الثورة نت /..
في قلب الضفة الغربية، حيث امتدت قرى فلسطينية لعقود طويلة، تتسلل آلة الاستيطان الصهيونية لتقضي على آلاف الأحلام اليومية.
منازل تُهدّم، أراضٍ تُنهب، وحواجز تحول المدن والقرى إلى كانتونات معزولة، ليصبح الفلسطينيون رهائن على أرضهم. اليوم، لم يعد الأمر مجرد سياسة توسعية، بل مشروع إحلالي كامل يهدد وجود ملايين الناس، ويعيد رسم خريطة الحياة في الضفة بما يبعد السكان عن جذورهم وأرضهم.
تشهد الضفة الغربية في الأشهر الأخيرة موجة غير مسبوقة من التوسع الاستيطاني والتهجير القسري، في إطار مخطط صهيوني متكامل يسعى إلى إعادة رسم الخريطة الديموغرافية وطرد الفلسطينيين من أراضيهم. على الأرض، يبدو ذلك بوضوح: عشرات البؤر الاستيطانية الجديدة، مئات المنازل المهدمة، آلاف الإخطارات بالهدم، وحواجز عسكرية تحول الحياة اليومية إلى كابوس مستمر.
الباحث في شؤون الاستيطان، صلاح الخواجا، وصف المشهد لـ وكالة “سند” للأنباء بأنه “تحول هيكلي خطير”، موضحًا أن أكثر من 38 ألف اعتداء استيطاني سُجلت منذ السابع من أكتوبر، مع إقامة 114 بؤرة رعوية جديدة تغطي أكثر من 14% من أراضي الضفة، أي ضعف المساحات المستغلة منذ عام 1967 وحتى 2022.
وأكد أن العدو الإسرائيلي نفذ أكثر من ألف عملية هدم طالت نحو 38 ألف منشأة، من بينها عمارات بأكملها تؤوي عشرات العائلات.
أما مدير العمل الشعبي في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، عبد الله أبو رحمة، فأكد أن العدو الإسرائيلي يسعى إلى خلق بيئة طاردة للفلسطينيين، عبر تقسيم الضفة إلى كانتونات معزولة، وإنشاء أكثر من 119 حاجزًا ترابيًا وعسكريًا، ومحو المخيمات الشمالية من الوجود، في مسعى لتفكيك التجمعات السكانية وفصلها عن أراضيها الزراعية.
رمزي رباح، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وصف الاستيطان بأنه “قلب المشروع الصهيوني” الذي يسعى لإحلال مستوطنين جدد وتهجير السكان الأصليين، محذرًا من أن ما يحدث في الضفة هو جزء من مخطط أوسع لإعادة إنتاج أفكار “صفقة القرن” وتحقيق حلم “إسرائيل الكبرى”.
على الأرض، يعاني الفلسطينيون من آثار هذه السياسات بشكل مباشر: عائلات فقدت منازلها، مزارعون حرموا من أراضيهم، وأطفال يعيشون محاصرين بين الحواجز والجدران. الحواجز الترابية والعسكرية التي تعيق الحركة اليومية، إلى جانب الإخطارات والهدم المستمر، تجعل الحياة اليومية صراعًا للبقاء، وتزيد شعور الفلسطينيين بالعزلة والانقسام.
الخبراء يؤكدون أن الهدف الصهيوني لا يقتصر على السيطرة على الأرض، بل يشمل تغيير البنية الديموغرافية والاجتماعية، وفرض واقع يصعب مقاومته إلا من خلال توحيد الجهود الفلسطينية على كل المستويات السياسية والقانونية والميدانية.
في مواجهة هذه الموجة الشاملة، يقف الفلسطينيون عند مفترق طرق: الاستسلام لسياسات التهجير أو توحيد جهودهم لمواجهة هذا الزحف على الأرض والكرامة.
المعركة اليوم ليست مجرد صراع على أراضٍ، بل معركة وجود، حماية للهوية والتاريخ، ورفض لسياسة التهجير التي تسعى لطمس مئات السنوات من الوجود الفلسطيني. الأيام القادمة ستكون حاسمة، ولن يكون هناك مهرب من المواجهة الوطنية الشاملة التي تحمي الأرض، وتثبت أن الفلسطينيين باقون رغم كل المخاطر والتحديات.
