مقابر بلا أسماء وألم لا يزول: غزة تستقبل رفات الشهداء المفقودين بعد عامين من الحرب

الثورة نت/..

مع كل فجر جديد، تصل سيارات الإسعاف تباعًا إلى ساحة مجمع ناصر الطبي في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، حاملة أجساد الشهداء الذين أعيدوا من داخل الأراضي المحتلة عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ضمن تفاهمات الهدنة التي دخلت حيّز التنفيذ في العاشر من أكتوبر الجاري.

في الساحة الخارجية للمستشفى، تتعالى أصوات التكبير ممزوجة بالبكاء، فيما يفتش الحضور عن ملامح مألوفة داخل أكياس سوداء تحمل رفات أحبائهم الغائبين منذ الحرب، عيونهم معلقة بالفراغ بحثًا عن أي أثر قد يكون الخيط الأخير الذي يربطهم بمن فقدوا.

داخل المجمع، خُصصت قاعة صغيرة تحولت إلى “محكمة للذاكرة”، حيث تُعرض على شاشة كبيرة صور لجثامين أعيدت دون هوية، بينما يصف الأطباء ما تبقى من ملامح أصحابها: “شهيد يرتدي بلوزة حمراء… آخر يحمل ساعة يد… ثالث عليه أثر رصاصة في الصدر”.

تغرق العيون في تفاصيل الصور، علّ قميصًا أو خاتمًا أو ظل وجه مألوف يعيد اسمًا من تحت التراب. بعد كل عرض، تجهش بعض الأمهات بالبكاء، فيما تظل أخريات يتلّين آيات من القرآن، يناجين ربّهن أن يهديهن إلى إشارة.

في زاوية من القاعة، تجلس أم عبيدة، تحمل صورة قديمة لابنها مصطفى الذي فُقد في السابع من أكتوبر 2023. تقول لوكالة ” قدس برس” : “ابني طلع من البيت الساعة سبعة الصبح، ومن وقتها اختفى… كنت بنتظر يرجع حي، بس اليوم بتمنى أشوفه آخر مرة وأودّعه”.

وقد أعلنت وزارة الصحة أن معظم الجثامين المستلمة تحمل آثار تعذيب وحرق وإعدامات ميدانية، فيما لاحظت فرق الطب الشرعي وجود آثار تقييد بالأغلال وطلقات نارية عن قرب، إضافة إلى بتر بعض الأعضاء البشرية بطريقة دقيقة.

وأوضح أحد الأطباء أن “نتائج التشريح أثبتت سرقة أعضاء مثل القرنية والكلى والكبد، ما يوحي بوجود عمليات قتل ممنهجة لأغراض طبية وتجريبية”.

من بين مئات الجثامين، تمكن ذوي ستة شهداء فقط من التعرف عليهم، فيما لا يزال مصير 165 جثمانًا مجهولًا.

وخصصت وزارة الصحة عشرة أيام للعائلات للتعرّف على الشهداء عبر منصة رقمية، قبل دفنهم في مقابر جماعية تحمل أرقامًا بدلاً من الأسماء.

قد يعجبك ايضا