ثقوب الذاكرة.. هنا تقيم أمريكا..!

عبد الكريم الوشلي

 

رغم ما يبدو عليه أمر ترامب من أنه يختلف عن غيره من رؤساء أمريكا.. على العالم ألا ينخدع بتصريحاته ووعوده البراقة، فهو في النهاية إبن مدرسة الخداع والمكر والكذب الشيطانية الأمريكية التي تقول في العلن نقيضَ ما تفعله وتمارسه في الميدان العملي، وبالتالي حين يقول إنه حمامة سلام ويعد بالسعي لمنع الحروب والصراعات، فعلينا أن نحذر ونتوقع العكس تماما ونستعد للمزيد من مغامرات أمريكا الدموية والمشاكلِ والصراعات في شتى مناطق العالم والمزيد من المطبات والحفر والأفخاخ في سياستها العدوانية شديدة التوحش والتعرج والالتواء والمكر .

وهذا ما تفرضه علينا التجربة الطويلة والمريرة بدروسها وخلاصاتها التي لا لبس فيها مع أمريكا التي تحظى بلقب (القاتل الأكبر) في التاريخ، وهي في كل جرائمها بحق الشعوب الضحايا – على امتداد العالم وتاريخه الحديث والمعاصر منذ نشأتها المشؤومة – تعتمد سياسة الخداع والكذب والتضليل والاحتيال ودبلوماسيةَ الوعود السرابية وسيلةً أساسية لتمرير مشاريعها ومخططاتها الجهنمية والتغطيةِ على جرائمها وإباداتها وأشكال عدوانها هي وأذرعِها وأدواتِها التي لا حصر لها وتخديرِ ضحاياها وتنويمهم وإعمائهم وإعطاب وعيهم وذاكرتهم، عملا بمبدئها الشيطاني “تكلم بنعومة وأنت تقتل”.

وبهذا كله تسنى للشيطان الأكبر أن يخرج من كل جريمة يرتكبها وكأن شيئا لم يكن، وأن ينجو من عواقب اقترافاته وجرائمه وأفعاله المنكرة وفضائحه وينفُذ بجلده من تبعاتها في كل مرة، عابرا من الجريمة إلى أكبر منها ومن الفضيحة إلى اختها بسلام وإلى اليوم، لأن العالم أتاح لها، بتساهله وتغافله وذاكرته المثقوبة وانبطاحه أمامها في كثير من الأحيان والحالات، هذا المستوى من العربدة والعبث والغرور والوقاحة والأريحية في ممارسة جرائمها وفظائعها المتوالية منذ عقود بحق الشعوب المستضعفة المستهدفة وما أكثرها.

ونحن كعرب ومسلمين لسنا استثناء من هذا العالم المستغفل النازف من سكاكين أمريكا وعدوانيتها ونهمها المتوحش ومكرها وتضليلها وأفعال مخالبها الفتاكة وأنيابها السامة الحاتفة، وأولُها وأخطرُها في منطقتنا المبتلاة النابُ الصهيوني الخبيث الذي حرص زارعُه وراعيه الغربي الأمريكي على إحاطته بدرع وغلاف أمني محكم من الأنظمة الموظفة والمصممة خصيصا لخدمته وحمايته، على رأسها النظام السعودي الذي يتجدد الحديث اليوم عن قرب “تطبيعه” مع “إسرائيل” مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، وهذا أمر نلحظ تناوله أو تسويقَه إعلاميا بمكر لا يدرِك كنهَه إلا القليل وبقدر كبير من التدليس والمغالطة والدعاية المضللة الخبيثة من قبل أمريكا وأتباعها من هؤلاء الأزلام التعساء الساقطين ومنهم النظام السعودي ذاته الذي يقول الواقعُ المتستَّرُ عليه – وبعيدا عن قشور التضليل والتغفيل تلك – إن علاقته الخيانية الوثيقة مع العدو ليست بنتَ اللحظة أو وليدة اليوم، بل إنه “مطبِّع” منذ اللحظة الأولى لنشوء كيان هذا العدو الصهيوني اللقيط، وإن العلاقة السرية الشائنة بين الكيانين العائدين للصانع والمنشئ والموظِّف الشيطاني البريطاني الغربي ذاته، تعود إلى ذلك الوقت المبكر، وهي بعمر الكيانين المشؤومين اللذين تجمعهما علاقة التوأم السيامي بكل ما فيها من نوعية وخصوصية ومعنى، وهي تشكل واقعَهما ووجودهما الموحدَ المشترَك من ألفه إلى يائه، بدايةً واستمراراً ونهايةً إلى مصير التلاشي والزوال.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا