• حين ننظر إلى الأحداث العالمية بعين التجريد، ثم نخضع ما نراه من أحداث للدراسة والتمحيص، على أيدي الخبراء الأكاديميين، من أساتذة الجامعات والمتخصصين، في علوم السياسة والاقتصاد، سنجد أن ما يتم تداوله عالمياً من حديث عن بزوغ حرب تجارية عالمية، كمرادف للحروب النارية والناعمة الجارية منذ عقدين من الزمن، إنما هو التدرج في الحرب العالمية الثالثة، ولكن بأدوات جديدة، وطرق مستحدثة، وأساليب ونماذج حديثة، تضمن ديمومة تجهيل المجتمعات الدولية، بينما هي تعاني لفحات هذه الحرب التي لا ولن ترحم أحداً على طول وعرض الكوكب المكتض بمشاكله.
• إذا درسنا تهديدات (ترامب) وردود الدول المتضررة من تصريحاته، وخاصة الردود الأوروبية، من كافة الجوانب، وعملنا على استخلاص النتائج المتوقعة لما يسير إليه العالم من حرب تجارية، فسنعلم أن المجنون (ترامب) لم يطلق فقاعات في الهواء فحسب، بل إن وراء الأكمة ما وراءها، هناك ما برز تناوله إبان ((طوفان الأقصى)) من سيطرة ما يطلق عليه ((الدولة العميقة)) أو/و ((حكومة الظل))، فالمجنون، مهما كان جنونه، لا يسير سوى على خارطةٍ، رسمها له من أوصلوه إلى الحكم، وما (ماسْك) إلا رمز فقط، وعلى كل الحكومات والأنظمة، المتضررة من الصهيونية العالمية، المواجهة بيد واحدة، ويكفينا أن نعلم أن رؤوس الأموال التابعة للماسونية تفوق مجمل الاستثمارات العالمية المغايرة مجتمعة، لذا فالمواجهة المتفرقة لا تجدي، بل وستمنح شيطان المال الأمريكي انتصارات متعددة هنا وهناك، وهو يعمل الآن على تفريقها، معتمداً على ما لديه من رصيدٍ في المكر والمكائد، لا يستطيع الاستمرار بدونها.
• كلمة السيد القائد «حفظه الله» عن الاحتفاء بمناسبة طرد الأمريكيين وهروبهم من صنعاء بشكل مذل، هو شيء كبير بالفعل، ويعني التخلص من الهيمنة الأمريكية على بلدنا، ما مكّننا من المواجهة طوال عشر سنوات من العدوان الأمريكي المباشر وعدوانه بالوكالة، وخاصة في معركة طوفان الأقصى، حين أذل اليمن للمرة الثانية قوةَ الردع الأمريكي، وطرده من البحر الأحمر بكل أساطيله التي يرعب بها العالم، ما عدا اليمن.
• لا بد أن نُذكّر العالم بذلك، لنقدم للمجتمعات الحرة والأنظمة الأبية طريقة مواجهة الأمريكي الذي يحاول استرجاع كرامته – التي أغرقها اليمنيون في البحر الأحمر – بتوزيع التهديدات هنا وهناك.
• أمريكا تُحتضر الآن، وهي تبحث عن مواجهات وحروب في شتى أنحاء العالم، لتستمر، ويستمر نفوذها، وتستمر هيمنتها، وهناك دراسات علمية موثقة توضح بتفصيل مثل هذه المعالجات التي تقوم بها أمريكا لتمديد عمرها الافتراضي كقطب أوحد، خاصة بعد بروز (الصين) كمنافس جدير بالاستيلاء على مجمل السوق والاستثمارات لما يقدمه من فرص وتخفيضات ومنافسة سعرية وجودة منافسة، وخطر سيطرته على البحار والمنافذ البحرية، وسوق الاستهلاك العالمية، وتصاعد النمو الاقتصادي (الروسي)، رغم الحرب الدائرة ضده في (أوكرانيا).
• تصريحات التمدد التي يهذي بها (ترامب) ليست -في نظري- سوى نفخة إثبات وجود لا أكثر، لكن إن أتيحت له الفرص، وحصل على التنازلات، من قبل كل من (المكسيك وبنما والنرويج) وغيرها، فسوف يتغوّل ويتوغل أكثر، ولن يكتفي بتلك المطالب، ولنا مثال في ما فعله مع (السعودية) حين طلب نصف تريليون دولار، فحصل على تصريح من (المهفوف) باستثمارات قيمتها 600 مليار دولار، فزادت أطماعه، وانفتحت شهيته، ليطالب بتريليون دولار، يفرضها فرضاً على النظام السعودي، مقابل ما يتكلم عنه من خدمات قدمتها أمريكا للنظام السعودي.
• شعب الحزيرة العربية، في ما يطلق عليه السعودية، يعاني الأمرين جراء السياسات التقشفية الداخلية والجرعات المتخذه، بينما تتجه الاستثمارات السعودية لبناء أمريكا، وهدم أنظمة ومجتمعات عربية ودولية، عيبها أنها مناوئة لأمريكا.. 85 ٪ من عائدات النفط السعودي تستفيد منها أمريكا، فمن يا ترى قدم خدمات أكثر للآخر، أمريكا أم السعودية؟
• خلاصة القول إن العالم يجب عليه أن يتوحد، في مواجهة الغول الأمريكي، لأنه لن يسلم من شره بلد ولو كان من أكثر البلدان ولاءً له، وكذلك الأنظمة والأتباع وأتباع الأتباع.