العودة من تحت الرماد .. أطفال غزة يستعيدون حقهم في التعليم رغم الركام

الثورة / المركز الفلسطيني للإعلام

في مدينة أنهكتها الحرب، وذاكرةٍ مثقلة بصوت القصف ورائحة البارود، يعود أطفال غزة إلى مقاعد الدراسة التي غادروها قسرًا لأكثر من عامين.

يعودون كما لو أنهم يشقّون طريقًا بين الركام نحو الحياة، حاملين دفاترهم القليلة بكل ما فيها من أملٍ ومساحة بيضاء للحلم.

مدرسة دير البلح الأساسية المشتركة التابعة للأونروا، التي كانت يومًا ملاذًا للنازحين، تستقبلهم اليوم كفصول تعليم، تُجاور الخيامَ وتتنفس آثار الحرب.

لكن رغم كل شيء، يرتفع صوت الجرس من جديد، ويعلو معه صوت الأطفال، وكأنهما معًا يعلنان بداية جديدة في مدينة لا تنسى لكنها لا تستسلم.

“نريد أن نستعيد حياتنا”

تقول الطفلة لمى أبو العطا، واضعة حقيبتها على كتفها بنبرة لا تخلو من الرجاء: “نريد أن نستعيد حياتنا.. ما نحتاجه الآن هو الدفاتر والكتب والأقلام”.

إلى جانبها تقف زميلتها ميار أبو سعدة، وعيناها تحاولان تعويض ما فاتها من طفولة: “نريد أن ندرس كل المواد كما قبل.. الآن لدينا فقط العربية والإنجليزية والرياضيات.. نريد أن نتعلم ونلعب مثل باقي الأطفال”.

مأوى ومدرسة

العودة ليست مثالية.. فالمشاهد المؤلمة ما زالت حاضرة، الخيام تنتشر في الساحة، وأواني الطبخ على مداخل الفصول، وأغطية تُفرش على أرضيات كانت يومًا لطلابٍ يكتبون مستقبلهم عليها.

مريم بصلة تصف اللحظة أنها عندما عادت وجدت المنطقة مدمرة.. والنازحون ما زالوا هنا، تشدد على إكمال المسيرة.

مقاعد مكسورة، سبورات متشققة، جدران تحمل آثار الشظايا.. ومع ذلك، يتشبث الطلبة بدفاترهم كمن يتمسك بحبل نجاة.

المعلمة حنين كراز تقول لمراسلنا إن عودة الطلاب ليست مثالية مطلقاً، لكنه أمر لابد منه، مشددة على ضرورة النهوض بالتعليم بعد أن دمرته اسرائيل على مدار عامين من الإبادة.

وأشارت إلى أن الطلاب يتلقون التعليم في أجواء غير مناسبة، حيث لا مقاعد ولا قرطاسية، ولا أجواء مناسبة.

الا أنها استدركت أنه أمر لا بد منه، “فرأس مال الفلسطيني التعليم”.

الأونروا: التعليم حق حتى في الأنقاض

المتحدثة باسم الأونروا إيناس حمدان تقول: “أكثر من 62 ألف طالب استفادوا من برامج التعليم المؤقت منذ أغسطس 2024، إضافة إلى نحو 300 ألف طالب يتلقون التعليم عن بُعد، بمشاركة 8 آلاف معلم في غزة”.

وأكدت في تصريح صحفي أن من حق أطفال غزة أن ينالوا فرصة للحياة والكرامة والتعليم.

أرقام الحرب.. فصول من وجع

تقرير وزارة التربية والتعليم العالي يختزل المأساة، حيث دمرت اسرائيل 179 مدرسة حكومية بالكامل، وتضررت 118 مدرسة حكومية.

كما دمرت أو تضررت أكثر من 100 مدرسة تابعة لوكالة أونروا، في حين دمرت آلة الحرب 63 مبنى جامعيًا.

ووثق التقرير استشهاد 18,069 طالبًا وإصابة 26,391، كذلك استشهاد 1,319 طالبًا جامعيًا وإصابة 2,809، واستشهاد 1,016 معلمًا وكادرًا تعليميًا.

وتسببت حرب الإبادة بحرمان 630 ألف طالب من التعليم منذ أكتوبر 2023.

ورغم هذا الثمن المرتفع، تمكنت الوزارة من تنظيم امتحان الثانوية العامة إلكترونيًا لطلبة غزة، وافتتحت مدارس افتراضية لضمان استمرار التعليم.

صوت الحياة أعلى من الركام

رغم كل الفصول السوداء التي عاشتها غزة، تعود ضحكات الأطفال إلى الممرات، كأنها تتحدّى القصف بصوت الطفولة وحده.

قد يعجبك ايضا