مرضى الكلى في غزة: صراع يومي مع الحياة في ظل انقطاع الدواء وتوقّف الأجهزة

الثورة نت /..

في غزة، حيث يضيق الهواء وتتعثر الحياة تحت ثقل الحرب، يقف مرضى الكلى في مواجهة معركة لا صوت لها ..فهنا في غرف غسيل الكلى التي أُنهكت مثل أجساد روّادها، لم يعد العلاج إجراءً طبيًا بقدر ما هو محاولة لانتزاع يومٍ إضافي من قبضة الموت..أجهزة تتوقف، أدوية تُمنع، وأجساد أقرب للإنهاك منها للحياة… وفي كل زاوية من هذه الأقسام، قصة إنسان يواجه مصيره بلا سند سوى صموده.

عبد الرحمن لوز، أحد مرضى الفشل الكلوي، يجلس أمام ماكينة غسيله وقد تجاوزت إرهاق السنوات ملامحه. حاول طويلًا تفادي الوصول لمرحلة الغسيل، لكن المياه المالحة ونقص الغذاء وانعدام الأدوية أدّت إلى تدهور حالته.

يحتاج لوز إلى ثلاث جلسات أسبوعيًا حتى يتمكن من الوقوف على قدميه دون مساعدة، لكن خروج مستشفيات عديدة عن الخدمة وازدحام المرضى في مستشفى الشفاء قلّص ساعات الغسيل إلى أقل من المطلوب.

يقول لوز لـ وكالة (صفا) الفلسطينية : “الجلسة التي كانت تمتد لأربع ساعات أصبحت بالكاد ساعتين ونصف أصبح الغسيل مجرد محاولة للبقاء، لا علاجًا فعليًا.”

غياب الفيتامينات ومحفّزات الدم يزيد من إنهاك المرضى، ويجعل أجسادهم أضعف من مواجهة المرض.

عزيز خضر، مريض آخر، يصف القسم بأنه “مكان مكتظ بالألم”.
يقول خضر: “لا أحد يسمع أوجاعنا. ننقص ساعات الغسيل ونفتقد الدواء، وهذا يرهق أجسادنا بشكل مستمر.”

يروي كيف ينتظر المرضى دورهم على أجهزة بالكاد تعمل، لكنها رغم ضعفها تظل الطريق الوحيد لدرء الخطر عنهم.

الممرض رامي البنا يوضح أن انقطاع الكهرباء ونقص المستلزمات أجبر المشفى على تقليص الجلسات من ثلاث أسبوعيًا إلى جلستين فقط، وبمدة أقصر بكثير من اللازم.

ويحذّر من ارتفاع معدلات المضاعفات في ظل نقص حاد لأدوية فقر الدم، ما يضطر الطواقم للجوء إلى نقل الدم المتكرر.

يشير البنا إلى أن نحو 750 مريضًا يعتمدون على 34 جهاز غسيل فقط في مستشفى الشفاء، وهو عدد يفوق بكثير قدرة أي مستشفى على الاستيعاب.

ومع استمرار العدوان الصهيوني ومنع دخول المستلزمات الطبية، تتقلص فرص البقاء أمام مئات المرضى، بينما تتسع دائرة الصمت الدولي.

وفي قلب غزة، لا يطالب مرضى الكلى بمعجزة؛ كل ما يرجونه أن تصلهم جرعة دواء، أو تعمل ماكينة بانتظام، أو تُمنح لهم جلسة غسيل تعيد بعض التوازن لأجسادهم المنهكة. وبينما يترنح النظام الصحي على حافة الانهيار، يظل هؤلاء المرضى أكبر شهادة على أن الحياة في غزة تُخاض يوميًا… لكنها رغم كل شيء، لم تستسلم بعد.

قد يعجبك ايضا