ثورة 21 سبتمبر المجيدة.. انتصار الإرادَة واستقلال القرار

أحمد حمود جريب

 

من أعظم ثمار ثورة 21 سبتمبر وبراهينِ صدقها تجسّد في استقلال القرار الوطني اليمني، وثبات الموقف تجاه القضايا العادلة لأمتنا، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

أحد عشر عامًا مضت على انطلاق شعلة ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر المجيدة، ولا تزال جذوتها متوهجة تعزّز صمود الشعب اليمني الأبي، وتمنحه الآمال والتطلعات لمستقبل أفضل في ظل مسيرة قرآنية تحرّرية وطنية يقودها السيد المجاهد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- بحكمة وحنكة استثنائية مكّنت اليمن واليمنيين من مواجهة تحالف عدواني كوني لسنوات، سجّلوا فيها انتصارات كبيرة، وغيّروا فيها كُـلّ المعادلات، ونكّسوا رؤوس الغزاة والمحتلّين في مختلف الجبهات، متغلبين على فارق الإمْكَانيات في معركة كانت غير متكافئة. وفي ظل قيادة ربانية كقيادة قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي، أصبحت المعركة متكافئة، وبات العدوّ السعوديّ الأمريكي الغاشم يتألم بشدة من ارتداد عدوانه على الشعب اليمني المسالم الصابر المجاهد.

اليوم نحتفي بذكرى ثورة الـ21 سبتمبر الحادية عشرة، ونحن لا نزال نخوض معركة الدفاع عن السيادة والاستقلال، حَيثُ يخوض شعبنا اليمني الحر الكريم العزيز معركة مصيرية للذود عن الوطن من الغزاة والمستعمرين دون تراجع، مقدمًا التضحيات الجسيمة في سبيل الله وعزّة ورفعة اليمن.

فهذه الثورة قامت لتحيي الضمير الوطني في نفوس الأُمَّــة جمعاء، وأيقظت الجميع من سبات عميق استغله أعداء الإنسانية لتركيع شعوبنا وإفقارها وتحويلها إلى شعوب تابعة تتحكم بمصائرها دويلات عميلة لقوى الهيمنة والاستكبار العالمي. ولأن ثورة 21 سبتمبر 2014م هدفت للتحرّر من الوصاية الأجنبية واستعادة القرار السياسي المختطف من حكام السفارات، وأعادت اليمن كدولة مستقلة ذات سيادة إلى مسارها الطبيعي، فقد أرعبت قوى التسلط والهيمنة الإقليمية والدولية، ودَفعت آل سعود إلى شنّ عدوان كوني وفرض حصار ظالم على الشعب الحر الأبي الذي التفّ إلى جانب ثورته الوطنية التحرّرية.

الوقوف مع الحق الفلسطيني.. ثمرة من ثمارها

وإن من أعظم ثمار ثورة 21 سبتمبر وبراهين صدقها تجسّد في استقلال القرار الوطني اليمني، وثبات الموقف تجاه القضايا العادلة لأمتنا، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

فها هو اليمن قيادةً وشعبًا يقف اليوم بكل قوة وإيمان إلى جانب أشقائه في فلسطين وغزة، مدافعًا عن المقدسات، وضاربًا أروع أمثلة التضامن والمواجهة، مؤكّـدًا للعالم أن قراره سيادي لا يرتهن للضغوط أَو المساومات، وأن مواقفه ثابتة على طريق تحرير الأقصى وفلسطين. هذا الموقف المشرّف هو دليل ساطع على أن الثورة أعادت للوطن إرادته الحرة، وجعلت من اليمن قلعة منيعة للعروبة والإسلام، وصرحًا شامخًا يدافع عن الحق ويؤمن بالعدالة.

لقد استنفرت قوى العدوان كُـلّ إمْكَانياتها وجمعت أحدث الأسلحة لاستهداف اليمن أرضًا وإنسانا وتاريخًا وحضارة، محاولةً أن تعيد اليمن إلى عباءة الوصاية الخليجية السعوديّة الأمريكية بعد أن أيقنت أن ثورة 21 سبتمبر وُلدت من رحم المعاناة التي خلّفتها أنظمة الوصاية، وأن قيادتها الوطنية ترفض الارتهان للخارج، وترى في رهن القرار السياسي والسيادي للخارج خيانة وطنية ودينية جسيمة.

فمسار الثورة في فكر القيادة الثورية هو المضي قدمًا نحو التحرّر من كُـلّ التبعيات، والتغلّب على كُـلّ مواقع الضعف، واستكمال مسيرة التحرّر بالاكتفاء الذاتي من الغذاء والدواء وكل الاحتياجات التي تندرج في إطار الأمن القومي الغذائي، ومكافحة الفقر والبطالة، وتحويل العاطلين عن العمل إلى منتجين يساهمون في الدفع بمسار التنمية الوطنية إلى الأمام.

يمن الواحد والعشرين من سبتمبر، يمن الهوية الإيمانية واليمانية الأصيلة، يمضي نحو تحقيق كُـلّ تطلعات الشعب وآماله. فهي ثورة ضد التسلط والهيمنة والوصاية الأجنبية، وضد الركود والتبعية الاقتصادية الخارجية. ورغم محاولات إفشال مسارها بالعدوان والحصار الذي حاول قتل هذا المنجز الوطني التاريخي في المهد؛ فَــإنَّ كُـلّ تلك المحاولات قد فشلت، وعزّزت من صمود شعبنا والتفافه إلى جانب الثورة وقائدها.

وإن كان من حديث عن إنجازات ثورة 21 سبتمبر، فما تحقّق في مجال الصناعات العسكرية من تطور نوعي غيّر كُـلّ المعادلات العسكرية البرية والجوية والبحرية، هو أحد أهم المنجزات التي حقّقتها ثورة شعبنا المجيدة.

لم يعد يمن 21 سبتمبر حديقة خلفية لأمراء النفط في الرياض، ولم يعد قرارها السياسي والسيادي ملفًا من ملفات اللجنة الخَاصَّة في الديوان الملكي، ولم تعد صنعاء تُحكم من قبل السفيرَين الأمريكي والسعوديّ، بل أصبح يمن الأحرار والثوار وشعب الجبارين. فالشعب اليمني في شماله وجنوبه لن يقبل بأنظمة الذل والهوان والارتهان للأجنبي، ولن يقبل سوى التحرّر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما.

تحيا الجمهورية اليمنية.. وتحيا ثورة 21 سبتمبر المجيدة.. وتسقط أمريكا و(إسرائيل) ومن والاهما.

* محافظ محافظة لحج

قد يعجبك ايضا