غـزوة باريـــس ..!!

عبدالسلام السودي * –
هل كان الرسول (ص) بحاجة إلى غزوة باريس المزعومة ..¿!!
وهل يعتقد هؤلاء من القواعد والدواعش أنهم نصروا الله ورسوله بفعلتهم هذه وقتلهم الأنفس في أقاصي الأرض أو أعالي الجبال ..¿! ثم هل أثرت تلك الرسوم المسيئة أو قللت من شأنه وهو في أعلى مراتب السماء..¿!!
ولو أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) موجود بين ظهرانينا هل كان سيقرهم على فعلتهم.. وهم يعلمون أنه لم يعاملهم بالمثل فقد عذبوه وعذبوا أصحابه ولم يعذبهم.. ومارسوا عليه وعلى أصحابه سياسة التجويع ولم يمارسها..وأخرجوه ولم يخرجهم قتلوا أسراه ..وعفا عن أسراهم .. عفا عن قريش بقوله (اذهبوا فأنتم الطلقاء) بعد أن قاتلوه وسبوه ووصفوه بأبشع الأوصاف وقالوا عنه شاعر كذاب ومجنون أشر ..¿! وجاء هذا العفو وهو في أقوى مراحل التمكين بعد فتح مكة فما بالكم بهؤلاء الذين لم يحققوا أي إبداع مادي أو حسي حتى يكونوا بهذه القوة المصطنعة التي كانت آثارها سلبية على المجتمع العربي المسلم في أوروبا وأمريكا ودول الغرب ..¿! وقد زادت تلك الهجمات من توحيد الصف الداخلي الأوروبي والعالمي بشكل غير مسبوق وربما تعطي مبررات لمكافحة الإرهاب أقوى من أحداث 11سبتمبر وزادت عدد النسخ لصحيفة شارلي ايبدو ثلاثة ملايين نسخة توزع على خمسة وعشرين دولة.
لست هنا في معرض سرد السيرة النبوبة المطهرة ولكنه المبعوث رحمة للعالمين بكى عندما رأى جنازة اليهودي قائلا: لقد تفلتت هذه النفس مني إلى النار وأخشى أن يسألني الله عنها..ورفض الدعاء على أهل مكة في معركة أحد وقد أصيب بجراحات كثيرة وقتل أعز أصحابه قائلا (إني لم أبعث لعانا وإنما بعثت رحمة).. وعفا عن المرأة اليهودية التي قدمت له طعاما مسموما وعفا عن لبيد اليهودي الذي حاول إيذاءه.. وقد خصهم بما لم يخص به العرب ـ أهله وعشيرته ـ حين قبل منهم البقاء على دينهم ولم يقبل هذا من العرب حين خيرهم بين الإسلام أو القتال.. وكان من أهداف القرآن التي عمل النبي محمد صلى عليه وآله وسلم على إنفاذها دمج أهل الكتاب في المجتمع عن طريق الإذن بالزواج من نسائهم والسماح بمخالطتهم اجتماعيا حين أباح الأكل من طعامهم.. وهكذا كثير من سيرته التي لايتسع المجال لسردها ..!!

ولكي يكون الكلام واضحا والبيان شافيا فالقاعدة الفقهية تقول: جلب المصالح أوجب من درء المفاسد.. ونحن لانبرر سب الأنبياء أو التطاول على أي منهم تحت راية حرية التعبير ولانفرق بين أحد من رسل الله وفي الوقت ذاته نستنكر القتل وسفك الدماء باسم الدين أو الدفاع عن رسل الله بهذه الطريقة الهمجية التي تقتل الإنسانية في الأرض وتغضب الله في السماء..
ومن خلال معايشتي للمجتمع الفرنسي وجدت حرية دينية إسلامية قلما نجدها في بلادنا العربية فالمساجد منتشرة على طول فرنسا وعرضها بل وفي كل أوروبا والمسلمون يعيشون في أجواء من السلم الاجتماعي نفتقده في جميع البلدان العربية ..
إن ما يحصل في بلداننا العربية من قتل وذبح وسحل للأنفس البريئة ليدعونا اليوم للوقوف وقفة جادة وحقيقية أمام أعداء الله والوطن والإنسانية ونتساءل هنا: لماذا لايدعو القادة العرب إلى وقفة احتجاجية عالمية كما فعلت باريس والتعبير عن الإدانة لكل أعمال العنف المتزايدة في الوطن العربي الكبير أم أن الدماء العربية المسفوكة على قارعة الطرقات ليس لها أدنى قيمة لدى هؤلاء..
عانينا ومازالت المعاناة مستمرة في اليمن وغيرها من بلدان الربيع العربي المشؤوم .. قتل للأبرياء وإزهاق للانفس وذبح للأعناق ونهب للمتلكات وسلب واستباحة للأعراض وتفجير للبيوت الخاصة وتدمير للمصالح العامة.. اغتيال هنا واعتداء هناك وبشكل شبه يومي .. إلى متى ومن المستفيد..¿!! لاندري ..!!
وكفى..
*باحث وناشط يمني مقيم في باريس

قد يعجبك ايضا