الاحتفال بمولد الهادي البشير يأتي شكرا لله

استطلاع/ أمين العبيدي –

> على نعمة الإسلام استذكارا لفضل أعظم الأنبياء

نستنشق هذه الأيام عبير ميلاد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم الذي بمولده وْلد الهدى وامتلأ الزمان والوجود وكل الكائنات ضياء وتبسم فم الزمان بالثناء والفرح ..
وها نحن في يوم 12 ربيع الأول أعظم يوم طلعت فيه الشمس منذ أن خلق الله الأرض والسموات وقال لها وللأرض وهي دخان ائتيا طوعاٍ أو كرهاٍ قالتا أتينا طائعين ..ننقل لكم آراء وانطباع عدد من العلماء والدعاة عن هذه الذكرى العطرة ..فإلى الحصيلة:

? في البداية يقول الدكتور خالد أحمد الحوباني -أستاذ علم التفسير وخطيب مسجد الأنوار- عن فضيلة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف:
– نحتفل بمولد هذا النبي العظيم فهو من أتى يحمل النور للإنسانية التائهة الضالة الغارقة في الخرافات والضلالات والأزمات المتلاحقة والمصائب المتعاقبة والفتن في دينها ودنياها .. جاء ومعه الدواء لكل أمراض البشر.
ويؤكد الحوباني أن عظمة هذا اليوم تأتي من كونه مقترناٍ بمولد أعظم إنسان وحامل أعظم رسالة وقرآن عظيم من رب عظيم إلى أمة عظيمة وما الاحتفال بمولده إلا شكراٍ على هذه النعم واستذكاراٍ لفضل الله ورحمته وقد قال الله سبحانه وتعالى: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرَ مما يجمعون). آل عمران.
ويضيف: لقد احتفل الكون بمولد نبينا نبي الرحمة المهداة وكان أمره كله معجزات .. منذ إرهاصات ميلاده وسيرته قبل بعثته ونشأته وهو الصادق الأمين قبل نبوته.. والأكثر إعجازاٍ علمه مع أميته والأعجب من ذلك خلقه وخلقه ففي ميلاده ظهرت من الإرهاصات الغيبية التي حكاها الحاكي ورآها الرائي فاخضر الزرع ودر الضرع وشبعت الحيوانات ونمت الأموال وأضاء الكون وخمدت نار فارس واندك إيوان كسرى ونْكست الأصنام..
ويضيف أن من معجزات هذا النبي أنه جعل من قبائل العرب المتناحرة المتنافرة واحدة وجعل من تفرقهم أمة ومن جهلهم علم وعلمهم ما لم يكونوا يعلمون .. وجاء بقرآن لا تقتضي عجائبه ولم تنته غرائبه وهو الأمي الذي ما كان يتلو من كتاب من قبله ولا يخط بيمينه إذاٍ لارتاب المبطلون ..
“نموذج للقيم الخالدة”
ولم تقتصر عظمة هذا النبي– يقول الحوباني- على إبلاغ رسالة الله إلى الخِلúق دون أن يْقدم أنموذجاٍ مجسداٍ لهذه القيم وقد تربى بهذه القيم فكان دعوة تنطق وقرآناٍ يمشي حتى قالت عائشة -رضي الله عنها: (كان خْلْقْه القرآن) .. وقال عن نفسه: (أدبني ربي فأحسن تأديبي) وهكذا تربى وربى جيلاٍ متكاملاٍ على يده ليْشكل أنموذجاٍ مجتمعياٍ لمن خِلúفِهْم من الأمة فلم يكن النص هو الوسيلة والغاية لكنه -أي النبي صلى الله عليه وسلم- اعتبر إعمال النص وواقع التطبيق وإحداث التغيير الاجتماعي هو الهدف فكان هو المثال والصورة لهذه الدعوة.
وعن شخص الرسول الأعظم ومناقبه الإنسانية يقول الحوباني: إن في شخص نبينا الكريم العزاء لكل صاحب مصيبة ونقمة والعبرة لكل صاحب نعمة وعبرة فقد كانت مفاتيح الخزائن بيده وراودته الجبال أن تكون له ذهباٍ فلم ينشغل بها وزهد فيها وأراها من نفسه معنى الإيمان ولمن كان عاملاٍ مقابل أجر ويرى في ذلك وضاعة وسخرية فقد عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع السيدة خديجة رضي الله عنها عاملاٍ في تجارتها وقبلها كان قد رعى الغنم.
ولكل من نشأ يتيماٍ فقد رسول الله صلى الله عليه وسلم والده وهو في بطن أمه وفقد أمه وهو لم يبلغ الحلم بعد وعاش يتيماٍ وحيداٍ ليس له أخ أو أخت..
ولكل البائسين والفقراء فقد كان صلى الله عليه وسلم يْرقع ثوبه ويخصف نعله وكان ينحني ليدخل حجرته وقد أثر حصيرها على جسده وجنبه وكثيراٍ ما ربط بطنه من الجوع وعصبها بالحجر.
ولمن ابتلي بمرضُ فإن نبينا الكريم كان يتوعك كتوعك رجلين من أمته ولم يكن له ما يميزه على صحابته حتى أن الآتي يأتي مجلسه وهو بين صحابته فيسأل أين محمد ..
تواضع وإقدام
ويضيف الحوباني: إن في تواضع الرسول الكريم الكثير والكثير من الصور والأمثلة فقد كان عليه الصلاة والسلام يركب ناقته ويكنس داره ويْعين خادمه .. وفي حالة الشدائد والحروب أول من يتقدم الصفوف ويْشهر السيوف .. كيف لا نحتفل بمن هذا حاله وقد اختار ذلك اختياراٍ وليس اضطراراٍ..
وفي المقابل -يقول الحوباني- نذكر أن نبينا هو نفسه الذي قال الله تعالى له: (تبارك الذي إن شاء جعل لك خيراٍ من ذلك جناتُ تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصوراٍ) وقوله تعالى: (ولسوف يعطيك ربك فترضى) .. لكنه لم يضطر إلى المسكنة ولم يختر الدعة .. بل قال: (رب أحيني مسكيناٍ وأمتني مسكيناٍ واحشرني في جملة المساكين).
ولهذا قال تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراٍ) وبهذه الأسوة خلق من قريش أبطالاٍ لا يخافون في الحق لومة لائم قال تعالى: (رجالَ لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماٍ تتقلب فيه القلوب والأبصار) فكانوا ربانيين في توحيدهم ومحمديين في سلوكهم قال تعالى: (أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاٍ سجداٍ يبتغون فضلاٍ من الله ورضواناٍ).
“تعامل الرسول”
وعن التربية بالرفق والعطف والحب والحنان في حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تقول الأستاذة وردة يحيى شيبان بكالوريوس كلية التربية جامعة صنعاء إننا بحاجة أن نشيع الحب في تعاملنا مع أبنائنا ومع أزوجنا بل حتى في تعاملنا فيما بيننا وإن من مضامين الحب الرحمة والرفق.
وسأذكر جملة من الشواهد التي تدل على تعامل النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أصحابه وزوجاته بالرحمة والرفق والحب.
ونبدأ بهذا الحديث الذي يرسل فيه النبي علية الصلاة والسلام عبارات الحب الصريحة لأحد أصحابه وهو معاذ بن جبل واسمع لمعاذ وهو يحدث بهذا الحديث وكله غبطة وفرحة حيث يقول: إن رسول الله أخذ بيده وقال: (يا معاذ والله إني لأحبك والله إني لأحبك فقال أوصيك يا معاذ لا تدِعنِ في دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) انظر كيف يقول النبي صلى الله عليه وآله لأحد أصحابه: إني لأحبك ثم يكرر هذه العبارة بالقسم بالله جل وعلا: والله إني لأحبك..
وتشير شيبان أنه لم يكن هذا الخلق العظيم ألا وهو الرفق واللين والحب في النبي صلى الله عليه وسلم بعد البعثة بل كان متأصلاٍ في قلبه الرحيم حتى قبل مبعثه وقصة زيد بن حارثة أكبر دليل على ذلك ففي القصة أن حكيم بن حزام اشترى زيد بن حارثة لعمته خديجة بنت خويلد فلما تزوج رسول الله بخديجة وهبته له فتبناه رسول الله. فخرج أبو زيد وعمه لفدائه فلما وصلا لمكة سألا عن النبي صلى الله عليه وسلم وذهبا إليه وخاطباه بلغة راقية جداٍ قالا: يا ابن عبد المطلب يا ابن سيد قومه أنتم أهل حرم الله وجيرانه تفكون الأسير وتطعمون الجائع وتغيثون الملهوف وقد جئناك في ابن لنا عندك فامنْن علينا بفدائه فإنا سندفع لك في الفداء ما تشاء. قال رسول الله ومن هو¿¿ فقالا: زيد بن حارثة. فقال عليه الصلاة والسلام فهلا غير ذلك. قالا: وما هو¿¿ قال: أدعوه فأخيره فإن اختاركم فهو لكم وإن اختارني فما أنا بالذي أختار على من يختارني أحداٍ. فقالا: قد زدتنا على النصف وأحسنت.فدعاه و قال له هل تعرف هؤلاء¿¿ قال: نعم. قال: من هذا¿¿ قال: هذا أبي ومن هذا¿¿ قال: هذا عمي. فقال لزيد: فأنا من قد علمتِ فاخترني أو اخترهما.قال زيد: ما أنا بالذي يختار عليك أحداٍ أنت مني مكان الأب والعم!!!. فهل تظنون لو أن النبي كان قاسيا مع زيد أيختاره¿ إن زيد كان يحب رسول الله صلى الله علية وآلة وسلم فوق حبه لأهله لأن النبي أشعره بدفء الحب والحنان وقد تعلم الصحابة هذا الخلق ألا وهو “الحب” فنشروه بينهم فهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يصلي بالناس الفجر ثم يقول: أين معاذ¿ فيقول معاذ: ها أنا ذا يا أمير المؤمنين فقال عمر: لقد تذكرتك البارحة فبقيت أتقلب على فراشي حباٍ وشوقاٍ إليك. فتعانقا وتباكيا.
وتضيف شيبان أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تعامل مع كل من رباهم بالحب بمختلف أنواعه فمثلا الحب بالنظرة والحب باللمسة والحب ضمة فعن الحب بالنظرة تقول شيبان اجعل عينيك في عين ولدك مع ابتسامة خفيفة وقل له (أحبك يا فلان) وقد تجد استهجاناٍ واستغراباٍ من ابنك لأنه لأول مرة يسمع منك مثل هذه العبارة فلا تعجل عليه ولا تغضب منه.
“إن الحب لمسة”
وتدعو شيبان الآباء والأمهات أن يكثروا من لمس أيدي أبنائهم وليس من الحكمة إذا أتى الأب ليحدث ابنه أن يكون وهو على كرسيين متقابلين يْفضل أن يكون بجانبه وأن تكون يد الأب على كتف ابنه (اليد اليمنى على الكتف الأيمن). ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وآلة وسلم كان يلصق ركبتيه بركبة محدثه وكان يضع يديه على فخذيú محدثه ويقبل عليه بكله. وقد ثبت علمياٍ أن مجرد اللمس يجعل الإحساس بالود وبدفء العلاقة يرتفع إلى أعلى الدرجات.

“الحب ضمة”
وكذلك الحب بالضمة: فلا تبخلوا على أولادكم بهذه الضمة فالحاجة إلى الضمة كالحاجة إلى الطعام والشراب والهواء كلما أخذتِ منه فستظلْ محتاجاٍ له وكم من حديث فيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يضم أصحابه وكان أصحابه يسعدون بمثل هذه المعانقة.
فعن أنس أن رجلاٍ من أهل البادية كان اسمه زاهر بن حرام قال وكان النبي عليه الصلاة والسلام يحبه وكان دميما فأتاه الرسول صلى الله عليه وسلم يوما وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره فقال أرسلني من هذا فالتفت فعرف أنه النبي فجعل لا يألو ما ألزق ظهره بصدره حين عرفة وجعل النبي يقول من يشتري العبد فقال يا رسول الله إذا والله تجدني كاسدا فقال الحبيب لكن عند الله لست بكاسد أو قال لكن عند الله أنت غال, فانظروا لهذه المعانقة وهذا المزاح وهذا الرفق من سيد الناس مع رجل دميم من عامة الناس ثم يشجعه بقوله: لكن عند الله لست بكاسد.
” الحب قبلة”
الحب قبلة فالقبلة الصافية رحمة وشفقة وحنان وقد قبل الرسول صلى الله علية وسلم أحد سبطيه إما الحسن أو الحسين فرآه الأقرع بن حابس فقال: أتقبلون صبيانكم¿!! والله إن لي عشرة من الولد ما قبلتْ واحداٍ منهم!! فقال له رسول الله أوِ أملك أن نزع الله الرحمة من قلبك.
أيها الآباء إن القبلة للابن هي واحد من تعابير الرحمة نعم الرحمة التي ركز عليها القرآن (فِبمِا رِحúمِةُ منú اللِه لنúتِ لِهْمú وِلِوú كْنúتِ فِظاٍ غِليظِ الúقِلúب لانúفِضْوا منú حِوúلكِ) وأنت أيها الأب لو أغلظت على أبنائك سينفضون من حولك.
هذه وسائل الحب من يمارسها يكسب محبة من يتعامل معهم.

قد يعجبك ايضا