إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ

بشرى المؤيد

 

في محاضرات السيد القائد وهو يروي لنا قصص الأنبياء ومعاناتهم في توصيل رسالتهم وأداء مهمتهم في هذه الحياة على أكمل وجه فإن هذه القصص ليس لنستمع إليها ونتأثر لحظيا ثم ننسى ولا نستفيد بل لنتعض ونأخذ منها الدروس والعبر ونستفيد من معاناتهم وكفاحهم في حياتنا اليومية قال تعالى “نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ”.

ذكر السيد سلام الله عليه أنه بعد إن إنتقل سيدنا إبراهيم إلى بلاد الشام واستمر في دعوته لأنه لقي بيئة خصبة مناسبة تتفاعل وتستجيب لدعوته فاستقر في وضعه المعيشي ونشاطه العملي ورغب في أن يرزقه الله سبحانه “ذرية صالحة طيبة ” تلتزم بنهج الله الإيماني وتعمل على هداية الناس.

كانت زوجته سارة عقيم فتزوج من السيدة هاجر عليها السلام قال تعالى “فَبَشَّرْنَٰهُ بِغُلَٰمٍ حَلِيمٍۢ” أي كان مثل أبيه يشتركان في صفة “الحلم” هذه الصفة الرفيعة و القيمة والتي هي من صفات الأنبياء و القادة العظام الصالحين قال تعالى ” رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ” دعا سيدنا إبراهيم أن يكون من الصالحين وهو العنوان الأشمل لعنوان الصلاح حيث يكون طائعا مصلحا في أرضه، زاكي النفس، راشدا، عالي الأخلاق . فإستجاب الله لدعائه ورزقه بولد صالح تتكامل فيه كل مميزات الصلاح ومنها “الحلم” وهي من أهم الصفات الراقية والأخلاقية والقيادية فعندما يكون له دور رائد في الحياة يترك الأثر الإيجابي في المجتمع.

والحلم يشمل التوازن الفكري و النفسي والسلوكي . وهذه الصفة هي المعيار التي تحدد مدى إنضباط الإنسان في غضبه حيث يظهر توحشه وجبروته وبطشه و تجاوزه لمعايير الأخلاق أو في حالة الإنبساط والرضا تخرجه لحالة السفه و الدناءة غير موزونة بضوابط القيم.

فالحليم إنسان صبور يتجاوز عن سفاسف الأمور لقوله تعالى”خُذِ ٱلْعَفْوَ وَأْمُرْ بِٱلْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْجَٰهِلِينَ” وقوله ” وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ”.

فما كانت صفات سيدنا إسماعيل من الصلاح والهداية وكمال الأخلاق لا تنفصل عن صفات سيدنا إبراهيم فكان كما أباه يشبهه في صفة الحلم الذي كان يشتركان فيها” إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ” فهذه الصفات الإيمانية التي تعلمنا كيف نقتدي بهم ونتخلق بأخلاقهم ونرتقي بأنفسنا ونتجاوز عن الجاهلين والمسيئين حتى نحوز رضا الله وجنته الواسعة وتوفيقه وبركته.

 

قد يعجبك ايضا