في ذكرى مولد الرسول الأعظم



الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أما بعد في مثل هذه الأيام من كل عام من شهر ربيع الأول الشهر الكريم الذي فضله الله على سائر الشهور وأختصه بميلاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحلو الحديث عن الحبيب محمد صلى الله عليه وآله وسلم بل وفي كل يوم وساعة ما أحسن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي هذه الأسطر تعالوا نأخذ جانباٍ من جوانب حياة الحبيب محمد صلى الله عليه وآله وسلم ونبدأ من الميلاد الروحي لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ألا وهو نزول الوحي على النبي فلو كان ميلاد النبي الجسدي ميلاداٍ لرسول الله فإن هناك ميلاداٍ آخر يتحدث عنه العلماء وهو الميلاد الروحي ونزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والجميع يعلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم منذ صباه نشأ سليم العقل وافر القوى نزيه الجانب فترعرع وشب ونضج وهو جامع للصفات الحميدة والشيم النبيلة وكان أعلى قمة من البر والإحسان كما قال عمه أبو طالب:
وأبيض ليستسقى الغمام بوجهه
ثمال اليتامى عصمة للأرامل.
وقد حاطه الله بالرعاية والحفظ وبغض إليه ما كان في قومه من خرافة وسوء فلم يسهر أعياد الأوثان واحتفالات الشرك ولم يأكل مما ذبح على النصب أو أهل به لغير الله وكان هناك بارياٍ يحدوه إلى الخلوة والانقطاع فأخذ يخلوا بغار حراء يتعبد الله فيه على بقايا دين إبراهيم الخليل وذلك من كل سنة شهر وهو شهر رمضان فإذا قضى جواره بتمام الشهر أنصرف إلى مكة فطاف بالبيت ثم يعود إلى داره وقد تكرر ذلك منه ثلاث سنوات فلما تكامل له أربعون سنة وهي سن الكمال ولها بعثت الرسل بدأت طلائع النبوة وتباشير الصباح في الظهور وذلك في رمضان من السنة الحادية والأربعين وهو معتكف بغار حراء يذكر الله ويعبده جاءه جبريل عليه السلام بالنبوة والوحي ففي الحديث: أول ما بدأ له رسول الله من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء حتى جاءه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال اقرأ قال ما أنا بقارئ قال فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ قلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ فقلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطنى الثالثة ثم أرسلني فقال: (اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم) فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرتجف فؤاده فدخل على زوجته خديجة رضي الله عنها فقال زملوني زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع ثم انطلقت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل وكان على النصرانية فسمع من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره النبي خبر ما رآه: فقال له ورقة هذا الناموس الذي نزل على موسى بالنبي يا ليتني فيها جذعاٍ ـ أي قوياٍ ـ ليتني أكون حياٍ إذ يخرجك قومك ثم ما لبث أن مات ورقة بن نوفل هذه هي الآيات الأولى والقطرات التي بدأ بها سيل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الماء الذي نزل على قلوب الصحابة فأحياها وأخرج فيها خير نبات ألا وهو نبات التوحيد والإيمان بالله رباٍ وبمحمد نبياٍ ورسولاٍ.. ولنقف هنا وقفة مع واجبنا تجاه المصطفى في ذكرى مولده.
إن الواجب على أمة محمد في ذكرى ميلاد النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ليس الاحتفال فقط فبعض الناس يقتصر ذكرهم لميلاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على تعليق الزينة وبعض الأغاني والأناشيد وأكل الحلوى ولكن هل يليق بأمة كانت ميتة قبل رسول الله تعبد الأصنام وتشرب الخمر ويأكل القوي فيها الضعيف ثم جاء رسول الله وأحياها وعلمها الحياة والإيمان والصلاح والبر والتقوى وأخذ بأيدي الناس إلى دين الله أن يكون ذلك هو ما يقدمونه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلا والله إن أمة محمد من ذكرى مولده يجب عليها أن تحيي سنة النبي ودين النبي وأوامر النبي تأخذ بكتاب الله الذي أوصا بها نبينا به فقال (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدى كتاب الله وسنتي) يجب أن تكون بيوتنا على مراد النبي محمد يجب أن نحيا ونموت ونعمل على ما عاش ومات عليه رسول الله من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجب أن يكون القرآن وسنة النبي هي مرادنا من الحياة والممات نحيي ذكرى النبي في البيوت نحيي ذكرى النبي في الشوارع والمصانع والمساجد عملاٍ وأخلاقاٍ وإنتاجاٍ وصلة بالله تعالى وأن نصلح ما فسد من أخلاقنا ومعاملاتنا على ضوء ما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم نسأل الله أن يردنا إلى دينه وأن يحفظ اليمن ومصر وجميع بلاد المسلمين وأن يعيد علينا هذه الأيام بالخير واليمن والبركات إنه قوي مجيب الدعوات.
● عضو البعثة الأزهرية باليمن

قد يعجبك ايضا