التعصب من أشد أنواع الإفساد في الأرض


الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه والتابعين لهداه إلى يوم أن نلقى الله تعالى.. أما بعد..
فالتعصب هو الانحياز إلى رأي أو فكر أو مبدأ أو جماعة أو فريق أو مذهب أو طائفة أو غير ذلك على غير مبرر موضوعي وهذا يتنافى مع مبادئ الإسلام لما يلي:
1ـ دعوة الإسلام إلى وحدة المجتمع وتحذيره من الفرقة والشقاق قال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) سورة آل عمران آية رقم (103) وقال تعالى: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات) سورة آل عمران آية رقم (105) وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا).
2- تأكيد القرآن والسنة على الإخاء الإسلامي والإخاء الإنساني قال تعالى: (إنما المؤمنون إخوة) سورة الحجرات آية رقم (10) وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (المسلم أخو المسلم) وقال تعالى: (يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) سورة الحجرات آية رقم (13) وفي خطبة حجة الوداع يقول صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا إن ربكم واحد وإن أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب).
3- النهي الصريح عن العصبية بكافة أشكالها في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (ليس منا من دعا إلى عصبية ليس منا من قاتل على عصبية ليس من مات على عصبية).
4- تحريم المفاخرة بالأنساب والسخرية من الآخرين قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن) سورة الحجرات آية رقم (11).
لقد حرم الإسلام العصبية لأسباب متعددة منها:
1ـ لأنها تفرق ولا تجمع وتبث الأحقاد في القلوب والضغائن في النفوس.
2- لأنها تعمي الإنسان عن قبول الحق فيتعصب لباطله فيخسر الدنيا والآخرة.
3ـ لأنها تعوق حركة التنمية في المجتمع لما يترتب عليها من تناحر وتنازع يصل في بعض الأحيان إلى الاقتتال وسفك الدماء.
وللتعصب أسباب متعددة يمكن أن نوجزها في النقاط الآتية:
1ـ ضعف الإيمان.
2ـ الجهل والعلم الناقص قال تعالى: (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه) سورة يونس آية رقم (39).
3ـ التقليد الأعمى لما كان عليه الآباء قال تعالى: (وإذا قليل له اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا) سورة البقرة آية رقم (170).
4ـ انعدام الشفافية وفقدان المصداقية أو قلة الصدق فتنعدم الثقةـ فيكون التعصب.
5ـ اعتلاء غير المؤهلين للعمل الدعوي منابر الدعوة وكذلك اعتلاء غير المؤهلين للعمل الإعلامي منابر الإعلام.
6ـ افتقاد القدوة الصالحة وتوسيد الأمر إلى غير أهله في بعض الأحيان.
والتعصب أنواع كثيرة منها:
1ـ التعصب القبلي ومنه قول القائل: (والله إن محمدا لصادق ولكن متى كنا تبعا لبني عبد مناف) وقول القائل: (كذاب ربيعة أحب إلينا من صادق مضر).
2ـ التعصب القومي كزعم اليهود أنهم شعب الله المختار واحتقارهم لمن سواهم من الأمم الأخرى.
3ـ تعصب حزبي أو سياسي مع أن الأحزاب ليست مقبولة ولا مرفوضة لذاتها وإنما تقبل أو ترفض بحسب مبادئها وأهدافها والأصل فيها أن تكون متكاملة ومتعاونة على تحقيق المصلحة العامة للبلاد.
4ـ وهناك التعصب الطائفي أو المذهبي ومحاولة الاقتصاد لطائفة أو لمذهب على حساب الآخر.
5ـ ولعل من الطريف التعصب الكروي الذي نراه هنا أو هناك وشر البلية ما يضحك.
وللتعصب آثاره السيئة على المجتمع وذلك على النحو الآتي:
1ـ انتشار روح الحقد والكراهية والقضاء على روح الإخاء والتسامح.
2ـ إثارة الفتن وترويج الشائعات وإحداث الانقسامات الضارة بين أبناء المجتمع.
3ـ إفساد العلاقات العامة والخاصة بين الناس.
وحتى نواجه مشكلة التعصب لا بد من اتخاذ الإجراءات الآتية:
1ـ غرس عقيدة الإيمان في القلوب ومراقبة الله في السر والعلانية.
2ـ التوعية بخطر التعصب بكافة أنواعه.
3ـ العمل على محو الأمية والنهوض بالتعليم وتثقيف أبناء المجتمع بالثقافة النافعة.
4ـ الدعوة إلى الصدق ومكارم الأخلاق حتى توجد الثقة بين الناس بدلا من سوء الظن.
5ـ إسناد الأمر إلى أهله والجديرين به.
6ـ نشر ثقافة التعايش وقبول الآخرين.
7ـ ضرورة وجود إعلام إسلامي محايد يعبر عن حقيقة الإسلام السمحاء.
8ـ ضرورة تجديد الخطاب الديني الإسلامي بما يواكب قضايا العصر وبما يحقق تدينا صحيحا متوازنا ويقضي على كل مظاهر التخلف الديني.
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.

قد يعجبك ايضا