ضيوف الحضرة الإلهية

عبد الإله عبد القادر الجنيد

 

 

ما أعظمَ عطاءاتِ الله لخَاصَّة أوليائه وأحبَّته النجباء! أُولئك الذين دعاهم ربّهم إلى خَيرِ تجارة: تنجيهم من عذابٍ أليم، وشقاءٍ مقيم في نار الجحيم، وتضمن لهم حياة السعداء في جنات المأوى.
استجابوا لله ربِّهم بإيمانٍ صادق، ومحبّةٍ خالصة، ويقينٍ راسخ، وتسليمٍ تامّ. جاهدوا في سبيل الله، ونصروا المستضعفين، وسارعوا إلى مغفرةٍ من ربّهم وجنةٍ عرضها السماوات والأرض—تلك الجنة التي لا تُنال إلا بالبذل والعطاء، والتضحية والفداء.
فطوبى لهم؛ إذ باعوا أنفسَهم لله، وأعاروه جماجمَهم، فرضي عنهم واشترى.
هناك، في ميادين الحق، اصطفى منهم الشهداء. فربحوا البيع، وخصّهم الله بالاصطفاء، وكانوا هم الفائزين حقًّا.
إنهم أحبّاء الله، وخَاصَّة أوليائه الأتقياء، الذين هداهم الله إلى نوره وصراطه المستقيم، فاستحبّوا الهدى على العمى، فزادهم هُدى.
أُولئك الذين أبصروا العاقبة بقلوبٍ سليمة، وأدركوا حقيقة السعادة الأبدية وفضل الله العظيم، فبادروا من فورهم إلى الله ورسوله، وأوليائه من أعلام الهدى، بالولاء والتسليم، على منهج القرآن الكريم.فـعَظُمَ اللهُ في قلوبهم
، فهانت في أعينهم الحياةُ الدنيا؛ فمتاعُها قليل، وعاشقُها ذليل.
أكرمهم الله، وقد وهبوا أنفسَهم رخيصةً له، وبذلوا دماءهم تقرّبًا لربّهم ونصرةً لدينهم، إعلاءً لكلمة الله الرحيم.
ضحّوا لتحيا أمتهم كريمةً عزيزة؛ فسطّروا أعظم الملاحم البطولية ردًّا لكيد الظالمين، ودفعًا لمخاطر الأعداء ومؤامراتهم.
بَيْدَ أن الأعداء لا يزالون بأمة الإسلام ودين الله القويم متربّصين، وللقدس والأقصى غاصبين، ولأبناء الأُمَّــة في غزة وفلسطين وجنوب لبنان والعراق وسوريا واليمن وإيران قاتلين ومحاصرين، وعلى كُـلّ أبناء الأُمَّــة متجبّرين.
فما كان من أولياء الله يومئذٍ إلا أن واجهوا الأعداء؛ ردًّا لكيدهم، وكبحًا لجماحهم، ودحرًا لمحور النفاق والطلقاء، وأيدي قوى الطغيان والإفساد في الأرض، ومنهم الجواسيس والخونة والعملاء.
وحين اشتدّ البأس، وحان اللقاءُ في ميادين النزال وساحات الوغى، أولى الله عبادَه الأصفياء بالتأييد والتمكين، وكتب النصرَ لمن نصره.
وفي معركة الإباء، ارتقى الشهداء إلى جوار الكرام، وعندهم أحياءٌ، لا يُقال لهم ماتوا، بل هم عند ربّهم يُرزقون.
فلما كانوا كذلك، استحقّوا من الله الأعلى الفضلَ والتكريم؛ فأكرم وِفادتَهم بما خصّهم به من تشريفٍ وتعظيم.
ومن أعظم فضل الله عليهم أن كتب لهم الحياةَ السرمدية الأبدية، مع الأنبياء والمرسلين، والشهداء والصديقين، وآل بيت نبيّه الطيبين الطاهرين.
إن الشهداءَ وحدَهم من عرفوا الطريق إلى ضيافة الله، فازوا بضيافةِ ربّ العالمين.. ضيافةٍ لا منتهى لها في جنّات الله، خالدين مخلّدين، إلى أبد الآبدين. ولهم فيها رزقُهم في كُـلّ وقتٍ وحين، وذلك فضلُ الله يؤتيه من يشاء، واللهُ واسعٌ عليم.
المجد والخلود لهم، وسلامُ الله ورحمتُه وبركاته عليهم في الأولين والآخرين، وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين.
نسألُ اللهَ العليَّ القديرَ أن يمُنَّ على الجرحى بالشفاء، وعلى الأسرى بالفرج القريب من كربهم، وظلم وبغي وطغيان المجرمين.
اللهم إنا ندعوك متضرّعين خاشعين: أن تختم لنا بالشهادة والرضا.
والحمد لله ربّ العالمين

قد يعجبك ايضا