الأكاديميات الرياضية ضرورة وليست ترفاً

حسن الوريث

 

 

تتسابق الأندية العالمية والعربية لإنشاء وتطوير أكاديميات رياضية متخصصة لاكتشاف ورعاية المواهب الشابة وفي بلادنا يظل هذا المفهوم شبه غائب عن المشهد الرياضي اليمني تاركاً فراغاً كبيراً في مسيرة تطوير كرة القدم والرياضات الأخرى في البلاد، ففي الوقت الذي تتركز فيه الجهود على المنافسات الموسمية وشراء اللاعبين الجاهزين تضيع فرصٌ ذهبية لصقل جيل جديد من الرياضيين القادرين على تمثيل اليمن في المحافل الدولية.
توجد بعض الأكاديميات الرياضية الخاصة التي تبحث عن الربح فقط لا غير ولا يهمها أي شيء آخر حتى بعض الأندية التي أنشأت أكاديميات هزيلة كان الهدف منها هو الربح والمكسب المادي ولا غيره ما يحرم الكثير من المواهب من الالتحاق بهذه الأكاديميات بسبب عدم توفر الإمكانيات المادية للاشتراك فيها وهذه النقطة الهامة التي يجب أن نقف عندها وعلى الأندية إنشاء الأكاديميات لمختلف الألعاب الرياضية وفتح أبوابها مجاناً وستجني الكثير من المكاسب والفوائد مستقبلاً كما تفعل الأندية العالمية.
ويجب أن نعرف ونعي بأن الأكاديميات الرياضية ليست مجرد مراكز تدريب بل هي حاضنات للمواهب ومدارس لتعليم القيم الرياضية ومصانع لإنتاج النجوم فمن خلالها يتم اكتشاف المواهب المبكرة حيث تتيح الأكاديميات فرصة للأندية لاكتشاف الأطفال والشباب الذين يمتلكون قدرات رياضية مميزة في سن مبكرة وصقل هذه القدرات بشكل منهجي كما أن دورها لا يقتصر على التدريب الفني والبدني، بل يشمل أيضاً الجوانب النفسية التكتيكية وحتى التعليمية والأخلاقية لإنشاء رياضي متكامل.
بالتأكيد أن الأكاديميات تضمن تدفقاً مستمراً للاعبين الموهوبين إلى الفرق الأولى مما يقلل من الحاجة إلى التعاقدات المكلفة ويؤسس لمستقبل مستدام للنادي واستثمار طويل الأمد في مستقبل النادي والرياضة في البلاد ككل كما أنها تسهم في نشر الوعي بأهمية الرياضة بين النشء وتشجعهم على ممارستها فاليمن تفقد آلاف المواهب الواعدة كل عام التي لا تجد من يكتشفها أو يرعاها لتنطفئ أحلامها مبكراً.
في اليمن ليست لدينا الرؤية الحقيقية لإنشاء الأكاديميات خاصة في الأندية الكبيرة التي تمتلك الإمكانيات ويمكن أن تستثمرها في هذا الجانب الهام حيث أن أغلب الأندية تعتمد على اللاعب الجاهز بدلاً من الاستثمار في تطوير المواهب على المدى الطويل وربما أن هناك سبباً آخر يتمثل في نقص الكوادر المؤهلة من المدربين المتخصصين في تدريب الفئات السنية وتطوير المواهب الشابة ويؤدي غياب الأكاديميات الرياضية إلى ضياع الكثير من المواهب الشابة دون اكتشاف أو رعاية مما يحرم البلاد من جيل جديد من الرياضيين المتميزين كما ينعكس سلباً على المنتخبات الوطنية في مختلف الفئات العمرية حيث لا تجد القاعدة الكافية من اللاعبين المؤهلين كما تضطر الأندية إلى الاعتماد بشكل كبير على اللاعبين الأجانب أو شراء اللاعبين الجاهزين مما يستنزف ميزانياتها ولا يسهم في تطوير المواهب المحلية.
ومن هنا نقول إن إنشاء الأكاديميات الرياضية في اليمن ليس حلماً مستحيلاً بل هو ضرورة يمكن تحقيقها بجهود مشتركة والتزام حقيقي من خلال قيام وزارة الشباب والجهات المعنية وضع استراتيجية وطنية شاملة لدعم وتطوير الأكاديميات الرياضية وتقديم حوافز للأندية كما أن على الأندية البحث عن مصادر تمويل متنوعة بالشراكات مع القطاع الخاص والاستفادة من الخبرات العربية والدولية في مجال إنشاء وتشغيل الأكاديميات الرياضية والأهم هو الاستثمار في تأهيل وتدريب الكوادر اليمنية في مجال تدريب الفئات السنية وإدارة الأكاديميات وكذا التوعية بأهمية الأكاديميات ودورها في بناء مستقبل الرياضة اليمنية عبر وسائل الإعلام والجهات الرياضية التوعية بأهمية الأكاديميات الرياضية.
إن إعادة بناء الرياضة اليمنية تتطلب نظرة بعيدة المدى واستثماراً حقيقياً في الأجيال القادمة، فهل آن الأوان لأندية اليمن لفتح أبوابها للمواهب الشابة وتشييد أكاديميات رياضية تُخرّج نجوماً تضيء سماء اليمن في المحافل الدولية؟ الإجابة تتوقف على الرؤية والإرادة والعمل الجاد بعيداً عن الهروب إلى الأمام من قبل كافة أطراف المنظومة الرياضية.

قد يعجبك ايضا