ثورة طوفان الأقصى والمسيرات المليونية .. بداية النهاية

د. يحيى علي السقاف

 

ليس غريبا على شعب يمن الإيمان والحكمة ان يخرج بمسيرات مليونية لدعم أخوانهم في فلسطين ويقولون لهم انكم لستم وحدكم وأننا جاهزون للمشاركة معكم بالمال والنفس ومستعدون للجهاد معكم كتفا إلى كتف في جميع الجبهات رغم العدوان والحصار على مدى تسع سنوات وتبعاتها وآثارها الكارثية على اليمن أرضا وإنسانا، ولكننا جاهزون للانضمام إلى صفوفكم لخوض المعركة الكبرى والمقدسة التي سوف تعيد عزة وكرامة وشموخ الأمة الإسلامية من جديد وتعيد القدس المحتلة إلى أصحابها، وتدحر الكيان الصهيوني المغتصب، وتعتبر ثورة طوفان الأقصى بداية النهاية لوجود الكيان الصهيوني ودول الاستكبار العالمي، أي أن يوم السابع من أكتوبر هو يوم البداية للعد التنازلي لزوال الكيان الصهيوني وانتهاء الهيمنة والاستكبار للدول الاستعمارية المتمثلة بأمريكا وبريطانيا التي تدعم الكيان الصهيوني المغتصب، ولأن القضية الفلسطينية كانت وسوف تظل واحدة من أكثر القضايا العادلة للأمة العربية والإسلامية، وسوف يظل أحرار فلسطين مثالاً حياً للصمود والتضحية من أجل الحرية والعدالة واسترجاع حقهم المسلوب في أرضهم المحتلة فعملية طوفان الأقصى هي ثورة من نمط جديد ومضمونها يقول البحر ورائكم والعدو أمامكم، ومما لا شك فيه فإن قيام ثورة طوفان الأقصى هو قرار يٌعلن للعالم بشكل عام والمنطقة بشكل خاص أن حربنا على عدونا المحتل لن تتوقف ما لم يتوقف الكيان الصهيوني عن جرائمه الوحشية ويرفع يده عن كل شبر من الأرض المحتلة، ولن يكون ذلك إلا بالقوة، لأنه لا يعرف غير هذه اللغة، وأن ما أٌخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، ووفقاً لهذه المعادلة يجب على العرب والمسلمين في جميع الدول أن تعمل على تحويل عملية طوفان الأقصى إلى حرب إقليمية وعالمية ضد كيان الاحتلال الصهيوني ومن يدعمه ويقف معه ويسانده وبالأخص أمريكا ومن سار في فلكها من الدول الغربية، فعملية طوفان الأقصى تٌعتبر بركاناً وثورة مزلزلة لانتزاع الحقوق المسلوبة، وتٌعتبر حراكاً شعبياً وثورياً لطرد الوجود الإسرائيلي والأمريكي من المنطقة العربية وهذا يعني أن من لا يشارك في هذه المعركة المقدسة بالنفس والمال من أجل التحرير ومن أجل استعادة الحقوق والحريات والثروات المنهوبة فإنه وبلا شك يخضع خضوعاً تاماً للعدو الأمريكي والصهيوني، وجميع الشواهد تقول أن هذه المعركة قد بدأت فعلاً في يوم السبت السابع من أكتوبر بقيام عملية طوفان الأقصى، علما بأن هذه العملية الاستراتيجية ليست لزمن محدد أو لمرحلة معينة بل هي حرب مستمرة بإرادة قوية وصادقة وإدارة سليمة وناجحة من فصائل المقاومة الفلسطينية ومن سيلحق بها من دول محور المقاومة ورعاية وعناية من الله العزيز الحكيم، قال تعالى “أٌذن للذين يٌقاتلون بأنهم ظٌلموا وأن الله على نصرهم لقدير” صدق الله العظيم.
وخروج الملايين من أبناء الشعب اليمني في العاصمة صنعاء وجميع المحافظات كان في أول يوم من عملية طوفان الأقصى، كما يأتي في يوم عصر يوم الجمعة تلبية لنداء اخواننا في غزة وتنفيذا لتوجهيات القيادة الثورية والسياسية في إعلان التعبئة العامة والاستنفار للتكاتف يداً بيد وفي صف واحد مع دول محور المقاومة لتحرير فلسطين من الكيان الصهيوني الغاصب ونصرة لأبناء غزة، وقد بعث المتظاهرون في هذه المسيرات المليونية عدة رسائل مفادها أن هذه الثورة لفصائل المقاومة في فلسطين هي بداية مرحلة جديدة لزوال الكيان الصهيوني، فعملية طوفان الأقصى قد يكون معناها الطوفان والزوال للكيان الصهيوني المغتصب للأرض والحق الفلسطيني، وقد تكون بداية لطوفان أعظم وأوسع يٌنذر بزوال دول الاستعمار والاستكبار العالمي وكل الاحتمالات واردة حتى تعود الحقوق المسلوبة لأهلها في فلسطين ويعود القدس من جديد لحضن الأمة الإسلامية، ولا شك أن استمرار هذا الطوفان سوف يٌرهق العدو الصهيوني ويزرع في قلبه الرعب والذلة ويعجّل من نهايته، كما يٌعتبر هزيمة استراتيجية ساحقة تلقاها الكيان الصهيوني في عقر داره، وبناء عليه فإن تبعات وارتدادات هذه الهزيمة على مستقبل هذا الكيان ستكون كبيرة جدا، فما قبل طوفان الأقصى ليس كما بعده، وبالتالي لن تبقى سمعت هذا الكيان كما كانت عليه من قبل في أنه الجيش الذي لا يقهر رغم امتلاكه أكبر ترسانة عسكرية وأكبر منظومة مالية واقتصادية، ولكنه انهزم وانهار سياسياً وعسكرياً وأخلاقياً واقتصادياً من أول مواجهة، وأعلن استسلامه رغم الإمكانيات العسكرية والمالية المتواضعة لفصائل المقاومة الفلسطينية.
وبناء على ذلك فمن أهم الرسائل التي أوصلتها الحشود المليونية التي خرجت في صنعاء وبقية المحافظات لجميع الدول العربية والإسلامية أننا أمام لحظة محورية وفارقه يمكن التحرك والبناء عليها لعهد جديد يٌعيد قوة وعظمة الإسلام كما كانت في العهود السابقة، وهذا لن يكون إلا لو تضافرت الجهود واتحدت الساحات واجتمعت الدول والمكونات في محور واحد، فلو حدث هذا فعلاً في هذه المرحلة الحاسمة ستكون الأمة الإسلامية بإذن الله تعالى أمام نصر كبير لم يحدث من قبل.
وكيل وزارة المالية – كاتب وباحث في الشأن الاقتصادي

قد يعجبك ايضا