العديد ممن يطلقون على أنفسهم وصف المحللين السياسيين غابوا تماما، ودخلوا جحورهم بعد الأحداث الأخيرة في قطاع غزة، ووقف العدوان الصهيوامريكي على أهلنا هناك، حيث كان هؤلاء يعتقدون باستسلام المقاومة واحتلال القطاع كاملا، وتهجير الشعب الفلسطيني .
الشعب الفلسطيني بقي فوق أرضه لم يغادرها رغم كل الجراح والعذابات والآلام، هذا هو شعبنا الذي لا ينحني أبدا، الشعب الفلسطيني اعتاد على التحديات والصعاب، وكثيرا ما سار على دروب الآلام، ولكنه بقي الشعب الشامخ، الذي لا يقبل الذل ولا المهانة كالآخرين من عربان الردة الذين غاصوا في التصهين، وباعوا الشرف والكرامة بأبخس ثمن .
المقاومة مازالت في غزة، وفوق أرضها ، وكذلك الشعب، وتعالوا سويا، وبكل حيادية نحاكم ما جرى، بعد عامين من الصمود الأسطوري ..
لأول مرة يخوض جيش الاحتلال حربا تستمر عامين، كان يهدف للسيطرة على كل غزة، والقضاء على المقاومة، وتهجير أهلها، لم ينجح في أي هدف من هذه الأهداف، ولشدة حنق وغضب حكومة الصهاينة، أمعنوا قتلا وتدميرا في القطاع، وبقيت المقاومة وبقي الشعب .
خسائر جيش الاحتلال تفوق ما خسره في حروبه مع الجيوش العربية منذ العام ٤٨ وحتى وقت قريب، رغم أن كل حروب العرب مع الصهاينة لم تستمر في كل مرة سوى بضعة أيام أو أسابيع قليلة، فجيش الاحتلال لا يحتمل الحروب الطويلة، ولولا الدعم المتواصل وخاصة من أمريكا لانهار جيشهم خلال أسبوع واحد فقط، هذا ما كتبه محلل سياسي أمريكي.
مجرد البقاء في غزة هو انتصار بحد ذاته، شعب غزة متشبث بالحياة، رغم سقوط عشرات آلاف الشهداء، فشل الاحتلال في السيطرة على غزة، لا بل وبدأ الانسحاب رغما عن أنفه، وحاول منع الفلسطينيين من العودة لمدينة غزة، فعادوا إليها رغم ما حل بها من دمار .
سيدة فلسطينية في السبعين من عمرها تقول: الشهداء الله يرحمهم، والجرحى ربنا يشفيهم، سنستمر في الحياة، وسوف نبني غزة من جديد، نحن شعب لا يعرف الاستسلام.
حرب العامين، التي واجه فيها جيش الاحتلال مدعوما بترسانة عسكرية ضخمة من أمريكا وألمانيا وبريطانيا مقاومة فلسطينية هي الأغرب في التاريخ، رجال صنعوا أسلحتهم بأيديهم، يرتدون ملابس معظمها بالية، ناهيك عن الشبشب الذي صار أيقونة ولا أجمل .
باختصار .. تم وقف إطلاق النار، فما كانت تهدف إليه حكومة الاحتلال لم يتحقق منه شيء غير إطلاق الرهائن، ولو رفعت حماس الراية البيضاء فلن تتمكن من الإفراج عن أسير واحد في سجون الاحتلال، هذه حقيقة يجب عدم إغفالها، فغزة بقيت لأهلها رغم الدمار، والتهجير كان وهما لدى الصهاينة والامريكان وعربان الردة المتصهينين، والفلسطيني سطر معجزة يتحدث بها اليوم كل العالم، والفلسطيني دخل كل بيوت الأحرار في كافة أصقاع الكرة الأرضية.. مختلف انحاء أوروبا حتى المكسيك وكوريا الجنوبية واليابان وغيرها من دول العالم، باستثناء أخوة العروبة والإسلام، أو من كانوا أخوة لنا !
بعض الأنظمة العربية تعتقد بأنه كان لها دور في التطورات الأخيرة، وعاتبة على المقاومة لأنها لم تقدم الشكر لها، يا للغرابة .. من يشكر من ؟ وعلى ماذا تشكركم المقاومة، ماذا قدمتم لها غير التخاذل والعجز والصمت ؟ وبعضكم حالف الصهاينة بلا خجل وبكل أشكال السفالة .. اشكروا المقاومة لأنها الجدار الأخير الذي يحمي الأمة كلها، اشكروها لأنها حافظت على الكرامة والشرف، اشكرو ها لأن كل مقاوم فيها يعادل جيشا بأكمله من جيوشكم .
كاتب فلسطيني