
تعتبر عملية إتقان العمل معضلة كبيرة تعاني منها مختلف قطاعات الأعمال في بلادنا وعائقاٍ رئيسياٍ أمام تطور الأعمال وزيادة إنتاجيتها.
وتعاني بيئة العمل في اليمن نتيجة لذلك انخفاضاٍ في مستوى الأداء والإنتاجية وغياب الرؤية الاستراتيجية الفعالة بالإضافة إلى بروز العديد من الاختلالات والصعوبات الإدارية والمهنية والوظيفية نتيجة لعدم توفر بيئة عمل صحية مشجعة على الارتقاء بكفاءة الموارد البشرية وكذا عدم فاعلية وكفاءة وتقليدية برامج التدريب والتأهيل بالإضافة إلى جهاز إداري متضخم بعمالة وهمية ومزدوجة وفائضة تشكل عبئاٍ كبيراٍ على أداء الأعمال وتحد من تطور الأعمال ورفع مستوى مساهمتها الاجتماعية والتنموية والاقتصادية.
تكشف نتائج بحث استقصائي أعده الباحث في مجال إدارة الأعمال عامر الجنيد أن 70% من الموظفين والكوادر العاملة في أغلب قطاعات الأعمال العامة والخاصة عاجزون عن إتقان عملهم.
وتتضمن أسباب ذلك عدم امتلاك مهارة الإتقان نتيجة جملة من الاختلالات التي تجتاح قطاع التوظيف وإشكاليات الإدارة وغياب التخطيط ووسائل التأهيل والتحفيز والتدريب المناسبة.
كما أن انعدام الرغبة وبدرجة أساسية عملية التحفيز تجعل العامل أو الموظف غير قادر على تأدية عمله بالشكل المطلوب الذي يساعد على زيادة الإنتاجية وتطور الأعمال .
ويشير الجنيد إلى أهمية إتقان الأعمال لكن ذلك يدخل ضمن إطار واسع تتعدد فيه الإشكاليات والتي ترجع بشكل أساسي إلى سوء الإدارة أو عدم الرغبة في التطور والإبداع.
ويضيف : إن هناك ثلاثة عوامل رئيسية ترتبط بتأدية الأعمال وإتقانها تتمثل في الرغبة والتحفيز وعملية التدريب والتأهيل وهي عوامل هامة تساعد على وضع الأسس الصحيحة لتطوير وزيادة إنتاجية الأعمال والمهن.
صفة
يرى خبراء أن الإتقان صفة أو مهارة مكتسبة فكل منِا يستطيع التدرب على اكتسابها وتفاوت درجة اكتسابها يعود في الدرجة الأولى إلى رغبة العامل أو الفرد أو الموظف في اكتساب هذه الصفة أو المهارة.
ويقول ياسين السلامي استاذ الادارة بجامعة صنعاء : بدون الإتقان لن يأتي النجاح ولذلك نجد الناجحين والمتميزين أكثر الناس شغفا ومحافظة على إتقان العمل ونجدهم أيضا يبتكرون الوسائل التي تساعدهم في المحافظة على مستوى الإتقان في أعمالهم.
مهارات
يقترح السلامي خطة تتضمن مجموعة من الوسائل المساعدة على اكتساب مهارة الإتقان تأتي في طليعتها النية الصادقة في الاستمرارية في إتقان العمل والتخطيط السليم لما ينوون القيام به من مهام وأعمال سواء كانت علمية أو عملية والأهم من ذلك الإرادة القوية والهمة العالية التي تساعد على تجاوز صعوبات وعقبات الطريق الذي يسلكونه نحو النجاح والتقييم المستمر أثناء التنفيذ مع تحديد الانحرافات عن الخطة الموضوعة للوصول إلى الهدف بأقصر الطرق.أيضا
المحافظة على التعلم والاطلاع والتدريب المستمر.
تنبيه
ينبه السلامي إلى عدم الوقوف عند الفشل لأن العمل المستمر والمتواصل والسير المنهجي على الطريق المحدد سلفا عند التخطيط هو سبيل الناجحين لتحقيق الأهداف .
ويؤكد خبراء أن الإتقان إذا حل في أي عمل تقوم به كان النجاح حليفك وإن تأخر بعض الوقت فالإتقان يجعلك يقظا في طلب التفوق والنجاح فيما تقوم به وتؤديه من أعمال ويشعرك بسعادة نفسية غامرة حتى لو أخفقت في تحقيق ما تهدف إليه من وراء هذه الأعمال أو تأخر نجاحها إذ يشعرك الإتقان بأنك لم تقصر وأنك أديت كل المطلوب منك في حدود إمكانياتك ويدفعك الإتقان إلى البحث عن الأسباب التي أدت إلى الإخفاق ومحاولة معالجة هذه الأسباب فإن كانت بسبب ضعف المادة العلمية لديك يدفعك حبك للإتقان إلى طلب العلم في هذه المادة وإن كان هناك نقص في الخبرات والمهارات يدفعك حبك للإتقان إلى الالتحاق بالمراكز التدريبية التي تساعدك على جبر هذا النقص في المهارات والخبرات وهكذا تجد الإنسان المتقن لعمله يحب الإتقان في كل شيء يؤديه.
قصور
يرى تقرير حديث أن أزمة الإتقان في العمل تبدأ من الجامعات والمراكز الاكاديمية التعليمية لأنها عبارة عن مصانع لتدريب العاطلين عن العمل حيث لاتجد نسبة كبيرة من مخرجاتها فرصاٍ في أسواق العمل أو عمالة متكدسة بحاجة ماسة للتطوير والتأهيل لإجادة عملها وإتقانه بشكل امثل.
ويقول البنك الدولي في هذا الخصوص ان الدراسة في التعليم العالي غير مرتبطة باحتياجات أرباب العمل. ويظهر هذا القصور الحاد بشكل خاص في البلدان النامية مثل اليمن وغيرها حيث يوجد أكثر من 40 % من الشباب عاطلين عن العمل بتكلفة اقتصادية تقدر بمليارات الدولارات.
ويرى خبراء في هذا المجال أن الحل الأمثل لمعالجة معضلة الإتقان والإنتاجية بتفعيل مبادرة التعليم من أجل التوظيف بحيث يتم الجمع بين شركاء من القطاعين العام والخاص لتطوير قطاع التعليم لكي يستهدف التوظيف بشكل أكبر ويفرز أيادي عاملة تتميز بالإتقان والإنتاجية.