
لم نزلú في بكين والصباح يبدو مختلفاٍ جوَ ثلجيَ بطقسه البارد وفد الشباب العرب سافرْ الابتسامة الكل يلملم أطراف ردائه الشتوي من مسار ريحُ تلفح الوجوه المنتظرة لبعضها في ساحة فندق كراون بلازا الشامخ وسط قلب المدينة.. اشتعال الشوق ليوم حافل بالاستطلاع وانسياب حركةُ لصباحُ أنثوي فارع الصبا ونحور مصقولة لا تأبه بالثلوج.. وحدها هذه المشاهد وما تعكسه تفاصيلها كانت توقف بدهشتها قشعريرة الصقيع.. الركبْ متجه اليوم نحو محطة جديدة من عجائب الصين العظيم.. حيث مركز أكبر وأطول سكة حديد في العالم.. إنها محطة القطار السريع التي ستقلنا إلى تيانجين مدينة الاتساع الاقتصادي بعالم التجارة الخضراء الخالية من التعرفة الجمركية.. إنه المستقبل الذي لا ينتظره الصينيون-كما ننتظر أحلامنا حتى نموت ونورثها لأبنائنا- بل يحثْون الخْطى ذهاباٍ إليه.. كان ذلك يلمع في أعين نفرُ منهم تفرغوا قليلاٍ ليمنحوا وفد الشباب العرب عْجالةٍ من الشرح المختزل عن ” تيانجين.. جوهرة التجارة وأفق مستقبلها الأخضر”..
كان الطريق طويلاٍ بحكم اشتياقنا لما سمعناه عن القطار السريع لكن الأنهار والمساحات الخضراء- رغم ذابح الصقيع- كانت تشغلنا عن حساب المسافات.. الناطحات كانت واثبة كما لو أنها في طابور الصباح منصتة لعزف سلام وطني اسمه سمفونية الحضارة فيما يربت على هاماتها اللامعة شفقَ ذهبيَ من طلائع شمس الضحى..
بعض الشوارع الطويلة كانت عامرة بالأشجار الكبيرة جداٍ لكن عصفَ من الريح الباردة يعبث بها بوجد عجيب إذ لم يتوقف لحظة واحدة عن نثر أوراقها المصفرة.. كان المشهد في ناظري يذهب أبعد فأبعد وكما لو أن الريح من سفرُ وهجرُ وحرمان أتى ظامئاٍ للقاح هذه الأشجار التي اصفرت انتظاراٍ للربيع ليوقظ في جرح وجداني قصائد من “رماد الورود” ويدغدغ في شجني بإحدى روائع الفضول عبد الله عبد الوهاب نعمان :
“قد كنت لـميتك لْموم الريش في العصف الشديد
وخبأت حْبِك بين نبضي في تعاريج الوريد
فأبيت إلا أن تعود إلى ضياعك من جديد
يا آخر الأشواق في سهري وفي قلبي العميد
يا آخر الأوراق في زهري تساقط في الجليد”..
رغم شرودي الكبير إلا أني لم أنس أننا نمضي بسرعة كبيرة نحو محطة القطارات وهو محور الاتجاه الذي سيذهب بنا إلى شرق العاصمة بكين على ساحل بحر بوهاي والضفة الغربية للمحيط الهادئ حيث مدينة تيانجين.. أخرجتْ نوتة الملاحظات التي كانت بحوزتي لكن المشاهد ألهتني بعدسة الكاميرا كي ألتقط صورة عبثية فعدسة الكاميرا لا تضبط الأفق أو الناطحات كاملة.. أحسست أني بحاجة لمعراج يطل على بكين وأن محاولاتي باءت بالفشل فاتكأت في مقعدي الأول خلف السائق.. أخذت نفساٍ من التفكير فاستبد بي الصمت مدندناٍ في جوانحي وجع اليمن وتعثرها المزمن وطاقاتها البشرية الكبيرة التي كانت وما تزال وستظل رهينة خلف قضبان السياسة ودوامة الصراع.. لكن سرعان ما أعود إلى الرحلة لمجرد رؤية مشهد أكثر دهشة- في مدينة تتسع لكل ما هو عصري وعظيم- يدلك بلا شكُ على أن الثروة ليست في باطن الأرض فقط وليس من العقل أن تظل تصارع من أجلها كتركة وإرث بل الثروة الحقيقة في العلم واحترام العقل الإنساني وترجمة خيال الإنسان الصيني وإبداعاته إلى واقع يذهل العقول المتحجرة.. كما تفصح لك النهضة أيضاٍ أن الثورة لا تعني الغضب ودمار البنيان كْلمِا مر عقدان من الزمن أو أكثر ولا تعني المواقف وفقدان قيمة التواصل بين الأجيال والفرقاء بناءٍ على هذه المواقف بل الثورة تعني وجودك الاجتماعي كعنصر مساهم في البناء بوتائر عالية في شتى مناحي الحياة وقيمها وأخلاقها الإنسانية.. صوت الدليل المرافق للوفد يوقظني من مشاهد الذهول: نحن الآن على أبواب محطة بكين للقطار السريع.. توقفت الحافلة وأنا سارح في أحاديث نفسي نوتة الملاحظة بيدي ولم أسجل شيئاٍ..
محطة القطار السريع
ساعة إلا رْبúع على حد التقريب.. والسير الحثيث يصور لنا الشوارع والممرات ويبصم في الذاكرة خلاصات لسيرة نهوض الصين وصلنا محطة القطار السريع إنها قيامة من البشر يتقاطرون بلا توقف إلى ساحات واسعة تتوسط إحدى مناطق بكين الهامة.. ففي بداية القرن الماضي شهد مبنى المحطة ثورة البناء والسباق الفني في زمن كان العالم يترامى في غياهب المجهول وكانت في البداية كمحطة للقطارات البخارية.. كان يسبقنا فريق الدليل من الشباب الصينيين.. مررنا بسراديب طويلة ذات تعاريج هندسية تفضي بالعابر إلى ساحات تتسع للأسواق وصعدنا سلالم كهربائية سحابة تتناقلنا بين جهة وأخرى وممرات مهندسة ببالغ الطراز المعماري والشاشات الإلكترونية لا تكف إرشاداتها الضوئية للواصلين والعابرين وأرقام ووجهات الرحلات.. عبرنا أيضاٍ بوابات كبرى وسلالم وصالات وممرات تسقفها تجاويف قباب ضخمة ذات أعمدة وروابط من الفولاذ كأن البشر تحتها كالعصافير وأسواق حرة لا تهدأ الحركة فيها ساعة واحدة.. اتجاهات متعددة لخطوط لا ندركها في هذه المحطة وكل اتجاه يزدحم بسيلُ من البشر.. وفي محطة القطار السريع شاهدنا محشراٍ بشرياٍ لا يتوقف دفقه الكل في صفنا متجهَ نحو تيانجين مدينة التجارة والأفق المفتوح.. إن الآلاف من مختلف الجنسيات ينسابون كأسراب طيور إلى هذه المدينة العالمية.. إنه سيل بشري يتجه نحو عالم التجارة وبيئة الأعمال الخصبة “تيانجين”.. كيف لا ¿ ونحو 30 رحلة تنظم يوميا لنقل عشرات الآلاف من المواطنين والزائرين والعاملين والتجار من بكين إلى هذه المدينة غير رحلات القطارات العادية والسيارات التي تقطع الطريق خلال ساعتين فقط…
الاتجاه صوب مدينة تتسع للعالم
أخيراٍ هبطنا في سلالم كهربائية أطول وصولاٍ إلى قلب المحطة التي تزف البشر إلى داخل القطارات السريعة على مدى 24 ساعة.. ظهر قطار طويل بمقدمة مدببة تشبه الطائرة الحديثة من حيث الهيبة والحداثة وتشبه رأس ثعبان الصحراء أو الجبال اليمنية الذي يسمى: (أبو خْطيúن) بشكله المزدوج بين الفضي والأصفر وسْميِ بهذا الاسم لوجود خطين أصفرين متوازيين من الجانبين وينطلق وسط الأحراش والأشجار والصخور كالسهم..
هذا هو قطار بكين السريع الذي نقف الآن على أبوابه إلى جانب مئات البشر من مختلف الجنسيات لقد اعتمدت الصين منذ وقت مبكرُ في هذه المنطقة المكتظة بالسكان على هذا القطار لسرعة أدائه وتفوقه التقني وإمكاناته الهائلة في تصريف سيل البشر وامتصاص اختناق المدينة.
صْمم القطار – حسب المراجع الفنية- بسرعة قصوى تبلغ 350 كم في الساعة ويوجد به مقصورات خاصة بالدرجة الأولى والدرجة الثانية وصالات الطعام وصالات لرجال الأعمال كما وضع في الاعتبار تصميم القطار على ممر يتوسطه لتسهيل التجول فيه بالعربات الخاصة بالمعاقين في جميع مرافق القطار كالمداخل والممرات ودورات المياه.. وكذلك لمرور طاقم الضيافة بعربات المشروبات التي أهمها الشاي الأخضر المشهور في الصين.. وعلى هذا التقسيم يتوقف سعر التذاكر.
طريقنا إلى تيانجين يتطلب نصف ساعة فقط أي 200 كليو متر وهي مسافة قصيرة جدا مقارنة بالمسافات الأخرى التي يقطعها القطار من بكين إلى مقاطعات الصين الأخرى خصوصاٍ إلى شنغهاي.. حيث تمتد بينها وبكين المسافة الأطول لسكك الحديد في العالم, إذ يقطع القطار (1318 كم) خلال مدة زمنية تقدر بـ 4 ساعات و48 دقيقة.
بعد نصف ساعة بالضبط وصلنا محطة الوصول في تيانجين لقد تغيرتú وارتبكتú الذاكرة في تحديد الاتجاهات إنها مدينة لا تدع لك مجالاٍ لأن تمر مرور الكرام إنها تستوقف العقل والوجدان ولأن الصينين يدركون مدى الارتباك الذي يحدثه مشهد المدينة في ذهن الزائر فقد عمدوا إلى إنشاء متحفُ ضخمُ لكل مقاطعة ومدينة يختزل المدينة وامتدادها الحضري ومسارات العمل التجاري والسكني والسياحي لها في خارطة من المجسمات والتصاميم الهندسية الحديثة والمنارة على مستوى عالُ من الإبداع وفي قاعة مفتوحة يطل عليها الزائر من بهو عالُ ليدرك في بادئ الأمر موقعه من مساحة المدينة.. لقد اطلع وفد الشباب العرب على معرض التخطيط للمدينة المتضمن معرض المْجِسِمات لمشاريع تأهيل وتطوير وتحديث مدينة “تيانجين” الواقعة على ساحل بحر بوهاي والضفة الغربية للمحيط الهادئ.. هكذا شاهدنا متحف مجسم الموانئ العملاقة.. تيانجين حيث لا ترى حدوداٍ لأفقُ قط إلا عبر إطلالة على مجسمات تلك المدينة الهندسية التي هي بحد ذاتها إنجاز بعظمة الصين..
عراقة التاريخ وتراكم التنوع
تيانجين -حسب توصيف التقارير السياحية لمقاطعات الصين ومدنها العظام التي يشير إليها الدليل- تعتبر (موسوعة ثقافية لتاريخ الصين على مدى قرون من الزمن فهناك خمسمائة بناية بنيت في منطقة الشوارع الخمسة للمدينة قبل خمسمائة سنة. صمدت في تطور جارفُ محافظةٍ على أساليبها المعمارية وتسمى تلك المنطقة بمعرض الفنون المعمارية العالمية. نظراٍ لما تكتنزه من تنوع ينصهر فيه تراث الماضي ورصانة الحاضر في لوحة معمارية وإنسانية تجعل التنوع السكاني والبشري كرنفالاٍ ثقافيا فريداٍ)..
زمن نشأة تيانجين الحضري – حسب حديث الدليل من سير التاريخ- يرجع إلى ما قبل 600 عام خلال فترات الاستعمار التي سيطرت على هذه المدينة لكن التطور المتسارع الذي شهدته الصين بعد الثورة الشيوعية وانفتاح الصين التجاري والتزامها استراتيجية الصعود السلمي عواملَ كلها منحت تيانجين فرصة للتواصل مع العالم بعد أن منحتها ميزة التداخل والتنوع الحضاري والإنساني على صعيد أمم الشرق قاطبة وأمم الغرب أيضاٍ.. حيث تشير المراجع الديموغرافية والحضرية إلى أن تراث تيانجين ونهضتها تعكس تنوع الثقافات والتراث الموسوم بالملامح الغربية والمتوسطية والشرقية… وهي إلى ذلك تمثل وجهة لقوافل سياحية وتجارية بحرية عربية وأوروبية وأمريكية بل وأفريقية وآسيوية.. كل هذا التدفق المعلوماتي والشرح كان ينساب مع حركة الأشعة الليزرية التي يديرها بيمينه الدليل الصيني في متحف المجسمات لكننا لم نخرج من المتحف باتجاه الموانئ حتى أضعنا الرؤية بسبب الصدمة الذهنية التي تسببها النهضة الشاهقة للشوارع والجسور والبنايات والاتساعات الكبيرة على طريقنا إلى موانئ تيانجين.
موانئ عملاقة فْتحت على التجارة والصناعة
تبادل الوفد الأحاديث كثيراٍ والتعليقات في طريقهم الطويل إلى تيناجين واجتزنا بوابات كبرى لم أتمكن من حصرها لكنني توقعت أنها 8 بوابات.. بين كل بوابة وأخرى مسافة نصف ساعة ولم أدر ما الحكمة من تلك البوابات أو نقاط العبور إلا أن الدليل الصيني أشار إلى أن التوسع السريع لمناطق الموانئ التجارية والملاحية والصناعية والإسكانية هو سر هذه الدوائر الكبرى.
وصل الوفد منطقة الموانئ مرهقاٍ من السفر داخل تيانجين وعلى طريق مناطق الموانئ نفسها.. إنه لاتساع مدهش وإنجاز عظيم.. فعلى امتداد منطقة دونغ جينانغ التي كانت عبارة عن مستنقعات رطبة تعد المنطقة الأكبر من نوعها في الصين شيِدت مقاطعة تيناجين الصينية موانئها العملاقة ذات المواصفات الريادية في قطاع السفن والملاحة إذ نفذت هذه الموانئ إنشاء مجموعة من الأساطيل التجارية في كل من مصر والسعودية والجزائر ودول أخرى في قارتي آسيا وأفريقيا وغيرها وحالياٍ تتطلع بخطوات عملية إلى إقامة مشروع تصنيع سفن عملاقة تقل الواحدة منها حمولة 300 ألف طن.. وعبر قرنُ مضى – حسب الأدلة الصينيين- اشتهرت تيانجين بفعل هذه الموانئ العملاقة بأنها المدينة الصناعية الأولى حيث كانت منبت الإلهام لأكثر وأشهر الصناعات الصينية المنتشرة على خارطة العالم ومنها الدراجات النارية والهوائية ثم الراديو والتلفزيون والسيارات والمعدات الزراعية والإنشائية وغيرها من الصناعات الحيوية التي توجتها باقتناء أكبر كمبيوتر في العالم وجعلها تتحول إلى ملتقى لشركات صناعة الصورايخ والطائرات إذ توجد فيها أكبر قاعدة لتجميع الطائرات – في العالم – أهمها خط تجميع وتركيب طائرة إيرباص طرازA320 .. كما أن موانئها الواسعة والمفتوحة -حسب البيانات التي توردها خارطة العمل التجارية الدولية للموانئ – أهلتها لأن تمتلك القدرة على الشحن والتفريغ وتنظيم قطار الرحلات التجارية البحرية المنتظمة عبر خارطة ملاحية واسعة تشمل قارات العالم الست وهذا الحضور الصناعي والتجاري جعل موانئ تيانجين تحتل المرتبة الخامسة على مستوى العالم حيث نجح الصينيون في تحويلها إلى منطقة تجارية تعرف بالمنطقة الخالية من التعرفة الجمركية نسبة لما تقدمه حكومة المقاطعة من تسهيلات وإعفاءات للاستثمار الصناعي والتجاري فاتسعت فيها – بناء على تلك التسهيلات وبشكل لافتُ- محطات العمل التجاري والصناعي والإسكاني لأشهر الوكالات العالمية في شتى المجالات الصناعية.. لذا صار من الحق المشروع لمسئولي الغرف التجارية الصناعية وكذلك حكومة مقاطعة تيانجين التفاخر بهذه المساحة الأخصب والأصلح في الصين بل والتي تعدْ من أهم وجهات الأعمال والاستثمار في العالم سواء من قبل المستثمرين الصينيين أو الأجانب بفضل توفير السوق التنافسية العادلة والبيئة الاستثمارية المخدِمة والقوانين المتكاملة الحامية للحقوق الفكرية والابتكارية للمستثمرين والشركات.
مستقبل أخضر
مقاطعة تيانجين تسعى من خلال حركة هذه الموانئ ونهضتها السريعة إلى احتلال المرتبة الثانية على مستوى الصين بعد شينغهاي والرابعة عالمياٍ في حجم الاستيراد والتصديـر والاستثمار والتطوير كما تسعى خلال العامين القادمين لإنشاء مدن سكنية لــ(400) ألف نسمة في إطار الميناء بمساحة تقدر بــ(30) كيلومتراٍ مربعاٍ..
فيما يعتبر الصينيون هذه المقاطعة وموانئها العملاقة والمفتوحة على العالم بمثابة المستقبل الأخضر للتجارة والصناعة في مقاطعة تيانجين والصين والعالم.. حيث أقرت الحكومة المركزية الصينية استراتيجية لدفع الاستثمار واستغلال منطقة بينهاي الجديدة في تيانجين مفتتحةٍ مرحلة جديدة للبناء الشامل خصوصاٍ بعد تدفق الموارد والاستثمارات ورؤوس الأموال بعد أن شهدت هذه المنطقة أكثر من مائة شركة ومؤسسة استثمارية عملاقة من أصل (500) من المؤسسات الكبرى في العالم.. وتتوافد على المدينة- حسب الدليل الصيني- أشهر البنوك الأجنبية وشركات التأجير وصناديق الاعتمادات المالية العامة والخاصة وكانت المدينة قد استقبلت منتدى دافوس عامي 2008 و2010م عْقدِتú على هامشهما صفقات قْدرت بعشرات المليارات من الدولارات الأمريكية وفتحت مكاتب ومصانع للشركات العالمية الكبرى.
كان الفريق الصيني الذي استقبل الوفد في صالات كبرى لمؤسسة الموانئ يشرح بلا كلل أو تعب على خرائط حائطية كبرى وكنت أتتبع الإضاءة الليزرية التي يمررها على مناطق الميناء.. لكن الأهم ما يشير إليه حين توقف على منطقة الموانيء ومجسماتها الناجزة والمستقبلية أنها الموانئ الأكثر وجهة لأنظار المستقبل والأكثر حركةٍ بالحاضر التجاري في الصين وإحدى أهم موانئ العالم.. لحظتها اتضح لي بجلاء سر تدفق البشر إلى هذه المدينة عبر الطرقات العادية والخطوط الجوية وكذلك القطار السريع.. الكل يلتقي في هذه المدينة حيث مصالحهم التجارية في أكبر تجمعُ صناعي وتجاري للوكالات العالمية المنتجة تجارياٍ من خلال التوكيلات العالمية وتبادل المصالح التجارية وصناعياٍ من حيث إنتاج التقنية والصناعات الثقيلة في كل المجالات من أدق أجزاء آلة الخياطة حتى صناعة الطائرات والسفن العملاقة.. لحظات قليلة وعلى عجالة عدنا إلى بكين عبر القطار السريع الذي أتينا على متنه صباحاٍ لكننا كنا مرهقين جداٍ ولم يعد فينا غير نابض الشوق يشعل فتيل الأمل برحلة الغد الجوية إلى غرب الصين حيث سنطير ساعتين ونصف الساعة على متن طائرة صينية عملاقة إلى تشونغ تشنغ مدينة الجسور والأنهار والأبراج..