العدو لا يفرّق بين غزة والدوحة..

محمد عبدالمؤمن الشامي

 

الضربة الإسرائيلية التي استهدفت قيادة حماس في قلب الدوحة ليست مجرد حادث عابر، بل لحظة فاصلة تكشف هشاشة الأمن العربي وواقع الصراع مع العدو الصهيوني.

فالكيان الذي يجرؤ على تنفيذ غارة دقيقة في عاصمة خليجية محمية بالتحالفات الغربية والمظلة الأمريكية، يرسل رسالة صريحة لكل العرب: لا حصانة لأحد، ولا أمان لأي دولة تحاول التوسل بالحماية الخارجية، لأن المعركة مع العدو لم تعد محصورة بفلسطين، بل تشمل الأمة العربية بأسرها، كما أكد السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي.

هذا الحدث يضع الكرة في ملعب العرب جميعًا، ويفضح وهم الأمان المستورد الذي راهنت عليه بعض الأنظمة الخليجية، حيث اعتقدت أن قواعدها العسكرية وتحالفاتها الغربية ستصد أي تهديد.

لكن الواقع أثبت أن كل هذه المظاهر الزائفة لا تمنع العدو من توسيع نطاق عدوانه، ولا تجدي أمام طموحه في استهداف أي قوة مقاومة عربية، مهما كان مكانها أو مكانة الدولة التي تستضيفها.

الضربة في قطر ليست استثناء، بل مؤشر على أن إسرائيل ترى كل العرب أهدافًا محتملة، وأن سيادة أي بلد عربي لم تعد تمنع تدخلها أو تهديدها.

الرسالة الإسرائيلية تتجاوز مجرد استهداف قيادات حماس؛ فهي إعلان أن كل من يقف مع المقاومة سيكون هدفًا، وكل من يتفرج أو يهرول نحو التطبيع، سيجد أن العدو لا يراعي حدودًا ولا تفاهمات.

قطر، التي لعبت دور الوسيط بين المقاومة وواشنطن، أصبحت شاهدة على أن منطق القوة هو الفيصل، وأن أي تحركات دبلوماسية لا تحمي من الغارات أو الاغتيالات، وبذلك تتحول الواقعة إلى درس لكل العرب بأن التهاون في حماية المقاومة، أو الاعتقاد أن التطبيع يجلب الأمان، أو التوهم بالابتعاد عن الصراع، جميعها أوهام ستهزهم قريبا إن لم يكونوا مستعدين.

أما على المستوى الشعبي، فإن الحدث يعمّق إدراك العرب بأن معركة الأمة ليست نظرية، بل واقع ملموس. الشعوب العربية التي شاهدت دماء غزة وصمود المقاومة في لبنان واليمن ستفهم أن المعركة شاملة، وأن الضربة في قطر ليست محض صدفة، بل دليل على أن العدو يخطط بعقلية استراتيجية لتوسيع الصراع خارج فلسطين، مستهدفًا كل من يجرؤ على الوقوف مع القضية الفلسطينية أو دعم المقاومة.

هذا الأمر يعيد التأكيد على ما شدد عليه السيد القائد عبدالملك الحوثي: بأن المواجهة مع العدو مشروع حياة أو موت للأمة، وأن أي تهاون سيكلف العرب غاليًا.

من ناحية أخرى، الحدث يكشف زيف شعارات السلام والتطبيع، ويؤكد أن الاتفاقيات التي توقّعها بعض الأنظمة مع العدو لا تحميها من تصرفاته، وأن الأمان لا يُشترى بالمال أو بالمظلات الدولية، بل بالقدرة الذاتية على الدفاع والردع. ومن يعتقد أن البُعد الجغرافي أو التحالفات مع القوى الكبرى ستقيه من المخاطر، سيكتشف قريبًا أن النار التي أطلقت في قلب الدوحة يمكن أن تصل إلى أي عاصمة عربية.

الدرس الكبير هنا واضح: العرب جميعًا جزء من الصراع، ولا خيار أمامهم سوى مواجهة المشروع الصهيوني كأمة واحدة، وليس كدول متفرقة أو أنظمة متواطئة.

الضربة في قطر تثبت أن كلام السيد القائد عبدالملك الحوثي، ليس مجرد تحذير، بل حقيقة ميدانية وواقع استراتيجي لا يمكن تجاهله. فمن غزة إلى الدوحة، ومن لبنان إلى اليمن، العدو لا يفرّق بين مكان وآخر، والمعركة معركة الأمة كلها، ومن يظن أنه في مأمن فهو مخطئ.

 

 

قد يعجبك ايضا