الأمن والمجتمع

تبدأ استعدادات العيد ومراسمه بالإجازة الرسمية التي تعلنها وزارة الخدمة المدنية وتعتدها حتى المؤسسات والشركات الخاصة فضلا عن أصحاب المهن الحرة وينشغل الناس بكل مباهج العيد واللقاءات الأسرية والخروج إلى المتنزهات والحدائق والرحلات البرية وغيرها.
حتى تكتمل سعادة المجتمع وتكون الفرحة دون منغصات لابد من وجود من ينذر نفسه ويضحي بعيده من أجل المواطنين , لابد ممن يقف الساعات الطوال على منصة الأسمنت التي في جولات المرور وتقاطعات الشوارع لتنظيم حركة السير بانسيابية تمنع الازدحام الذي قد يفقد الناس متعتهم وآخر يحمل سلاحه ويتواجد على سيارة الدورية , في النقطة الأمنية , في مركز الشرطة , في غرف عمليات الشرطة , في مراكز الدفاع المدني , على طاولة الخدمة في المطار والميناء , في مواقع الحماية حول المنشآت الحيوية والمهمة , على أبواب المستشفيات والبنوك والمؤسسات وغيرها من الأماكن التي لا يمكن تركها بدون حراسة حتى لو كانت المناسبة هي العيد في ساعات الصباح الباكر متحملا قروسة البرد وفي أوقات الظهيرة تحت أشعة الشمس الحارقة .
إنه الشرطي المنسي الذي يقوم بكل المهام الصعبة رغم قلة راتبه الذي لا يكاد يكفي أسرته والشرطي الذي قد لا يدرك الناس معاناته إن هم لم يقتربوا من تلك المعاناة , فإلى جانب كل ما ذكرناه فإن معاناة أخرى هي الأشد وطأة , حين يضطر لترك أسرته في أوقات المناسبات من أعياد وإجازات وهي معاناة مزدوجة يتأثر بها أفراد أسرته إلى جانب الألم الذي يعتصره نتيجة وقوعه بين سندان آلام حرمان أسرته ومطرقة الواجب الذي لا يمكن تركه والتخلي عنه .
لكي أسهل لكم إدراك تلك المعاناة أرجو كلا منكم أن يضع نفسه مكان شرطي يترك أطفاله يوم العيد لأن واجبه يفرض عليه تركهم !!
كنت أعود إلى أطفالي في نهاية الدوام ( وقد انتهى وقت مراسم العيد لدى الأطفال ) وأرى تحت أعينهم تورما من كثر البكاء فينفطر قلبي عليهم لكن ما الذي أستطيعه وقد قدر لهم أن يكون والدهم شرطيا !!!
سألتهم : لم لم تذهبوا للزيارة مع عمكم ¿
أجابني أصغرهم : لست يتيما حتى أذهب مع عمي وأبي حي يرزق !!!
هذا الألم الذي يتكرر كل عيد لكل شرطي ( منضبط في عمله )علت رتبته أو دنت بحاجة إلى أن نضع له بعض المعالجات التي تخفف من الوطأة عليهم وعلى أسرهم وفي الوقت ذاته تحسن من أدائهم ومن تلك المعالجات ما يلي :
_ تطوير اللائحة الداخلية لعمل الشرطة بما يكفل إلزام المتلاعبن في الأعياد والمناسبات بالدوام عبر الإجراءات الزاجرة والرادعة , وسيؤدي ذلك إلى سهولة عمل جداول مناوبات تضمن للشرطي أن يحضر أحد العيدين في منزله وبين أهله على الأقل .
_ رصد الحوافز والمكافآت وبدل الإضافي المناسبة لحجم المعاناة لكل من يعمل في مثل هذه المناسبات والتي يمكن.w للشرطي التعويض على أسرته بطريقة أخرى .
_ تجاوب الجمهور ( المجتمع ) بإظهار شيء من الامتنان لكل من يجدهم من الشرطة خلال أيام المناسبات بالبسمة في وجوههم والإشارة بالتحية متى استطاع إيصالها إليهم , فذلك وقود معنوي يحفزهم على الأداء أكثر .
قبلنا تحمل كل ذلك حين وقعنا عقد الانتساب إلى جهاز الشرطة لخدمة الوطن وأهله وكل ساكنيه من المقيمين والزائرين ولن نكل أو نمل من القيام بواجباتنا مهما قست علينا الظروف فعيدنا نجده في بسمة نراها ارتسمت على شفاه الأطفال والأهل الذين تمكنا من تسهيل أجواء الفرحة لهم.
همسة أمنية :
العيد فرحة قد تتحول إلى مأساة بفعل الألعاب النارية ومسدسات الخرز التي تتسبب في إصابات بالغة للأطفال .
دام اليمن ودمتم بإذن الله سالمين غانمين 🙂
* قائد شرطة الدوريات الراجلة – سابقا .

قد يعجبك ايضا