وقفة مع بداية العام الهجري


كم هي المشاهد و الأحداث التي تمر بنا يوميا نكون مشاركين في صياغة مجرياتها أحيانا نحسن … و كثيراٍ ما نخطئ… ننسى الإساءةو نذكر الإحسان .كِمْ المعلومات التي بين أيدينا كبير جداٍ أما حجم التطبيق فهو قليل جداٍ لابد من حركة لا إلى مزيد من المعلومات بل إلى مزيد من العمل لابد من محاسبة النفس حساباٍ دقيقاٍ الله عز وجل نوه إلى نموذج من البشر يعاتبون أنفسهم عتاباٍ شديداٍ ويلومون أنفسهم لوماٍ مستمراٍ هذا النموذج هم ذوو النفوس اللوامة قال تعالى
?لِا أْقúسمْ بيِوúم الúقيِامِة (1) وِلِا أْقúسمْ بالنِفúس اللِوِامِة?
( سورة القيامة: 1ـ2).
لابد من مجاهدة النفس والهوى و لنتذكر و نحن في بداية عام جديد أنمحاسبة النفس والتدقيق في بواعثها وأهدافها ومطابقة أعمالها لسنة نبيها أمر مهم ومطلب ضروري
ولابد من وقفة متأنية مع النفس لابد من ساعة تخلو فيها بنفسك تدقق في عملك تحلل نواياك تقلب صفحاتك تراجع ملفاتك تتعرف على أخطائك تكتشف مواطن القصور تلجأ إلى الله عز وجل تطلب منه العفو ومن عباده المسامحة.
فيجب أن نحاسب أنفسنا ويجب أن نخالف أهواءنا وهلاك القلب من إهمال محاسبة النفس وهلاك القلب من موافقتها في هواها شيئانمهلكان º ألاِ تحاسب نفسك وأن تتابعها على هواها وفي الحديث الذي رواه الإمام الترمذي عِنú شِدِاد بúن أِوúسُ عِنú النِبي صِلِى اللِهْ عِلِيúه وِسِلِمِ قِال:
)الúكِيسْ مِنú دِانِ نِفúسِهْ وِعِملِ لمِا بِعúدِ الúمِوúت وِالúعِاجزْ مِنú أِتúبِعِ نِفúسِهْ هِوِاهِا وِتِمِنِى عِلِى اللِه(.
قال شرِاح الحديث دان نفسه أي: حاسبها حساباٍ شديدا.
وِيْرúوِى عِنú عْمِرِ بúن الúخِطِاب قِالِ: (حِاسبْوا أِنúفْسِكْمú قِبúلِ أِنú تْحِاسِبْوا وِتِزِيِنْوا للúعِرúض الúأِكúبِر وِإنِمِا يِخفْ الúحسِابْ يِوúمِ الúقيِامِة عِلِى مِنú حِاسِبِ نِفúسِهْ في الدْنúيِا) دقق في كل كلمة تقولها في كل عطاء تعطيه في كل منع تمنعه في كل غضب تغضبه في كل رضىٍ ترضاه في كل صلة تصلها في كل قطيعة تقطعها ماذا أردت بهذا حاسب نفسك تبطِن أهدافك تأمل بواعثك.
ذكر الإمام الحسن رِضيِ اللِهْ عِنهْþ قال:” لا تلقى المؤمن إلا يحاسب نفسه يخاطبها ماذا أردت بهذا العمل¿ ولماذا تأكلين ¿ ولماذا تشربين ¿ أما الفاجر فيمضي قدماٍ لا يحاسب نفسه.
 وقال قتادة في قوله تعالى: ?وِلِا تْطعú مِنú أِغúفِلúنِا قِلúبِهْ عِنú ذكúرنِا وِاتِبِعِ هِوِاهْ وِكِانِ أِمúرْهْ فْرْطاٍ?.
( سورة الكهف: 28).
أيú أضاع نفسه وغبنها ” ومع ذلك تراه حافظاٍ لماله مضيعاٍ لدينه فبالنسبة للقضية المتعلقة بالمال تجده يقظٍا جداٍ دقيقٍا جداٍ يحاسب حساباٍ عسيراٍ أما في القضية المتعلقة بالدين فهو لا يدقق ولا يبحث ولا يسأل ولا يتحرك هذا معنى قوله تعالى: “وكان أمره فرطا”. 
 وقال الحسن رِضيِ اللِهْ عِنهْþ: إن العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه وكانت محاسبته من همته.
عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صِلِى اللِه عِلِيúه وِسِلِم: )إذا أراد الله بعبد خيراٍ جعل له واعظاٍ من نفسه: يأمره وينهاه(.
) السيوطي في الجامع الصغير) وقال أحد العلماء: لا يكون العبد تقياٍ حتى يكون لنفسه أشد محاسبةٍ من الشريك لشريكه.
 ولهذا قيل: النفس كالشريك الخوان إن لم تحاسبه ذهب بمالك.
ماذا يقول الناس اليوم بلغتهم الدارجة ¿ لا تدقق الله غفور رحيم المتقبل كريم وهذا كلام من غفل عن ذكر الله عز وجل و جانب الصواب و استدرجه الشيطان .
 إن المؤمن إن اشتهى شيئاٍ لا يرضي الله عزفت نفسه عليه طمعاٍ بما عند الله وإن بدر منه شيء لا يرضي الله استغفر الله وتاب إلى الله ورجع إليه إن المؤمنين قوم أوقفهم القرآن وحال بينهم وبين هلكتهم إن المؤمن أسير في الدنيا يسعى في فكاك رقبته لا يأمن شيئاٍ حتى يلقى الله عز وجل يعلم أنه مأخوذ عليه في سمعه وفي بصره وفي لسانه وفي جوارحه مأخوذ عليه في كل ذلك ?كْلْ أْولِئكِ كِانِ عِنúهْ مِسúئْولاٍ? (سورة الإسراء: 36).
قال مالك بن دينار: رحم الله عبداٍ قال لنفسه: ألست صاحبة كذا ألست صاحبة كذا ثم ذمها ثم خطمها ثم ألزمها كتاب الله عز وجل فكان لها قائداٍ.
 هذه البطولة أن تملك نفسك ولا تملكك أن تقود هواك ولا يقودك أن تحتكم إلى القيم لا أن تسخر منها.
كثير من الناس اليوم أصبح أسير عادات سيئة مستمرة وأخطاء متكررة بحجة أنه لا يستطيع تركها و يصعب عليه الإقلاع عنها ومخالفة هوى النفس أمر عسير ولو علم أنه كلما اجتهد العبد اليوم استراح غداٍ وكلما حاسب نفسه وجوارحه حساباٍ عسيراٍ كان حسابه يوم القيامة يسيراٍ وكلما أتعب نفسه في طاعة الله هنا سعدت بقرب الله عز وجل هناك ما هو الربح أيها الإخوة ¿ إن حاسبت نفسك حساباٍ عسيراٍ ما هو الربح ¿ أن تسكن الفردوس أن تنظر إلى وجه الله جل جلاله وما هي الخسارة ¿ دخول النار والحجاب عن رب العالمين فإذا تيقنت هذا هِانِ عليك الحساب اليوم.
 أيها الأخوة الكرام كما ينبغي للمؤمن ألا يغفل عن محاسبة نفسه عليه أن يضيق عليها في حركاتها وسكناتها وخطراتها وخطواتها وكل نِفِسُ من أنفاسها.
 قال تعالى: ?يِوúمِ تِجدْ كْلْ نِفúسُ مِا عِملِتú منú خِيúرُ مْحúضِراٍ وِمِا عِملِتú منú سْوءُ تِوِدْ لِوú أِنِ بِيúنِهِا وِبِيúنِهْ أِمِداٍ بِعيداٍ? (سورة آل عمران: 30).
سؤال قد يراود البعض ! وهو كلام دقيق جداٍ كيف أحاسب نفسي¿ هناك محاسبتان للنفس محاسبة قبل العمل ومحاسبة بعد العمل أرجو أن تكون هذه الفقرة واضحة جداٍ
 رحم الله عبداٍ وقف عند همه فإذا كان لله مضى وإذا كان لغيره تأخر.
 يعني أن النفس إذا تحركت لعمل كأنú تنطلق النفس إلى زيارة إلى نزهة إلى وليمة إلى لقاء إلى متابعة إلى أي عمل تختاره إذا تحركت النفس إلى عمل من الأعمال وهمِ به العبد تنبهت النفسْ لتحاسب فمِن هي النفس اللوامة ¿
 رجل اسمه توبة بن الصمِة كان محاسباٍ لنفسه فحسب يوماٍ فإذا هو ابن ستين سنة فحسب أيامها فإذا هي واحد وعشرون ألف يوم فصرخ ياويلتي ألقى ربي بواحد وعشرين ألف ذنب كيف وفي كل يوم آلاف من الذنوب ثم خر مغشياٍ عليه.
 المؤمن يوم القيامة لا يندم إلا على ساعة مضت لم يذكر الله فيها المؤمن يحاسب نفسه أولاٍ عن الفرائض فإذا تذكر فيها نقصاٍ تداركه ثم يحاسبها عن المناهي فإذا عرف أنه ارتكب منها شيئاٍ تداركه بالتوبة والاستغفار والحسنات هي الماحية ثم يحاسب نفسه على الغفلة فإذا كان قد غفل عما خلق له تداركه بالذكر والإقبال على الله ثم يحاسبها بما تكلم به أو مشت إليه رجلاه أو بطشِتúهْ يداه أو سمعِتúهْ أذناه ماذا أردت بهذا ولمن فعلته ¿ وعلى أي وجه فعلته ¿ ويعلم أنه لابد أن يْنشر لكل حركة وكلمة منها ديوانان ديوانَ لمِ فعلته¿ وكيف فعلته ¿ فالأول سؤال عن الإخلاص والثاني سؤال عن المتابعة قال تعالى: ?فِوِرِبكِ لِنِسúأِلِنِهْمú أِجúمِعينِ (92) عِمِا كِانْوا يِعúمِلْونِ? (سورة الأعراف: 6).
وقال تعالى: ?ليِسúأِلِ الصِادقينِ عِنú صدúقهمú? (سورة الأحزاب: 8).
فإذا سئل الصادقون وحوسبوا على صدقهم فما الظن بالكاذبين.
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا وسيتخطى غيرنا إلينا فلنتخذ حذرنا الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني.
قد يشعر المرء من نفسه رعونة وتمرداٍ واتباعاٍ للشهوة وإيثاراٍ للدنيا فماذا يفعل ¿ العلاج كما وصفه النبي صِلِى اللِه عِلِيúه وِسِلِمِ فِعِنú أِبي هْرِيúرِةِ قِالِ: قِالِ رِسْولْ اللِه صِلِى اللِهْ عِلِيúه وِسِلِمِ:
)أِكúثرْوا ذكúرِ هِاذم اللِذِات يِعúني الúمِوúتِ ((أخرجه الترمذي وابن ماجة والنسائي(.
عش ما شئت فإنك ميت وأحبب ما شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزي به.
 إذا رأى الإنسان من نفسه رعونة أو تمرداٍ أو تعلقاٍ بالدنيا أو إصراراٍ عليها من غير الوجه الصحيح بغير منهج الله عز وجل فعليه بتذكر الموت ماذا يمنع أن تتبع جنازةٍ وأن ترى لحظة الدفن المؤثرة ماذا يمنع أن تفكر فيما سيكون ماذا يمنع أن يكون هذا اللقاء الرباني ماثلاٍ أمامك كل لحظة?يِا أِيْهِا الِذينِ آِمِنْوا اتِقْوا اللِهِ وِلúتِنúظْرú نِفúسَ مِا قِدِمِتú لغِدُ? (سورة الحشر: 18(.
 يا أبا ذر جهز السفينة فإن البحر عميق وأخلص النية فإن الناقد بصير.
 اليوم عمل ولا حساب وغداٍ حساب ولا عمل نحن في دار العمل نحن في دار التوبة نحن في دار الصلح مع الله نحن في دار لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم جئت الله تائباٍ غفرها لك ولا يبالي هكذا قال الله عز وجل: ?قْلú يِا عبِاديِ الِذينِ أِسúرِفْوا عِلِى أِنúفْسهمú لِا تِقúنِطْوا منú رِحúمِة اللِه إنِ اللِهِ يِغúفرْ الذْنْوبِ جِميعاٍ إنِهْ هْوِ الúغِفْورْ الرِحيمْ? (سورة الزمر: 53).
 واعلموا أن الأمر جد والسفر قريب وفي الطريق عقبة كؤود لا يجتازها إلا المخفون والبحر عميق شمروا فإن الأمر جد وتأهبوا فإن السفر قريب وتزودوا فإن السفر بعيد وخففوا أثقالكم فإن في الطريق عقبة كؤود لا يجتازها إلا المخفون. 
والحمد لله رب العالمين..

قد يعجبك ايضا