بعد مرور ما يقارب العامين على بداية العدوان الذي كشف زيف الشعارات، وفي لحظة تاريخية فارقة، يصدح صوت الحق من قائدٍ أثبت صدقه وثباته، ليذكر الأمة بماضيها ويحذرها من مستقبلها. إنه تذكير لأمة تاهت عن بوصلتها ونسيت هويتها، وتحذير لأنظمة ركنت إلى أعدائها وتخلت عن مسؤولياتها تجاه شعوبها وقضاياها. في خطابه الصريح الذي لا يعرف المواربة، يسمي قائد المسيرة الأشياء بأسمائها، يشخص الداء الذي أصاب الجسد العربي، ويقدم العلاج الناجح، مستمداً قوته ويقينه من مصدر العزة والنصر الحقيقي.
بينما غزة تُترك لتنزف وحدها، محاصرة ومُجاعة، تتضور ألماً تحت أنظار القريب والبعيد، وتُحرم من أبسط مقومات الحياة لأشهر طويلة، تُرى عواصم عربية تستقبل من يمول العدوان ويدعمه بالترحاب والتكريم. يُستقبل الجلادون والمتآمرون في قصور النفط والترفيه، بينما أبواب الإغاثة والمساعدة تُغلق في وجه أهل غزة.
يا للمفارقة المؤلمة! أن يُكرم من يشارك في ذبح الأبرياء، بينما يُترك الضحايا يواجهون مصيرهم وحيدين، يُقدم الولاء والمال بسخاء لمن يرى في هذه الأنظمة مجرد أبقار حلوب، ويُبرر هذا الخنوع بصفقات وعلاقات ظاهرها استثمار وتنمية، وباطنها بيع للقضية واستنزاف للثروات، يخدعون شعوبهم بوعود التقدم والترفيه، بينما يبيعون مستقبل الأمة وكرامتها. متى يدرك هؤلاء أن من يبيع اليوم كرامته وثروته، سيجد نفسه غداً بلا شيء، وأن من يراه الآخرون مجرد ضرع للحلب، سيُذبح عندما يجف؟
أما الأحرار في فلسطين واليمن وكل بقعة من أرض الأمة، فخيارهم واضح: المقاومة والثبات، عزيمتهم لا تلين كالجبال، وإيمانهم لا يتزعزع، لا مساومة على الحقوق، ولا بيع للقضية بثمن بخس، خلف قيادة صادقة، يخرجون في مسيراتهم وهتافاتهم، مؤكدين موقفاً يرضي الخالق ويفضح المتخاذلين. يقسمون بالله، وبدم الشهداء، وبشرف الأمة: لن تُترك غزة وحدها، ولن تُنسى تضحياتها. النصر قادم، وعاقبة الأمور للمتقين.