وانا أتصفح بعض المواقع الاخبارية وبعض صفحات التواصل الاجتماعي لفت انتباهي مقطع فيديو لضابط بجيش الكيان الصهيوني المجرم وهو يبدي اعتراضه على اختياره للتحرك نحو مواجهة أبطال المقاومة الفلسطينية قائلا :لماذا أنا؟ ومطالبا بخروج كل القادة كشرط لتنفيذه هذا الأمر – حينها تذكرت قول الله سبحانه وتعالى (لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ).
فهذه هي حقيقة جيش العدو الصهيوني وما موقف هذا الضابط الصهيوني إلا تجسيد واقعي لهذه الحقيقة التي بينها الله سبحانه وتعالى عن واقع نفسية اليهود المجبولة على حب الحياة وكراهة الموت لدرجة اندفاعهم للفرار منه وهو المستحيل الذي لن ينالوه أبدا وهو الأمر الذي يجعلهم لا يقاتلوننا جميعا إلا من خلف قلاع محصنة أو من وراء جدر كجدران العزل التي بنوها وحصنوها بأحدث أجهزة المراقبة والاستشعار الذكية وأصبحت برغم امتدادها لعشرات الكيلومترات لا تعني لهم شيئا بمجرد أن أحدث فيها أبطال المقاومة الفلسطينية فتحة لا تزيد عن بضعة أمتار، دخلوا منها إلى أراضيهم المحتلة لقتال هذا الكيان المجرم.
إن هذه الفتحة الصغيرة والمحدودة أصابت كل أفراد وضباط جيش العدو الصهيوني وكل مستوطنيه بالرعب والهلع وأفقدتهم الثقة في كل الجدران العازلة التي شيدوها، ولا غرابة في ذلك لأن تلك هي نفسيتهم المضروبة بالرعب وقلوبهم المجبولة على الجبن والخوف في كل زمان ومكان، ولذلك فأنا لا اشك أبدا في أن تلك الفتحة التي أحدثها أبطال فلسطين الأحرار في الجدار العازل هي بوابة الفتح المبين بإذن الله، فكل حقائق تاريخ اليهود وكل الشواهد من حولنا تؤكد ذلك ،منها على سبيل الاستدلال لا الحصر ما يلي:
1 -عندما عجز كبار الصحابة عن فتح خيبر في أسابيع طويلة اختار رسول الله صلى الله عليه واَله وسلم الإمام علي -عليه السلام- وقال واثقا من قوله (لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله يفتح الله على يديه) ،لأنه صلى الله عليه واَله وسلم يعلم أن علياً -عليه السلام- سيتحرك من منطلق معرفته القرآنية بنفسية اليهود ،وبالتالي ستكون أول خطوة يخطوها هي ضرب تلك النفسية في مكمن صمودها وهو ما فعله أمير المؤمنين باقتلاعه لباب حصن خيبر الذي كان سر صمود اليهود لأنه بمجرد أن اقتلعه لم يصمد أمامه مرحب دقيقة واحدة وهو الفارس المشهور الذي كان يخشى منازلته كل فرسان جزيرة العرب لقوته وصلابته وحنكته القتالية لكنه فقد فروسيته كلها بمجرد أن اقتلع الامام علي باب الحصن وقضى عليه الإمام علي -عليه السلام- بالضربة الأولى واستسلم اليهود بعدها مباشرة.
2 -من يرجع إلى تاريخ اليهود يجد أن أطول دولة استمرت لبني إسرائيل لم تتعد 80 عاما عبر عصورهم الغابرة وها هي اليوم دولتهم على مشارف بلوغ هذا الرقم.
3 -من يتأمل في رد فعل الكيان المجرم اليوم على عملية طوفان الأقصى، يجد أن هذا الكيان الغاشم اتجه للانتقام من الأبرياء المدنيين بقصف منازلهم ومنشآتهم بجميع مدن قطاع غزة بالطيران، لأنه التحصين الوحيد الذي تبقى لديه، ولذلك تحاشى خوض مواجهة مباشرة مع أبطال المقاومة واتجه ليصب جام غضبه على العزل الأبرياء من ارتفاع عشرات الكيلومترات.
4 -اندفاع الآلاف من الصهاينة الكبير والحثيث نحو مغادرة الأراضي المحتلة من بعد بدء عملية طوفان الأقصى” إن هذه الحقائق المؤكدة تؤكد أن عملية طوفان الأقصى تمثل أعظم فرصة وأثمن فرصة فتحت أبوابها أمام العرب والمسلمين أنظمة وشعوبا ليستشعروا مسؤوليتهم تجاه قضية الأمة المصيرية الأولى ولينطلقوا لتأدية هذه المسؤولية ويخرجوا من عباءة الذل والتبعية والارتهان لأعداء الأمة من قوى الاستكبار ويتحركوا لمواجهة هذا الكيان الغاصب، فهذا واجبهم الديني والقومي، فإن أبت أنظمة التطبيع ذلك وحالت دون ذلك، فإننا نطالبها أمام الله بأن تقوم حتى بواجبها الإنساني وتتحرك لوقف قصف الكيان المجرم لغزة وتوقف جرائم الإبادة والتهجير القسري للفلسطينيين وتصمت عن طعن المقاومة الفلسطينية وتتركها وشأنها وهي بإذن الله قادرة على مواصلة درب جهادها لتحرير الأرض العربية من دنس الصهاينة، وتطهير مقدسات المسلمين من رجسهم ،فهل يعجزون حتى عن الصمت؟.