ثورة 21 سبتمبر.. من الفوضى إلى السيادة

إلـهام الأبيـض

 

 

في خضمّ التحولات التاريخية الكبرى التي شهدتها المنطقة، تبرز ثورة الـ21من سبتمبر في اليمن كمنارةٍ أضاءت دروب الحرية والاستقلال، وكشعلةٍ ألهبت روح الصمود في وجه الهيمنة الخارجية والمؤامرات الداخلية. إنها ثورةٌ لم تكن مجرد تغييرٍ سياسي، بل كانت تحولًا جذريًا أعاد رسم ملامح اليمن، وأعاد لها سيادتها وكرامتها، وجعلها نموذجًا يحتذى به في التمسك بالحق والمقاومة.
قبل ثورة 21 سبتمبر، كانت اليمن تعيش واقعًا أمنيًا وعسكريًا هشًا، تتخلله الفوضى والتخبط، وتُلقي بظلالها المؤامرات الخارجية التي سعت جاهدةً لتقويض سيادة البلاد. كانت الهيمنة الأمريكية وغيرها من القوى الخارجية تتجلى في التدخلات المتكررة، والتحكم في القرار الوطني، واستنزاف ثروات البلاد. كانت البلاد أشبه بسفينةٍ تتقاذفها الأمواج، بلا ربانٍ حقيقيٍّ يوجهها نحو بر الأمان.
لكن ثورة 21 سبتمبر جاءت لتُغير هذا الواقع المرير. لقد أعادت للوطن سيادته، وللشعب كرامته. شهدنا تحولًا ملحوظًا في الوضع الأمني والعسكري، حيث استطاعت الثورة أن توحد الصفوف، وتُعيد بناء المؤسسات العسكرية والأمنية على أسسٍ وطنيةٍ خالصة، بعيدًا عن التبعية للخارج. لقد استعادت اليمن قدرتها على اتخاذ قراراتها بنفسها، وحماية حدودها وسيادتها، ورفض أي تدخلٍ خارجيٍّ يمسّ استقلالها.
إن ثمار الحرية والاستقلال التي جادت بها ثورة الـ21 من سبتمبر واضحةٌ وجلية. لقد تخلص اليمن من قيود الهيمنة الخارجية، وأصبح قادرًا على رسم مستقبله بنفسه. هذا الاستقلال لم يكن مجرد شعارات، بل تجسّد في مواقف تاريخية عظيمة، أبرزها الموقف اليمني الداعم للقضية الفلسطينية.
إن موقف الشعب اليمني مع غزة، الذي لا مثيل له في تاريخ اليمن الحديث، هو دليلٌ قاطعٌ على أن هذه الثورة قد أعادت للشعب اليمني روحه القومية، وأيقظت فيه ضميره الحيّ. إن هزيمة أمريكا وبريطانيا في البحر، والتي تُعدّ إنجازًا تاريخيًا، هي من ثمار هذه الحرية والاستقلال. لولا ثورة الـ21 من سبتمبر، لكانت اليمن، كغيرها من الدول العربية التي خضعت للهيمنة، قد فقدت قدرتها على اتخاذ مواقف شجاعة، ولما استطاعت أن تقف سدًا منيعًا في وجه الظلم والعدوان.
في المقابل، تقف الحقبة العفاشية كشاهدٍ على مؤامراتٍ متجددةٍ استهدفت وحدة اليمن وسيادته. إن محاولاتهم المتكررة في كل عام، خاصة في ذكرى ثورة 26 سبتمبر، بتوجيهٍ أمريكيٍّ صهيونيٍّ ودعمٍ سعوديٍّ إماراتيٍّ، تكشف عن مدى ارتباطهم بأجنداتٍ خارجيةٍ تسعى لتمزيق اليمن وإضعافه. إن فضح هذه المؤامرات هو جزءٌ لا يتجزأ من معركة الوعي التي تخوضها الثورة.
كما أن زيارة وفدٍ صهيونيٍّ إلى المحافظات المحتلة، والتي تُعدّ تطبيعًا خطيرًا وتجاوزًا لكل الأعراف، تُظهر مدى انحطاط بعض الجهات التي تدّعي الوطنية، وهي في حقيقتها أدواتٌ في يد العدو.
وفي ظل تصاعد الإجرام الصهيوني في غزة، وزيادة معاناة الشعب الفلسطيني، لا يمكننا أن نغفل عن جرائم الإبادة الجماعية والتجويع التي يتعرض لها أهلنا هناك. إن ما يحدث في غزة هو وصمة عارٍ في جبين الإنسانية، وهو دليلٌ على وحشية الاحتلال وفشله في إخضاع شعبٍ أبيّ.
إن اليمن، بفضل ثورة الـ21 من سبتمبر، تقف اليوم في طليعة المدافعين عن غزة، وترفض الصمت على هذه الجرائم. إنها تدرك أن معركة فلسطين هي معركتها، وأن صمود الشعب الفلسطيني هو صمودٌ لكل الأمة.
إن ثورة الـ21 من سبتمبر لم تكن مجرد حدثٍ تاريخي، بل هي بدايةٌ لمرحلةٍ جديدةٍ من الصمود والمقاومة، مرحلةٌ تُعيد فيها اليمن بناء نفسها، وتُثبت للعالم أن الإرادة الحرة قادرةٌ على قهر الهيمنة، وأن الحق سينتصر في النهاية. إننا نقف اليوم، شعبًا وقيادةً، على أعتاب مرحلةٍ حاسمة، نتجه فيها نحو الانتصار، ونبني قدراتنا الردعية، مستفيدين من تجارب الماضي المريرة، ومستلهمين من صمود شعبنا، ومن دعمنا للقضية الفلسطينية. عاشت اليمن حرةً، كريمةً وأبيةً، تردّ عنّا وعن أمّتنا نُيّوب الغدر والخيانة، وتكتب من جديد فصول النصر والتحرير. فالميدان قادمٌ، والنصر بإذن الله حليفنا.

قد يعجبك ايضا