وكيل وزارة المالية الكاتب والباحث الاقتصادي الدكتور يحيي السقاف لـ “الثورة”: المقاطعة الاقتصادية سلاح مؤثر على العدو، ويسهم في تحسين المؤشرات الاقتصادية الوطنية للنمو
الثورة/ أحمد المالكي
أكد الدكتور يحيى السقاف- وكيل وزارة المالية الكاتب والباحث في الشأن الاقتصادي أنَّ المقاطعة الاقتصادية للبضائع الأمريكية والإسرائيلية تعتبر خياراً استراتيجياً، وأسلوباً نموذجياً في المواجهة المشروعة ونوع من أنواع الجهاد ضد الاحتلال الأمريكي والإسرائيلي المتغطرس، الذي يوغل في ارتكاب الجرائم والمجازر البشعة بحق الأطفال والنساء والمدنيين بغزة وفلسطين، وحتى تنال الشعوب حريتها واستقلالها، مشيراً إلى أن استخدامنا لسلاح المقاطعة الاقتصادية بجانبيه الاستيرادي والتصديري وكذلك الاستهلاكي يعمل على ضرب أعدائنا في مقتل ويعمل على التأثير عليهم وهزيمتهم . وأوضح الدكتور السقاف أن استخدامنا لسلاح المقاطعة الاقتصادية سيعمل على تحسين المؤشرات الاقتصادية العامة مثل النمو الاقتصادي والإنتاج الوطني والعدالة الاجتماعية وتوفير فرص العمل التي بدورها سوف تحقق الازدهار، وتتحسن الرفاهية الاقتصادية للمجتمع وينخفض التضخم في السلع والخدمات في الأسواق وتتوفر فرص العمل ويزداد دخل الفرد في الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير الأمن الغذائي للسلع الاستراتيجية وخاصة الأغذية والأدوية والوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي، مؤكدا أن المقاطعة الاقتصادية هي الحل لإيقاف المخططات الإجرامية للكيان الصهيوني المحتل بما فيها خطط التطبيع. الدكتور السقاف تطرق في الحوار الذي أجرته معه “الثورة” إلى خطورة الإغراق السلعي من المنتجات الخارجية، وكيفية مواجهته، وأهمية إيجاد الخطط التنموية التي تدعم الإنتاج المحلي وتحقق الاكتفاء الذاتي، وتفاصيل اقتصادية عن أهمية المقاطعة والحروب الاقتصادية وأخرى كثيرة تقرأونها في الحصيلة التالية: * ماذا تعني المقاطعة الاقتصادية للبضائع الأمريكية والإسرائيلية كخيار استراتيجي وما أهميتها؟ وهل لها تأثير على اقتصاديات الأعداء في حال تفعيلها بشكل كبير لا سيما بعد ثورة طوفان الأقصى؟ تُعتبر المقاطعة الاقتصادية للبضائع الأمريكية والإسرائيلية خياراً استراتيجياً كما تعتبر أسلوبا نموذجيا كأحد أوجه المواجهة المشروعة ونوع من أنواع الجهاد ضد الاحتلال الأمريكي والإسرائيلي، كي تنال الشعوب حريتها واستقلالها، والمقاطعة الاقتصادية تعني بمفهومها العام إيقاف تبادل السلع والخدمات بشكل كلي أو جزئي مع الطرف المراد مقاطعته بما يخدم مصالح وأهداف الطرف الداعي للمقاطعة ويشمل التعامل الاقتصادي بكافة أشكاله، أي وقف التبادل بهدف التأثير عليه سياسيا أو إضعافه عسكريا واقتصاديا، وتعتبر المقاطعة هدفا استراتيجيا لغرض إحداث الضغط والتأثير على أمريكا والكيان الصهيوني بما يخدم المصلحة العامة للدولة المقاطعة بشكل خاص والأمة الإسلامية بشكل عام. وفي هذا السياق فإن سلاح المقاطعة الاقتصادية له تأثير مباشر وغير مباشر على اقتصاديات الأعداء خاصة وأن المناخ في هذه الأيام مهيأ لتكاتف جميع الشعوب العربية والإسلامية لتفعيل هذا السلاح الخطير الذي ستكون نتائجه سريعة في خلخلة وانهيار الاقتصاد الأمريكي والصهيوني وذلك في ظل الهجمة الصهيونية وجرائم الإبادة الوحشية التي يقوم بها الكيان الصهيوني المحتل على فلسطين بشكل عام وغزة على وجه الخصوص وهذا العدوان البربري بغطاء أمريكي ودولي وفي ظل صمت عربي مخز وفي هذا السياق وهذه الأحداث منذ قيام ثورة طوفان الأقصى فإن مقاطعة البضائع الأمريكية والصهيونية أصبحت فرض عين وواجبة على الجميع ومن لا يزالون عميان البصر والبصيرة ويتجنبون هذه المقاطعة ويقبلون على شراء هذه البضائع فإنهم يشاركون في العدوان على أبناء غزة من خلال دعمهم لاقتصاد أمريكا والكيان الصهيوني ويشاركون في القتل والاعتداء على أبناء غزة ولن يستجيب للمقاطعة الاقتصادية إلا من كان لديه وعي وإدراك لما يجري في فلسطين المحتلة. * في حال تم تفعيل سلاح المقاطعة الاقتصادية بشكل واسع.. ما هي تأثيراته ونتائجه على المستوى السياسي والاقتصادي؟ إن المقاطعة الاقتصادية الفعلية للبضائع الأمريكية والإسرائيلية لها تأثيرها الحقيقي على العدو ولها نتائجها الملموسة على كافة المستويات، فتأثيرها على المستوى السياسي يأتي من اعتبارها عملية ردع للعدو وتقلص من سياسته ضد الشعوب الإسلامية وتدفعه للتخلي عنها ولو بشكل تدريجي، كما أنها تدفع العدو إلى مراجعة حساباته في اتخاذ قراراته، فتساهم في تلاشي سياسته في الهيمنة والاستكبار، ولأن العدو لا يؤمن إلا بالقوة فإن تأثيرات المقاطعة على الجانب الاقتصادي كثيرة، حيث تستطيع أن تستخدم سلاح المقاطعة من مكانك في مدينتك بعدم شراء البضائع الأمريكية والإسرائيلية وأن تكبد عدوك خسائر فادحة يدخل بسببها في أزمات ومشاكل اقتصادية تسبب له انهيارا اقتصاديا قد يصل إلى حد الإفلاس وذلك لأن أعداءنا يعتمدون بشكل أساسي على مواردنا وثرواتنا الاقتصادية من خلال استغلال المواد الخام التي يستوردونها من بلداننا ويعيدون تصنيعها إلينا بأسعار مضاعفة، كما يعتمدون علينا كسوق استهلاكية لشراء منتجاتهم وعليه فإن استخدامنا لسلاح المقاطعة الاقتصادية بجانبيه الاستيرادي والتصديري يعمل على ضرب أعدائنا في مقتل ويعمل على التأثير عليهم وهزيمتهم. ولذلك فإن استخدامنا لسلاح المقاطعة الاقتصادية سيعمل على تحسين المؤشرات الاقتصادية العامة مثل النمو الاقتصادي والإنتاج الوطني والعدالة الاجتماعية وتوفير فرص العمل التي سوف يتحقق من خلالها الازدهار الاقتصادي وتتحسن الرفاهية الاقتصادية للمجتمع وينخفض التضخم في السلع والخدمات في الأسواق وتتوفر فرص العمل ويزداد دخل الفرد في الناتج المحلي الإجمالي ومن ضمن تلك الأهداف أيضا توفير الأمن الغذائي للسلع الاستراتيجية خاصة الأغذية والأدوية والوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي. * هل لوباء التطبيع الذي اجتاح المنطقة العربية والإسلامية علاقة في إمكانية تفعيل سلاح المقاطعة الاقتصادية؟ وما هي آثاره الكارثية على جميع الأصعدة؟ كنتيجة حتمية لآثار تطبيع الدول مع الكيان الصهيوني فإن الاتفاقيات المبرمة بينهما كان لها دور كبير في ترويج وتسويق البضائع الأمريكية والإسرائيلية وقد يكون لها تأثير سلبي على تلك الدول من الناحية الاقتصادية في حال عدم تفعيل سلاح المقاطعة الاقتصادية خاصة في مجالات التجارة والسياحة وجذب الأموال والاستثمارات، لأن دول الخليج والدول الأخرى المطبعة مع إسرائيل لها أسواق وسلع وخدمات تصدر وتباع فيها من بقية الدول العربية في المنطقة ووجود علاقات اقتصادية بين إسرائيل والدول المطبعة يساعد الكيان الصهيوني على تقوية اقتصادها وتنفيذ خططها وأجنداتها في السيطرة على المنطقة، وتوسيع جرائمها الوحشية على أبناء فلسطين وبالتالي فإن المقاطعة الاقتصادية هي الحل لإيقاف تلك المخططات الإجرامية للكيان الصهيوني المحتل. ومما لا شك فيه أن وباء التطبيع الذي اجتاح المنطقة العربية والإسلامية بشكل سافر واستفزازي يعتبر كارثة كبيرة على الاقتصاد في دول الخليج خاصة والدول المطبعة الأخرى بشكل عام، ويتوقع أن تكون لهذه الموجة التطبيعية تداعيات أكثر حدًة وخطورة على الأنظمة المطبعة على كل الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والفكرية ومن الضرورة التصدي لهذا الوباء الخبيث قبل أن يتجذر في جسد الأمة العربية والإسلامية، وهو أكثر خطورة من وباء كورونا، لأنه يصيب الروح والعقيدة الإيمانية والإسلامية وله مخاطر كبيرة جدا وليس بالسهولة القضاء عليها وذلك لأن آثار التطبيع ستكون أخطر وأكثر فداحة لأنها تمس نسيج الأمة العربية والإسلامية وتاريخها وتطيح بالكثير من عوامل صمودها واستمرارها، وعلى الصعيد الاقتصادي يتوقع أن تكون للموجة الحالية من التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني تداعيات بالغة الخطورة على النظام الاقتصادي العربي ككل وعلى الاقتصاد الخليجي بصفة خاصة في حالة عدم الأخذ بالاعتبار أهمية سلاح المقاطعة الاقتصادية. *لا شك في أن مخاطر التطبيع كبيرة جدا لا سيما في الوقت الراهن منذ بدء عملية طوفان الأقصى.. فما هي تداعياته على القضية الفلسطينية والأمن القومي؟ وما هي الحلول لمواجهة تلك المخاطر؟ لا يختلف اثنان على أن لهذا التطبيع مخاطر كبيرة على القضية الفلسطينية وأيضا على الأمن القومي العربي وذلك لما تشكله خطورة هذه التحولات من انكشاف للأمن العربي وإضعاف الموقف الموحد الداعم لتحرير القدس الشريف واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني، لأن حل القضية الفلسطينية هو أساس معالجة أزمات المنطقة والوصول إلى حالة الاستقرار والسبب في ذلك يعود إلى أن اتفاقيات التطبيع تتيح للكيان الصهيوني الدخول إلى قلب النظام العربي واختراق المجتمعات العربية وبث بذور الفتنة والانقسام بداخلها وتغيير مفهوم أولويات الأمن القومي بين الدول العربية لاختلاف تعريف الخصم أو العدو لدى كل منها وهذا ما شهدناه في هذه الأيام من السكوت العربي والصمت المخزي جراء الجرائم الوحشية والقتل والتدمير لغزة إضافة لاستنزاف أموال الدول النفطية تحت مسمى الاستثمار التكنولوجي في ظل ما تشهده المنطقة من تغييرات إقليمية كبيرة ودخول مشاريع غير عربية إليها بقوة والذي يجب على الدول العربية في مواجهة هذا المد الصهيوني بناء استراتيجية عربية شاملة وبعيدة المدى لاحتواء مشروع الكيان الصهيوني ومحاصرته وصولا إلى إنهائه وحماية الدين الإسلامي من هذا الوباء الخطير، ولأن القضية الفلسطينية مستندة إلى تمتين الجبهة الداخلية للدول العربية عبر تحقيق الإصلاح السياسي والتصالح مع الشعوب ولأن تجربة أكثر من أربعين عاما من مسار التسوية والمعاهدات بين دول عربية والكيان لم تحقق السلام والاستقرار في المنطقة ولم تحقق مصالح الشعب الفلسطيني، والجميع يستطيع استخدام سلاح المقاطعة وذلك عندما يدركون قبح ووحشية أمريكا والكيان الصهيوني وما تسعيان إليه من خلال تنفيذ مخططاتهما وأجنداتهما الاستعمارية في احتلال الدول واستعمارها سياسيا واقتصاديا وأخلاقيا وعسكريا والسيطرة على ثرواتها الاقتصاديةـ فيجب علينا أن ندرك أهمية سلاح المقاطعة الاقتصادية الذي يعتبر السلاح الأسرع فتكا بالعدو والأشد ضراوة عليه، لأن المعركة مع العدو الأمريكي والصهيوني هي معركة مفتوحة في كل الاتجاهات وتعتبر مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية جزءاً من المواجهة. * إزدادت الدعوات الداعية إلى تفعيل سلاح المقاطعة الاقتصادية منذ بدء ثورة طوفان الأقصى… فما هي توابع وارتدادات هذه الثورة المباركة على زوال الكيان الصهيوني؟ وما هي الآثار والتداعيات على اقتصاد الكيان المحتل؟ ثورة طوفان الأقصى قد يكون معناها الطوفان والزوال للكيان الصهيوني المغتصب للأرض والحق الفلسطيني وقد تكون بداية لطوفان أعظم وأوسع يُنذر بزوال دول الاستعمار والاستكبار العالمي التي تسانده وتدعمه وكل الاحتمالات واردة، فهذا الطوفان سوف يُرهق العدو الصهيوني ويزرع في قلبه الرعب والذلة ويعجل من نهايته، كما يُعتبر هزيمة استراتيجية ساحقة تلقاها الكيان الصهيوني داخل الأراضي المحتلة، وبناءً عليه فإن توابع وارتدادات هذه الهزيمة على مستقبل هذا الكيان ستكون كبيرة جدا، فما قبل طوفان الأقصى ليس كما بعده وبالتالي لن تبقى سمعة هذا الكيان كما كانت عليه من قبل في أنه الجيش الذي لا يقهر رغم امتلاكه أكبر ترسانة عسكرية وأكبر منظومة مالية واقتصادية ولكنه انهزم وانهار سياسياً وعسكرياً وأخلاقياً واقتصادياً من أول مواجهة وأعلن استسلامه رغم الإمكانيات العسكرية والمالية المتواضعة لفصائل المقاومة الفلسطينية. وفي هذا السياق نتطرق إلى الآثار والتداعيات التي خلفتها ثورة طوفان الأقصى على اقتصاد الكيان الصهيوني المحتل، حيث خلفت أزمات اقتصادية كبيرة سيظل يعاني من تداعياتها وآثارها المباشرة وغير المباشرة على المديين المتوسط والبعيد، وقد بدأت هذه الآثار والتداعيات تنعكس على اقتصاد الكيان الصهيوني، وبحسب تصريحات احد البنوك في الكيان الصهيوني فإن كلفة الخسائر الأولية التي تكبدها الاقتصاد في أربعة أيام فقط منذ بدء عملية طوفان الأقصى ونتيجة للحرب والاعتداءات على غزة وصلت إلى ما يقارب سبعة مليارات دولار وهذه التقديرات لا تشمل الخسائر التي ستطال قطاع الطيران وتوقف الأعمال التجارية والمصانع وفقدان الشركات العالمية الثقة بالعمل داخل الكيان الصهيوني بالإضافة إلى هروب الاستثمارات وهجرة رؤوس الأموال إلى الخارج وهي كلفة من الصعب حسابها، إضافة إلى الخسائر للنفقات في الجانب العسكري لما يقارب من نصف مليون جندي احتياطي تم استدعاؤهم بالإضافة إلى الخسائر الاقتصادية التي خلفوها نتيجة ضياع الفرصة الضائعة عندما تركوا أعمالهم وتأتي هذه الخسائر بعد أيام قليلة فقط من بدء عملية طوفان الأقصى التي هزت وزلزلت الكيان الصهيوني والتي تُنذر بانهيار مستقبله وبالتالي دخوله في نفق مظلم من الصعب عليه الخروج منه. * كم تتوقعون خسائر الكيان الصهيوني مقارنة بالخسائر التي تعرض لها نتيجة الهزائم السابقة؟ وما تأثيرها على اقتصاد الكيان الصهيوني والاقتصاد العالمي لأمريكي ودول أوروبا في حال استمرار ثورة طوفان الأقصى؟ مما لا شك فيه وبحسب مراقبين اقتصاديين فإن الخسائر التي لحقت باقتصاد الكيان الصهيوني في حرب 1973م لا تساوي 10% من حجم الخسائر التي تعرض لها منذ بدء عملية طوفان الأقصى والتي ما زالت نهايتها مجهولة واحتمالية امتدادها إلى عدة شهور إن لم تكن سنوات، وأنها ستشكل ضربة اقتصادية للكيان الصهيوني، وربما يظهر حجم وقيمة فاتورتها مع مرور الوقت وتطورات الحرب، حيث أن تلك النفقات سوف تتجاوز أضعافاً كثيرة لتكاليف حرب لبنان عام 2006 و2015م، وفي هذا السياق فإن ثورة طوفان الأقصى ستكون لها آثار كارثية على اقتصاد الكيان الصهيوني من خلال ارتفاع نسبة التضخم الذي ستخلفه على السلع والخدمات في الداخل للكيان الصهيوني وفي الخارج على اقتصاد أمريكا ودول أوروبا، حيث ستكون لها آثار في انخفاض نمو الاقتصاد العالمي على المدى المتوسط والذي من المحتمل أن يصل إلى 3,1 % وأيضا، ناهيك عن آثار ستترتب على ارتفاع أسعار النفط والتي تقدر مبدئياً بنحو 5 % إلى 20 %، الأمر الذي سوف يثير مخاوف بشأن صدمات محتملة من منطقة الشرق الأوسط التي تعتمد على تصدير النفط للخارج ومن المتوقع حدوث تقلبات وتداعيات أكبر مستقبلاً. وفي هذا الصدد يعترف أحد الخبراء في وزارة مالية الكيان الصهيوني أن ثورة طوفان الأقصى كان لها أثر كبير في انخفاض الاستثمارات الأجنبية التي بلغت بنحو 60 % في الربع الأول 2023م مقارنة بالأعوام السابقة التي قدرت بنحو 28 مليار دولار، كما أن استمرار طوفان الأقصى والعدوان على غزة سيترتب عليه تراجع كبير في سوق المال للكيان الصهيوني وقد تهوي السوق إلى أدنى مستوياتها، كما أن الضرر الرئيسي الذي سوف يلحق باقتصاد الكيان الصهيوني بالتحديد يأتي من توقف مئات الآلاف للشركات في المنطقة الوسطى، حيث سيعمل ذلك على انخفاض دورة الأعمال بين 70 % إلى 80 % وهذه النسبة تعتبر أكبر من فترة كورونا التي تراجعت خلالها الأعمال بنحو 40 % فقط, كما قد تضطر تلك الشركات في هذه المرحلة إلى البحث عن عمال لعدم وجود فترة محددة لانتهاء عملية طوفان الأقصى، كما يرجح بعض المحللين الاقتصاديين في كيان الاحتلال الصهيوني أن استمرار كلفة الحرب سوف يعمق الخسائر المالية ويؤدي إلى عجز في الموازنة العامة للكيان الصهيوني، حيث ستكون لثورة طوفان الأقصى تأثيرات اقتصادية مباشرة وطويلة على الكيان الصهيوني الغاصب، وأخيرا وبما لا يدع مجالاً للشك فإن معركة طوفان الأقصى فرضت معادلة جديدة على مستوى العالم وهي أن الكيان الصهيوني باعتباره يعتمد على بقائه وقوته وغطرسته على الترسانة الاقتصادية، كما تعتمد المساندة الدولية له من أمريكا ودول أوروبا على مصالحها الاقتصادية معه فإن الانهيار الاقتصادي، سيكون بداية النهاية لهذا الكيان الصهيوني المحتل. * يعتبر الإغراق السلعي للبضائع الأمريكية والإسرائيلية ظاهرة خطيرة.. فما هي خطورة هذه الظاهرة على الاقتصاد الوطني؟ وما هي الحلول لمواجهة ذلك في ظل تفعيل سلاح المقاطعة الاقتصادية من وجهة نظركم؟ يعد الإغراق السلعي لبضائع أمريكا والكيان الصهيوني ظاهرة ذات أبعاد خطيرة على الاقتصاد الوطني، لذلك يتوجب أن تتصدر مهام الدولة حالياً خطط وبرامج عمل قصيرة وطويلة المدى للحد منها، ومن المعلوم أن اليمن من الدول التي طالما عاشت سياساتها الاقتصادية في ظل تدخل الدولة المباشر والمفرط في جميع الأنشطة الاقتصادية وسيطرة القطاع العام بشكل تام على قطاع الإنتاج والخدمات والتجارة والسوق، مما أضعف القدرة التنافسية للاقتصاد اليمني ومن الملاحظ عدم وجود آلية محددة لدى التجار والمستوردين والمنتجين وبرنامج لتفعيل سلاح المقاطعة الاقتصادية تلزمهم بالعمل بها وتتيح للأجهزة الحكومية المختصة تنفيذها دون الإضرار بمصلحة المواطن ومصلحة التجار على حدٍ سواء، علاوة على ضرورة دعم الصناعة الوطنية من خلال تشجيع الدولة للمؤسسات والشركات والقيام بشراء سلعها ودعمها وبيعها للمستهلك بأسعار مخفضة وأسعار جيدة، الأمر الذي يتطلب تكاتف جميع الجهود للتصدي لهذه الظاهرة، حيث أن سياسة الإغراق السلعي في معظم أسواق البلدان النامية ومنها السوق اليمنية كانت السبب الرئيسي في تدمير الإنتاج الصناعي والزراعي وزيادة أعداد العاطلين عن العمل . لذلك يجب التركز على أهم الطرق والوسائل التي يمكن من خلالها التوصل إلى وضع آليات حمائية لقطاعاتنا الاقتصادية من الإغراق السلعي للسلع الأجنبية خاصة الأمريكية والإسرائيلية وإيجاد الأطر التشريعية والقانونية التي من شأنها النهوض باقتصادنا وحماية المنتج المحلي وتحقيق منافسة عادلة، بما يعزز آليات السوق ومن خلال الاطلاع على تجارب الدول في هذا المجال وبناء ثقافة وطنية وبالشكل الذي يجعل المواطن اليمني يسهم في عمليات التنمية بجميع أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لحماية القطاعات الاقتصادية من الإغراق السلعي والتوجه نحو المقاطعة الاقتصادية. * تشير جميع المراجع العالمية المختصة في وجود علاقة ما بين الحرب الاقتصادية واقتصاد الحرب لإضعاف العدو.. فما هي أشكال هذه العلاقة؟ وما هي السياسات الاقتصادية التي تتبعها الدول في مواجهة ذلك؟ يوجد فرق شاسع بين الحرب الاقتصادية واقتصاد الحرب، حيث يشير الأول إلى بعض الممارسات الاقتصادية التي تتم لإضعاف العدو اقتصادياً وقد تتخذ الحرب الاقتصادية بين الدول أشكالاً عديدة، مثل حرب العملات وإغراق الأسواق ومعاقبة البنوك والمقاطعة الاقتصادية ووضع قيود على الصادرات والواردات وغيرها، أما اقتصاد الحرب فهو مجموعة من إجراءات الطوارئ التي يتم اتخاذها من قبل الدولة لتعبئة اقتصادها للإنتاج خلال فترة الحرب، أي أن اقتصاد الحرب يُفعل إجراءات الطوارئ أكثر من الحالات الاعتيادية ويطبقها ويهدف إلى تنفيذ إجراءات ضرورية تعمل على تعبئة الاقتصاد لزيادة الإنتاج، بما يتوافق ومتطلبات الحرب ويوجه الموارد البشرية نحو فهم التدابير التي يجب اتخاذها للتقليل من آثار الحرب ويقوم بتفعيل بعض السياسات المالية والنقدية بما يخدم محاربة العدو وينشر الوعي الذاتي بين المواطنين لبناء قواعد اقتصادية مختلفة، والتعبئة العامة تشمل الجبهة الاقتصادية في الحرب وتشمل تأسيس إدارة طوارئ وأزمات دائمة غايتها تحقيق التشغيل الأمثل لجميع الموارد الاقتصادية. وبشكل عام يمكننا أن نحدد السياسات الاقتصادية التي تمارسها الدول لتطبيق الحرب الاقتصادية من خلال المقاطعة الاقتصادية، أما في اقتصاد الحرب من خلال إنشاء مؤسسات للإنتاج العسكري وتفعيلها وزيادة إنتاج الحبوب والمحاصيل الزراعية لتأمين مصادر الأمن الغذائي والحث على تنمية روح التضحية عوضاً عن الترشيد الإجباري وتفعيل دور المؤسسات الإعلامية حول أهمية دعم المؤسسة العسكرية من قبل الشركات والمؤسسات المدنية وتفعيل السياسات الضريبية، بما يؤدي إلى زيادة الإيرادات العامة وبما لا يؤثر على معيشة المواطن ويفرض أعباء إضافية علية وكذلك العمل على تخفيض معدلات البطالة عبر تنويع فرص العمل وخاصة في المجالات الزراعية والصناعات العسكرية لتحقيق الأمن الغذائي والدفاع عن المكتسبات وأيضا العمل على تفعيل دور الكتل الاجتماعية من خلال تطوير السبل والآليات التي تفعل الاقتصاد المحلي. * أمريكا والكيان الصهيوني وجدتا الدول العربية بشكل خاص والشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل عام بيئة خصبة لتسويق منتجاتهما وعملتا على جعل هذه المناطق سوقا استهلاكية لهما.. ما تعليقكم على هذا في ظل تفعيل سلاح المقاطعة الاقتصادية؟ مما لا شك فيه أن العلاقات الاقتصادية الدولية في وقتنا الحاضر تتسم بالترابط والتشابك لدرجة كبيرة، حيث تسعى معظم دول العالم سواء المتقدمة أو النامية إلى إنشاء تجمعات وتكتلات اقتصادية في نطاق روابطها المشتركة الثنائية أو المتعددة وذلك في سياق سعيها لمواكبة التطورات التي تحدث في العالم أو لمواجهة التحديات التي قد تحدث لأي دولة نتيجة الأزمات السياسية والاقتصادية على المستوى الدولي أو الإقليمي، وتأتي هذه التكتلات الاقتصادية بغرض السيطرة على الاقتصاد العالمي، وهذا ما سعت إليه دول الاستعمار والاستكبار العالمي المتمثلة في أمريكا والكيان الصهيوني ومن سار في فلكها من خلال تسويق بضائعها ومنتجاتها إلى الأسواق العربية والإسلامية والذي جعل منها قوة اقتصادية وعسكرية، ويأتي سلاح المقاطعة الاقتصادية كأداة استراتيجية تعمل على تدمير التكتلات والتجمعات الاقتصادية وإنهاء الاتفاقيات والمعاهدات الاقتصادية فيما بين أمريكا والكيان الصهيوني الغاصب وبين الدول العربية والإسلامية، والتخلص من الهيمنة الأجنبية على الاقتصاد. وإذا تعثر مشروع السوق العربية المشتركة نتيجة العقبات التي وضعها الأعداء، يبقى مقترح إنشاء السوق المشتركة لدول محور المقاومة أولوية وضرورة ملحة للتخلص من جميع المشاكل والأزمات الاقتصادية والتحرر من الهيمنة الاستعمارية، وبناء اقتصاد قوي يعزز القرار السيادي ويعتمد على الاكتفاء الذاتي ويقاوم الصدمات والعقوبات الاقتصادية، إضافة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي للدول الأعضاء في السوق المشتركة والاستغناء عن المنتجات والسلع الخارجية لا سيما البضائع الأمريكية والإسرائيلية، كما يوجد العديد من المميزات الاقتصادية الأخرى، حيث تعتبر السوق المشتركة شكلاً متقدماً من أشكال التكامل الاقتصادي، فهي تأتي في مجملها لحل المشكلات الاقتصادية والأزمات المالية والنقدية الداخلية والخارجية التي تعاني منها دول محور المقاومة، وللوصول لهذه الأهداف في قيام سوق مشتركة يجب اتباع عدة مراحل، منها مرحلة الاندماج الاقتصادي الكامل ومرحلة الاتحاد الجمركي ومرحلة إنشاء منطقة التجارة الحرة، وفي حال نجاح قيام سوق مشتركة لدول محور المقاومة سوف تكون درعاً حصيناً وأساساً متيناً لمواجهة أي تحديات اقتصادية أو سياسية أو عسكرية قد تعترض الدول الأعضاء مستقبلا. * للإعلام دور كبير في التغيير وفي التأثير من خلال تفعيل سلاح المقاطعة الاقتصادية وتشجيع الإنتاج المحلي الزراعي والصناعي.. فما هي أهمية الأجهزة الإعلامية بكافة أشكالها ودورها في ذلك؟ بالتأكيد إن للإعلام دورا كبيرا في التغيير وفي التأثير، فهو أداة التغيير في المستقبل وهو حجر الأساس في تطوير العديد من جوانب الحياة، حيث نجد أن الإعلام يمارس دور المرشد من خلال مضمون برامجه الإعلامية ويتناول بصفة عامة مواد إعلامية موجهه في جميع الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية للفرد والمجتمع، كما يعد الركيزة الأساسية في توعية المواطن بمخاطر شراء المنتجات الخارجية وتفعيل سلاح المقاطعة الاقتصادية وتشجيع الاستثمار في القطاعات الصناعية والزراعية والتركيز المستمر على أهمية الزراعة والصناعة ودورها في تحقيق الاكتفاء الذاتي وفي دعم الاقتصاد الوطني. وهنا تكمن أهمية الأجهزة الإعلامية بكافة أشكالها ودورها في تفعيل سلاح المقاطعة الاقتصادية وتشجيع الإنتاج الزراعي والصناعي، عن طريق نشر البرامج الثقافية التي تعمل على توعية المستهلك في أهمية استهلاك المنتج المحلي الصناعي والزراعي والفائدة المادية والصحية التي سوف تعود علية وعلى الاقتصاد الوطني، ومن التوصيـات التي يجب العمل بها تفعيل دور الإعلام في أداء مهامه من خلال إعداد برنامج عمل وطني لوسائل الإعلام الغرض منه تفعيل سلاح المقاطعة الاقتصادية ودعم المنتج الصناعي والزراعي المحلي وتشجيع الاستثمار، ونشر الوعي المجتمعي بأهمية الاتجاه نحو الإنتاج المحلي دعما للاقتصاد اليمني وإقرار الحوافز اللازمة لتشجيع المستثمرين وجذب رؤوس الأموال المحلية والخارجية. * لا يخفى على أحد في هذه المرحلة ما يجري من صراع وحرب اقتصادية مشتعلة بين أمريكا من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى.. من وجهة نظركم هل هناك مؤشرات ودلائل حول احتمالية حدوث صراع للسيطرة على دول المنطقة؟ ما يهمنا في هذه المرحلة هو الاعتماد على قدراتنا وركائزنا الاقتصادية لتكون الخطوة الأولى في الاستغناء عن المنتجات الخارجية وتفعيل سلاح المقاطعة الاقتصادية بشكل مستمر، وفي هذا السياق فإن كل الأحداث التي تحصل في وقتنا الحاضر ما هي إلا امتداد طبيعي للصراع البارد الذي كان موجوداً سابقا فيما بين أمريكا وروسيا من جهة وبين أمريكا والصين من جهة أخرى وخاصة فيما يتعلق بالحرب الاقتصادية والسباق للسيطرة على التجارة الدولية ولكن الغرض الأساسي يحمل أطماعاً استعمارية أمريكية صهيونية من خلال السباق على من يسيطر على الثروات الطبيعية من النفط والغاز والتحكم بالتجارة العالمية في منطقة الشرق الأوسط، ومن المجمع عليه في نظر المراقبين الدوليين وأدبيات السياسة الخارجية أن هناك إجماعا على أن أمريكيا تُعتبر عاملاً أساسياً ومعرقلاً للمصالح الروسية والصينية في الدول العربية والأفريقية والأوروبية، كما ينظر المراقبون العسكريون والاقتصاديون أن أمريكا تستعد لصراع طويل بينها وبين روسيا والصين وهذا الصراع من المحتمل أن يكون مباشراً في اندلاع مواجهات عسكرية وغير مباشر في امتداد أسلوب الحرب الباردة. وإذا كانت هناك مؤشرات ودلالات تقلل من حتمية الصراع المباشر، فهناك فريق آخر يتوقع أن يشهد هذا المسار المزيد من التوترات والاحتكاكات التي من الممكن أن تصل إلى حدود المواجهة العسكرية وقيام حرب عالمية ثالثة وذلك في ظل الحرب التجارية التي تقودها أمريكا ضد الصين، ويؤكد من يؤيدون هذا الطرح أن إمكانية وقوع هذا الصدام وارد وممكن كون روسيا والصين صارتا قوة تسعى لتغيير النظام الدولي الحالي ومعايير العلاقات بين الدول، وفي الوقت نفسه عبٍر العديد من المحللين الاقتصاديين عن قلقهم حيال تداعيات هذه الحرب على تباطؤ وتيرة الاقتصاد العالمي مما سيؤثر سلبيا على الصادرات من المواد الخام واستقرار أسعار صرف العملات المحلية لهذه الدول . * هناك موضوع مهم جدا وهو لكي نستطيع تفعيل سلاح المقاطعة الاقتصادية وتعزيز الأمن الغذائي يجب وضع استراتيجية عامة لتنمية اقتصادية محلية زراعية وصناعية.. فما هي الإجراءات والآليات التي يجب على الدولة القيام بها لتحقيق ذلك؟ تُعتبر ركائز الاقتصاد اليمني من الثروات الطبيعية والبشرية غير مستغلة من قبل الدولة، فإذا تم استغلالها ستصبح اليمن دولة ذات قرار عالمي، ومما لا شك فيه أن معركة الأمن الغذائي هي المعركة الأهم والأكبر وهي الأخطر مع أعداء اليمن والأمة، فعملية التنمية لا تقتصر على الإمداد ببعض الإسهامات على المستوى الاقتصادي والتقني وإنما الحضور الفعال والقوي للدولة من خلال وضع القواعد التي توضح كيفية استعمال هذه الإسهامات، ذلك أنه بدون إدارة قوية لا يمكن الوصول إلى تنمية شاملة، ويتعين على الدولة لتحقيق استراتيجية عامة للتنمية توحيد آفاق مستقبلية تعتمد على عنصري الموارد الطبيعية والبشرية، حيث تعتبر وفرتها وجودتها نقطة بداية المسار الزراعي والصناعي، خاصة ما يتعلق بالموارد، الطبيعية التي ترتبط بالطاقة، لكون الاقتصاد الوطني اقتصاداً ريعياً ما دفع بالحكومة إلى إيجاد وسائل للتكييف مع هذه العراقيل والتحديات من خلال تفعيل عدة برامج في إطار التنمية الاقتصادية. وبالحديث عن الطرق والوسائل التي نستطيع من خلالها استغلال الركائز الاقتصادية في اليمن، يلزم علينا معرفة أن زيادة تطور التكنولوجيا واستخدامها له دور كبير في استخراج الموارد الطبيعية بسرعة وكفاءة لتحقيق التنمية الاقتصادية والمستدامة، ولا شك أيضا أن من مرتكزات التنمية الاقتصادية الرئيسية في اليمن التوجه العملي والجاد نحو تطوير تنمية الزراعة والصناعة وتطوير منهجية تحديثية مبنية على أسس علمية ومهنية؛ كون اليمن بلداً يتمتع بمقومات زراعية وصناعية كثيرة ومتعددة، فالهدف الأساسي لاستراتيجية التنمية الاقتصادية الحالية هو توسيع القاعدة الإنتاجية سواء زراعياً أو صناعياً، فضلاً عن ضرورة تأهيل الموارد الطبيعية والعمل على التخطيط الاستراتيجي القائم على المعايير العلمية والخطوات العملية بمشاركة المجتمع وجميع المؤسسات الحكومية لإحداث تنمية مستدامة والاستفادة من التجارب الدولية في مجال التنمية والتركيز على البرامج التي تتلاءم مع بيئة الريف وإشراك جميع الأطراف في عمليات بناء الاستراتيجية الوطنية وفق المناهج الحديثة للتخطيط الاستراتيجي.