استطلاع/اسماء البزاز- زهور السعيدي –
مستقبل المرأة الوظيفي بالغربة في الغرب وأوروبا يرتبط بنزع الحجاب
عدم إجادة اللغة من التحديات الكبيرة أمام المغتربين للبحث عن فرصة عمل
من المؤلم ان يترك الانسان تربة وطنه التي تمرغ بها في طفولته ونما على نكهة اطيافها بين أوساط اسرته واقرانه وابناء جلدته وتحت هموم الحياة المتعددة والتي جعلت خيار الاغتراب الحل الامثل امامه رغم مرارته وأوجاع رناته.. ولكن يرى المغترب ان ذلك المشوار سينتهي يوما ما بالسعادة المعيشية التي سوف يحققها في الغربة بعد ان ظل يحلم بها طوال فترة غربته دون ان يتصور بأن حياته في موطن الاغتراب ستكون مليئة بالتغيرات التي قد يصادفها وهي امور لم يضع لها حسباناٍ لأن الاغتراب يتطلب الصبر والتكيف مع مجتمع موطن الاغتراب لهذا يلاحظ ان البعض يصمد والبعض الآخر يعود إلى وطنه دون تحقيق أي شيء نتيجة عدم الشعور بالانسجام والتناغم مع عادات وتقاليد بعض الدول وخصوصا غير الناطقة بالعربية وهذا ما سنطرحه من خلال الاستطلاع التالي:
إن مسألة ان يترك الانسان وطنه وأرضه وأهله ليس بالأمر السهل لأن الغربة كربة بكل ما تعنيه الكلمة.. هكذا استهل المغترب اليمني في المملكة العربية السعودية محمد الريمي حديثه عن احدى المشاكل التي يواجهها المغترب في دول الاغتراب معتبرا بالقول: ان تجربتي في الاغتراب في دولة خليجية قريبة من عاداتنا وتقاليدنا وثقافتنا هو اهون بكثير حال غربتي سابقا في عدد من الدول الاوروبية ولهذا فان ابرز ما نعانيه هي ضغوطات نفسية واجتماعية تكمن في عدم التكيف الانساني في بيئة جديدة واناس لم يعتد عليهم ولا يمتون إليه بصلة بالاضافة إلى صعوبة الحصول على فرص العمل وربما ان وجدت فقد تكون تكاليفها ومخرجاتها نسباٍ ضئيلة جدا لا تلبي التكاليف المعيشية والمستلزمات الحياتية خاصة لأولئك الذين لم يتمكنوا من الحصول على مؤهلات علمية عالية أو ثقافة العمل والاتجار وهذا من شأنه أن يسهم في خلق بيئة محبطة تؤثر في عدم تقبل المغترب للنمط المعيشي الجديد في دول المهجر.
صعوبة اللغة والانطوائية
أم أمة العزيز سالم – الصين تقول: قدمنا إلى الصين والعيش فيها بغرض العمل والتجارة لا أقل ولا أكثر أنا وزوجي وأولادي الثلاثة ولكنني أشعر بأني مقطوعة من شجرة لا أهل ولا جيران ولا أصدقاء هناك فالصينيون لهم عاداتهم ولغتهم المعقدة فلا أستطيع التكيف معهم ولا التخاطب ولا حتى فهمهم وكذلك أولادي فتدور الأيام والشهور ونحن في غرف وزوايا منطوية تأسرنا الوحدة والغربة معاٍ وهكذا هو حال زوجي مرابطاٍ في ميدان عمله لـ24 ساعة متواصلة في الأغلب بحجة العمل المكثف والشغل المتضاعف.
وأضافت أم أمة العزيز: على الرغم من المدة الطويلة التي قضيناها فقد حالت اللغة الصينية والعادات المختلفة بين فكرة اندماجنا في عالم العمل والعلم والمشاركة في مختلف النشاطات الحياتية والاجتماعية لننتظر ونعد الساعات والثواني لحال عودتنا إلى أرض الوطن.
ويخالفها في ذلك المغترب عبدالكريم العداني – دولة الكويت بقوله: أنا لا أنكر بأن الاغتراب له تأثيرات نفسية واجتماعية وثقافية جسيمة وأن الناس ما لجأت إلى الاغتراب إلاِ لتحسين ظروفها المعيشية هذا على الغالب ومن هنا أو هناك لا بد لها من التكيف مع بيئتها الجديدة حتى تتمكن من العطاء والعمل والاستثمار بما يعود لها وللوطن بكل خير لتجعل كل ما تعلمته وضعته لخدمة النهوض بمستقبل وطنها الأم.
موضحاٍ: أنا شخصياٍ تلاءمت مع بيئة أرض الكويت أهلاٍ وشعباٍ وتمكنت من إنماء مشواري العملي والفني وإقامة علاقات طيبة مع مختلف الجاليات اليمنية والعربية وهذا من شأنه أن يعزز من روح الإخاء يبدد نوعا ما شعور الغربة ولنا في قوله تعالى خير دليل:”وجعلناكم شعوباٍ وقبائل لتعارفوا” فالإنسان هو من يقرر لنفسه العزلة والانطواء أو الإبداع والانطلاق.
غياب الجهات المعنية
أما بكيل ناشر فهو يحمل الجهات المعنية المسؤولية في إهمال الرعاية والاهتمام بالمغتربين وعدم متابعة قضاياهم ومشاكلهم مع الجهات المختصة في دول المهجر أو مناقشة القضايا المتعلقة سواء بشؤون الإقامة أو المحاكم أو المودوعين في السجون تحت أسباب عديدة أو من ناحية العقبات التي تقف أمامهم دون الحصول على حقوقهم وهنا لا بد من وضع استراتيجية معينة من قبل وزارة المغتربين بالتنسيق مع المسؤولين والمعنيين بالجاليات اليمنية المقيمة في دول المهجر بالاطلاع الدائم والمتكرر لما يعانونه ويحتاجونه ليصبح للمغترب اليمني قيمة وأهمية تحترمه الشعوب لاحترام وطنه له أما التهميش أو اللامبالاة وعدم مصداقية تحمل المسؤولية تجاه قضايا المغتربين فهذا ينعكس سلباٍ على هيبة دولة المغترب ويؤدي إلى فقدان حقوق المغترب في دولة الاغتراب.
نزع الحجاب
أما أحلام ياسين فمعاناتها من نوع آخر حيث قالت لنا: الحمد لله عندي شهادة علمية ومؤهلات عديدة ولكن العادات والتقاليد المجتمعية في الدول الأوروبية هي من تتحكم بمستقبلنا العلمي كمغتربات على سبيل المثال لقد تقدمت للعمل في مختلف المؤسسات والشركات الاستثمارية هناك ولكن دون جدوى فهم يطلبون في نزع الحجاب حتى يتفق ذلك مع معايير وشروط تلك الجهات وإذا لم أفعل ذلك فليس له أي عمل مثمر يتوافق مع نوعية دراستي ولهذا فأنا أحاول أن أجد لي هناك أي عمل يتناسب مع تعاليمنا الإسلامية وثقافة عاداتنا وتقاليدنا اليمنية وأوضحت ياسين: ولست أنا وحدي من يعاني من ذلك بل العديد من اليمنيات الملتزمات منهن من قد ترضخ لشروط العمل ومنهن من ترفض وتبقى في غالب الأحيان أسيرة ربوع منزلها.
المغتربون في أمريكا
ومن جهته يقول الأكاديمي الدكتور أحمد العباسي وهو مغترب سابق في ولاية كاليفورنيا الأمريكية: إن الكثير من اليمنيين يحلمون بالاغتراب في الولايات المتحدة الأمريكية وذلك لما لهذا البلد من فرص عمل وظروف ملائمة لتحصيل لقمة العيش وكذا فرص التجنس والتمتع بالحقوق والامتيازات التي لا يتمتع بها مواطن دول العالم الثالث بشكل عام ومنها اليمن ومن خلال تعايشي مع الجاليات اليمنية في أمريكا مثل ولاية نيويورك وميتشجن وكاليفورنيا لم تقم الجالية بدورها المأمول في تنظيم شؤونها وتحسين ظروف معيشتها من خلال الاندماج بالمجتمع الأمريكي والتفاعل بشكل إيجابي مع مجمل الفعاليات الاجتماعية والثقافية والسياسية بل أن دورها محدود جداٍ وناشئاٍ غير أن الشكر موصول لأولئك المخلصين الموجودين في ولاية ميتجشن على دورهم المبذول في تحسين أوضاع الجالية هناك.
وأوضح العباسي: أن المغتربين اليمنيين في ولاية كاليفورنيا يعيشون وضعاٍ مأساوياٍ في شتى الجوانب التعليمية والاجتماعية والثقافية فمعظم اليمنيين الذين تتواجد عائلاتهم معهم ولديهم أولاد في سن الدراسة يواجهون تحديات كبيرة في ما يتعلق بتعليم أبنائهم والاهتمام بجوانب تنشئتهم وذلك يرجع إلى افتقار الجالية إلى العمل المؤسسي ووجود نخبة متعلمة تعمل على السعي لفتح مدرسة أو مدارس أو مركز ثقافي للجالية هناك.
وأضاف: وليس هذا فحسب بل أن الجالية منسية من قائمة اهتمام الجهات الرسمية في السفارة وإن وجدت قنصلية في غرب أمريكا فإنها بحسب معلوماتي الأكيدة لا تقوم إلا بدورها الروتيني الإداري البحث الذي لم ولن يخفف من المعاناة التي يتجرع مرارتها المغتربون.
أبرز الصعوبات
وأشار العباسي إلى أن أبرز صعوبات المغترب اليمني في الدول الأوروبية والغربية وأولها أمريكا هو:
– انخراط أبناء الجاليات اليمنية في أعمال تشغلهم معظم أوقاتهم مما يجعلهم بعيدين عن الاهتمام بأسرهم وأولادهم.
– عدم اتقان الكثير منهم اللغة الانجليزية حيث أن عدداٍ كبيراٍ منهم مر على اغترابه أكثر من عشرين سنة ولا يستطيع التحدث أو الكتابة باللغة الانجليزية.
– التقوقع وعدم المشاركة والتفاعل الإيجابي مع المجتمع رغم سهولة التكيف والتفاعل مع غالبية المجتمع الأمريكي المعروف بالانفتاح.
– عدم تشجيع جيل الأبناء على مواصلة التعليم والاستفادة من فرص التعليم الكثيرة والمتنوعة.
– الزج بالمرأة اليمنية في أعمال لا تتناسب مع مكانتها وعدم تشجيعها على تعلم اللغة واكتساب بعض المهارات والخبرات التي تساعدها في الاهتمام بأولادها ورعايتهم بشكل أفضل.
– عدم قدرة كثير من قبل الآباء على التعامل بطريقة تربوية سليمة مع الأبناء الذين تربوا في المهجر ويجهلون طبيعة العلاقة التي ينبغي أن تكون بين الآباء والأبناء مما يسبب الكثير من المشاكل الاجتماعية المؤسفة.
– جهل أبناء الجالية بواجباتهم وحقوقهم وعدم وعي الكثير بوجود فرص عمل كثيرة يمكن من خلالها تحسين أوضاعهم المعيشية والاجتماعية.
– إصرار بعض أبناء الجاليات على عدم التخلي عن بعض العادات السيئة الموجودة في اليمن وعدم الارتقاء بتفكيرهم ومستوى حياتهم مثل القات والنزعة المناطقية الموجودة عند البعض.
– عدم وعي الكثير بالطريقة المثلى للاستثمار في أرض الوطن أو في المهجر.
– شعور كل المغتربين بعداٍ وجود جهات رسمية ترعاهم كالسفارة مثلاٍ مما شكل إحباطاٍ كبيراٍ خصوصاٍ عندما يلمسون اهتمام كثير من الدول برعاياها رغم عددهم القليل.