من يتابع ما يجري في الجزر والسواحل اليمنية، يدرك تمامًا أن الإمارات تنفذ مشروعًا توسعيًا يخدم المصالح الإسرائيلية والأمريكية.
فما تقوم به دويلة الإمارات هو تنفيذ مباشر لأجندة استعمارية تسعى إلى السيطرة على الجزر والسواحل اليمنية، وعلى رأسها سقطرى وزقر وميون وباب المندب، بهدف إنشاء قواعد عسكرية تخدم المشروع الإسرائيلي في البحر الأحمر والمحيط الهندي.
المواقع التي كانت مهملة لعقود، تحولت فجأة إلى أهداف استراتيجية تتسابق عليها قوى الاحتلال الإقليمي والدولي، لأن من يسيطر على باب المندب والممرات البحرية اليمنية، يمتلك مفاتيح التأثير في واحد من أهم خطوط الملاحة العالمية، ومن ثمّ مفاتيح الضغط على الكيان الصهيوني وحلفائه.
الإمارات اليوم تلعب دور اليد الطولى للمشروع الصهيوني الأمريكي في البحر العربي والبحر الأحمر. فما تفعله في سقطرى من بناء قواعد، وفي ميون من إنشاء مهابط عسكرية، وفي زقر من تحويل الأرض إلى مواقع مراقبة ورصد، ليس إلا حلقة من حلقات هذا المشروع. الهدف الحقيقي ليس التنمية ولا ما يسمّى مكافحة الإرهاب، بل السيطرة على الجغرافيا اليمنية، وتحويل الجزر والسواحل إلى أدوات لضمان أمن إسرائيل وتأمين مرور سفنها التجارية والعسكرية بعيدًا عن التهديد اليمني.
ولم يكتفِ المحتل الإماراتي بالعبث بالسيادة، بل امتدت يده لتدمير البيئة النادرة في سقطرى، وقطع أشجارها، وإبادة طيورها وحيواناتها الفريدة، في جريمة بيئية لا تقل بشاعة عن الجرائم السياسية. وما يحدث هناك ليس نهبًا للثروات وتدميرًا للبيئة فحسب، بل محاولة لفصل الجزيرة عن هويتها اليمنية الأصيلة، وإحلال ثقافة دخيلة غريبة عن المجتمع السقطري العريق.
من هنا يمكن فهم الهوس الإماراتي بالجزر اليمنية؛ فالقواعد في سقطرى وميون وزقر لا تهدف إلى حماية خطوط الملاحة كما يُروَّج، بل إلى تحييد الدور اليمني وإغلاق الورقة البحرية التي أربكت الحسابات الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة، خصوصًا خلال معركة طوفان الأقصى.
الإمارات لا تتحرك بمفردها، بل تنفذ ما يُملى عليها من واشنطن وتل أبيب، وتقدّم الأرض والبحر اليمني كخدمة مجانية لحماية الكيان الصهيوني وتنفيذ مشروع إسرائيل الكبرى. إنها تحاول أن تجعل من الجزر اليمنية درعًا إسرائيليًا أمام صواريخ اليمن وطيرانه المسيّر، وممرًا آمنًا للسفن الأمريكية التي لم تعد قادرة على الإبحار بحرية في البحر الأحمر، وكذلك منطلقاً للصواريخ والطيران في إي معركة تُشن ضد الشعب اليمني.
لكن من يقرأ التاريخ يدرك أن هذه الأرض لا تُستباح، ولا يطول بقاء المحتل عليها. فاليمن اليوم لم يعد ذلك البلد الضعيف الذي تُنهب سواحله وجزره دون ردّ. لقد أصبح يمتلك قوة بحرية وصاروخية باليستية وفرط صوتية قادرة على ضرب الأهداف في عمق البحر والمحيط، وقادرًا على حماية سيادته ومياهه من أي معتدٍ. وما جرى للبحرية الأمريكية في البحر الأحمر من خسائر وضربات متلاحقة كان رسالة تحذير عملية لكل من يظن أنه يستطيع فرض واقع احتلال جديد على اليمن.
فليعلم الطامعون أن الجزر والسواحل اليمنية في البحر الأحمر والعربي والمحيط الهندي لن تكون بوابة للهيمنة، بل مقبرةً لأطماعهم. وسقطرى وميون وزقر ستبقى يمنية عصيّة على الاحتلال، كما بقي اليمن عبر التاريخ عصيًّا على كل الغزاة. ومن يتجاهل هذه الحقيقة فليتذكّر أن باب المندب الذي حاولوا السيطرة عليه قد أصبح بيد أمةٍ تعرف جيدًا كيف تحرس أرضها وتدافع عن كرامتها.
 
  
		       
		  
		  
  
		  
			 
