أكثر من أسبوعين على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وما يزال الجوع ينهش في أجساد الغزيين في ظل سياسة العصا والجزرة التي يتبعها كيان العدو الإسرائيلي في تعاطيه مع ملف المساعدات الغذائية والإغاثية والإيوائية الطارئة لأكثر من مليونين ونصف مواطن في قطاع غزة، والتي ما يزال يقف حجر عثرة أمام تدفقها على القطاع وفق الخطة والبرنامج الزمني المحدد في الاتفاق وبالكميات المعلومة الغير خاضعة للاجتهادات وما يزال معبر رفح موصدا أمام إدخال المساعدات للقطاع على مرأى ومسمع العالم وفي مقدمتهم الوسطاء العرب والأمريكي الراعي الرسمي لهذا الاتفاق والمشرف على تنفيذه وكأن المسألة لا تعنيهم لا من قريب ولا من بعيد.
هذه المماطلة والعرقلة الإسرائيلية لإدخال المساعدات، تأتي مصحوبة بمماطلة مماثلة وتعنت واضح من جانب الكيان في إدخال الجرارات والمعدات الثقيلة الخاصة برفع الأنقاض والمساهمة في انتشال جثث ما يقارب من عشرة آلاف شهيد ما تزال جثثهم تحت أنقاض منازلهم المدمرة منذ أشهر طويلة، في تصرف يعكس النفسية الصهيونية المريضة والمأزومة، ويتنافى مع مضامين الاتفاق ذات الصلة والتي لم ينفذ منها إلا ما يخص انتشال جثث الأسرى الصهاينة الذين قتلوا جراء الغارات الإسرائيلية التي استهدفت المناطق التي كانوا يتواجدون فيها، وهو ما يشكل تهديدا خطيرا لهذا الاتفاق.
أضف إلى ذلك الخروقات المتواصلة التي يرتكبها هذا الكيان بتوجيهات مباشرة من قبل المجرم نتنياهو والتي لم تتوقف والتي خلفت مئات الشهداء والجرحى والتي تشكل التهديد الأكثر خطورة لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتقلص من فرص استمراريته وخصوصا في ظل الوقاحة الإسرائيلية والمبررات الكاذبة لذلك، والتي لا أساس لها من الصحة، وإنما تندرج في سياق المغالطات الإسرائيلية، وثقافة الغدر والمكر والخيانة التي نشأ اليهود الصهاينة وتربوا عليها، والتي باتت سمة خاصة بهم على مر العصور.
وزد على ذلك لجوء الموساد الإسرائيلي إلى تحريك أذنابه وأدواته في الداخل الفلسطيني الغزاوي منذ اللحظات الأولى لدخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وتكليفهم بتدشين مسلسل الاغتيالات لرموز وقادة المقاومة وفرسان الصمود في قطاع غزة بكل دم بارد، في مخطط شيطاني يسعى لاستهداف القيادات والكوادر التي كان لها الحضور البارز في المشهد الغزاوي السياسية منها والإعلامية والعسكرية والاجتماعية والتي فشل الإسرائيلي في استهدافها على مدى العامين من القصف والتدمير والإجرام والتوحش، والتشنيع على المقاومة لقيامها باستهداف هذه الخلايا التجسسية العميلة التي لا تقل خطرا عن جنود كيان العدو الصهيوني، والمطالبة بإيقاف حملات التعقب والاعتقال والاستهداف لهم والتي تمثل حقا مشروعا للمقاومة لا غبار عليه على الإطلاق.
كل هذه المعطيات السالفة الذكر تكشف عن نوايا إسرائيلية شيطانية، تهدف إلى انفراط عقد هذا الاتفاق والعودة إلى حرب الإبادة وسياسة التجويع والتهجير بحق أهالي قطاع غزة الذين كانت سعادتهم غامرة، وفرحتهم بوقف إطلاق النار لا توصف، وكانت مشهدية عودتهم إلى مناطقهم والإقامة على أنقاض منازلهم أو على مقربة منها عصية على الوصف، تحكي عن مدى ارتباطهم بأرضهم وتمسكهم بحقهم المشروع في العيش والإقامة فيها وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، والتي تعد من الثوابت التي لا يمكن التفريط بها أو المساومة عليها مهما كان الثمن .
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو أين دور الوسطاء العرب من كل ما سبق ذكره من انتهاكات إسرائيلية خطيرة تهدد بنسف الاتفاق بالكلية؟! لماذا تلزم مصر وقطر الصمت تجاه تنصل الكيان عن إدخال المساعدات الإغاثية المنصوص عليها في الاتفاق؟! لماذا لم يصدر أي بيان مشترك للوسطاء العرب يدين الانتهاكات الإسرائيلية السافرة لاتفاق وقف إطلاق النار؟! لماذا كل هذه السلبية المفرطة؟! وأين الوسيط الأمريكي صاحب الخطة والمشرف على الاتفاق، والضامن على الكيان من كل ما سبق ذكره؟! لماذا كل هذه (الدعممة) واللا مبالاة التي تمثل إساءة لهم، ومعيبة في حقهم ؟!!
خلاصة الخلاصة : لا عهد ولا ميثاق لليهود الصهاينة، الغدر من شيمهم، والمكر والخديعة من صفاتهم، وكان الله في عون الإخوة في حركة حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية، فالحمل عليهم ثقيل، والضغوطات التي تمارس عليهم أثقل، والتحديات الماثلة أمامهم صعبة، وعليهم أن يكونوا أكثر حيطة وحذرا، فالمؤامرة كبيرة جدا، وعليهم تطهير القطاع من رجس العملاء والجواسيس وأن يحافظوا على الحاضنة الشعبية في غزة، وليثقوا بأننا في اليمن معهم وإلى جانبهم ولن نخذلهم أو نتركهم لوحدهم بإذن الله وعونه وتوفيقه، هذا هو عهدنا ووعدنا لهم .
والعاقبة للمتقين .
