين.
ولقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم الأسخياء والكرماء بحب خالقهم لهم وبحب الناس لهم وبقربهم من الناس وقربهم من جنات النعيم عند ربهم فقال صلى الله عليه وسلم “السخي قريب من الله قريب من الناس قريب من الجنة بعيد من النار والبخيل بعيد من الله بعيد من الناس بعيد من الجنة قريب من النار ولجاهل سخي أحب إلى الله تعالى من عابد بخيل ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم المثل والقدوة الحسنة في تأثره لرؤية المحتاجين وستر عوراتهم وقضاء حاجاتهم وتقديم يد العون لهم ولقد كان صلى الله عليه وسلم أجود من الريح المرسلة وكان أكرم الناس.
وبناء على ما سبق فإن السخاء لا ينقص المال وإنما يزيده وينميه ويغفر الذنوب ويمسح الخطايا بقول تعالى :إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم”.
والله الموفق والمستعان.
* عضو البعثة الأزهرية في اليمن

قد يعجبك ايضا