تجب الزكاة في نصاب فأكثر مما أخرجت الأرض إذا ضم حصاده الحول من الوقت إلى الوقت بمعنى إذا كان هذا النصاب أحصد في حول واحد ولو كان دفعات من موضع أو مواضع متقاربة أو متباعدة وجبت فيه الزكاة على الزارع لا على مالك الأرض.
فأما لو لم يضم أحصاده الحول لم تجب فيه الزكاة فالعبرة بالحصاد.
والنصاب مما يكال خمسة أوسق، الوَسق ستون صاعاً كيلاً رسلاً من غير هز ولا رزم، لأن تقدير الصاع عندنا يعتبر بالكيل المذكور لا بالوزن.
وجملة النصاب ثلاثمائة صاع، وقد اختبر الصاع فتحقق أنه أربع حفنات بكفي الرجل المتوسط، إذ ليس كل مكان يوجد فيه صاع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ، وكل صاع يأتي نصف ثمن قدح صنعاني وثمن قدح صعدي، فجملة النصاب بالقدح الصنعاني تسعة عشر قدحاً إلَّا ربع قدح وبالقدح الصعدي سبعة وثلاثون قدحاً ونصف قدح.
وعند بعض الأئمة -عليهم السلام – وأبي حنيفة أن الزكاة تجب في قليل ما أخرجت الأرض وكثيره لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ: «فيما أسقت الخضراء (السماء) وأبلت الغبراء (الأرض) العشر».
وحجة الأولين قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» فقالوا: هذا خبر خاص، والأول عام، والخاص أولى من العام.
والنصاب من غير المكيل مما أخرجت الأرض كأجناس الفواكه كلها والخضروات والبقول والرياحين والحنا والقطن والقضب والزنجبيل والقات وغير ذلك مما ينبت بالإنبات فالنصاب من هذه الأشياء ونحوها هو ما يبلغ قيمته من كل جنس وحده نصاب نقد في حول واحد وهو مائتا درهم من الفضة أو عشرون مثقالاً من الذهب.
القدر المأخوذ في زكاة الزروع والثمار
يؤخذ في زكاة الزروع والثمار عشر الخارج أو نصف عشره.
فالعشر 10 % فيما سقي بغير كلفة كالذي يشرب بما ء المطر أو بماء الأنهار سيحاً أو بالسواقي دون أن يحتاج إلى رفعه غرفاً أو بآلة أو يشرب بعروقه وهو ما يزرع في الأرض التي ماؤها قريب من وجهها تصل إليه عروق الشجر فيستغني عن السقي.
ويجب فيما يسقى بكلفة نصف العشر 5 % سواء سقته النواضح أو سقي بالدوالي أو السواني أو الدواليب أو الطاقات الشمسية أو غير ذلك، وكذا لو مَدّ من النهر ساقية إلى أرض فإذا بلغها الماء احتاج إلى رفعه بالغرف أو بآلة، والضابط لذلك أنه يحتاج في رفع الماء إلى وجه الأرض إلى آلة أو عمل.
والحكمة في تقليل القدر الواجب فيما فيه عمل أن للكلفة أثراً في تقليل النماء وإن سقيت الأرض نصف الوقت بكلفة ونصفها بغير كلفة، فالزكاة ثلاثة أرباع العشر اتفاقاً.
ويعفى لزوماً وسقوطاً عن اليسير إذا بلغ نصف العشر، فلو سقيت الأرض من ماء السماء حتى لم يغرم عليها إلا نصف عشر ما كان يغرم لو سقيت مسنى فيجب فيها العشر ويعفى عن تلك المؤنة اليسيرة.
وكذا لو سقيت الأرض من المسنى ثم سقيت سيحاً حتى لم ينقص مما كان يغرم عليها لو تم سقيها بالمسنى إلا نصف العشر فيجب فيها نصف العشر ويعفى أيضاً عن تلك المؤونة اليسيرة التي نقصت بسبب السيح.
وفيما اشتراه من الماء العبرة بأصله إن كان مسنى فنصف العشر وإن كان غيلاً فالعشر، ويجب إخراج زكاة الثمار من المال قبل إخراج المؤن التي أنفقها في القيام بالزرع نحو حفر بئر أو ثمن دلو أو ثمن مشتقات نفطية أو أجرة دائس وحاصد ونحو ذلك .
من كتاب الزكاة في الإسلام
للعلامة / عبدالرحمن بن محمد شمس الدين