حذر رئيس جهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني “ام آي 5” امس الاول من ان مجموعة متطرفة متواجدة في سوريا تخطط لشن “اعتداءات واسعة النطاق” في الغرب وان الاستخبارات قد تكون عاجزة عن وقفها.
وصرح اندرو باركر امام صحافيين في لندن غداة الاعتداء الذي استهدف صحيفة شارلي ايبدو الساخرة في باريس واوقع 12 قتيلا “نعلم ان مجموعة من ارهابيي القاعدة في سوريا تخطط لاعتداءات على نطاق واسع ضد الغرب”.
واضاف باركر: “مع اننا نبذل قصارى جهودنا مع شركائنا لكننا نعلم ان ليس بوسعنا ان نأمل بوقف كل شيء”.
واضاف باركر: ان المقاتلين العائدين الى الغرب بعد القتال في سوريا يمكن ان يحملوا معهم “عقيدة ملتوية” قد تقودهم الى تنفيذ اعتداءات على معالم شهيرة في دولهم.
ومع ان تنظيم “داعش” يشكل التهديد الابرز إلا ان المقاتلين المنضوين تحت لواء القاعدة يشكلون خطرا ايضا.
وتابع باركر: “لا نزال نواجه مؤامرات اكثر تعقيدا تتبع نهج القاعدة ومن يقلده وهي محاولات للتسبب بخسائر بشرية كبيرة غالبا من خلال التعرض لوسائل النقل او اهداف رمزية”.
وكان المدير الحالي للاستخبارات الداخلية قد أقر في وقت سابق ان الاعتداء على شارلي ايبدو “تذكير رهيب” بالتهديد الذي تواجهه الدول الغربية كاشفا ان وكالته ساهمت في احباط ثلاث مخططات ارهابية “في الاشهر الاخيرة وحدها”.
ودعا باركر الى منح سلطات اوسع من اجل تحديد هوية ومراقبة المشتبه بهم وذلك بعد الانتقادات التي واجهتها اجهزة الاستخبارات حول مدى التنصت الذي تمارسه والذي كشفته تسريبات ادوراد سنودن.
واصبحت السياسات الأمنية الأوروبية أكثر تشددا وحذرا تجاه الخلايا الدعوية الجهادية التي تنشط داخل أراضيها حيث تشير الأرقام إلى تزايد ملحوظ في أعداد المغادرين من أوروبا في اتجاه سوريا والعراق وهو ما دعا الأجهزة الأمنية إلى الرفع من مستويات الحيطة والحذر.
وأعلن الاتحاد الأوروبي عن عزمه تشكيل خلية مستشارين في بلجيكا يمكن للحكومات الأعضاء: إن تستشيرها في مجال مكافحة الدعاية الجهادية بحسب ما أوردت صحيفة بلجيكية نقلا عن مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي.
ويخفي تشكيل لجنة من الخبراء والمستشارين خاصة بمكافحة “الدعاية الجهادية” وراءه اعترافا واضحا أن الخلايا الدعوية الجهادية التابعة للتنظيمات الإرهابية قد ازدهرت وتفشت في أوروبا بشكل كبير.
وقال المسؤول عن مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي جيل كيرشوف لصحيفة لوسوار الفرنسية: إن “الفكرة تكمن في أن تستضيف بلجيكا خلية خبراء يمكنها تقديم أجوبة فورية للدول الأوروبية حول مشكلة تتواصل بوتيرة حادة جدا” في مواجهة المتشددين الجهاديين.
وقد جاء هذا الاقتراح من المسؤولين عن مكافحة الإرهاب والتطرف في أوروبا في وقت تزامن مع الهجمات الأخيرة التي استهدفت مقر صحيفة “شارلي إيبدو” الفرنسية في الدائرة العاشرة للعاصمة الفرنسية باريس والتي خلفت 12 قتيلا. وبالرغم من الجهود التي بذلتها السلطات الفرنسية في التضييق على الخلايا الجهادية وتكثيف عمل الأجهزة الأمنية لحماية فرنسا من الجهاديين العائدين من سوريا والعراق وأفغانستان إلا أن النشاط الخلوي للإرهاب المتشدد لا يزال ضاربا بقوة في فرنسا وفي أوروبا عموما.
وسيقدم خبراء هذا المشروع أفكارا حول سبل مكافحة الحملة الدعائية التي يقوم بها تنظيم “داعش” ومجموعات جهادية أخرى كما أوضح مسؤول مكافحة الإرهاب في أوروبا جيل كيرشوف. وتهدف العملية إلى مزيد مراقبة المجال الاتصالي والمعلوماتي في الدول الأوروبية وتبادل المعلومات بشكل فوري حول تحرك الرسائل والمحتويات والطرق. وقد عرف عن العناصر التي تنشط في مجال الدعاية الجهادية أنها على دراية تامة بتقنيات التواصل الافتراضي وإنتاج المقاطع الدعائية والصور وهو أمر من شأنه أن يجذب حماسة الشباب العامل الذي تحاول الجماعات الجهادية أن تكسبه بكل جدية.
وفي سياق تفسيره لجوهر الآلية الجديدة التي اقترحتها الأجهزة الأوروبية لمكافحة الخلايا الجهادية المتشددة قال جيل كريشوف إنه من بين أدوات الدعاية المضادة التي ستقوم بها السلطات الأوروبية أنها قد تبث “على سبيل المثال مقابلات لجهاديين محبطين عائدين من سوريا صدمتهم الأعمال التي يقوم بها مرضى يتلذذون بالعنف” أو أن الأمر لم يعد يتعلق بالإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد وإنما بمكافحة مجموعات متمردة متنافسة من نفس الفصيلة الإسلامية المتطرفة (مثل جبهة النصرة).
وأوضح أن هذا المشروع لم ينته إعداده بعد لكن المفوضية الأوروبية تتوقع تخصيص مليون يورو على مدى 18 شهرا للتعاقد مع خمسة أو ستة خبراء يعملون في وزارة الداخلية البلجيكية بحسب الصحيفة.
وبجانب هذا الإجراء الجديد الذي من المحتمل أن يوافق عليه البرلمان الأوروبي تحت ضغط الأحداث الأخيرة في فرنسا (حادثة شارلي إيبدو) وفي السويد (حرق مساجد للمسلمين من قبل متطرفين سويديين) فإن العديد من الدول الأوروبية اتخذت سابقا ولا زالت العديد من الإجراءات القانونية لمنع انتشار الظاهرة الجهادية المتشددة وعودة الجهاديين ذوي الخبرة القتالية من الأراضي السورية والعراقية. فقد عمدت بريطانيا القيام بتنقيح في إحدى وثائقها القانونية المتعلقة بالجنسية حيث تم إقرار عقوبة سحب الجنسية من كل شخص ضالع في القيام بمهام إرهابية سواء داخل بريطانيا أو خارجها.