هو الرئيس الشهيد (صالح بن علي الصماد) ــ سلام الله عليه ــ الحاضر وَالذي لم يغادرنا إلا جسداً، أما روحاً وفكراً ونهجا فهو حاضر هنا وَباق بينناٍ، فالشهيد الصماد -سلام الله عليه- لم يغب عنا يوماً فهو ما زال ولا يزال وسيظل موجودا بيننا، خالدا في وجداننا وحيًّا في قلوبنا، الشهيد الرئيس صالح الصماد -سلام الله عليه- كان رجلا بحجم وطن وبحجم أُمَّـة، وما عساه القلم أن يكتب عن هكذا رجل ولو كان البحر مداداً، وإنه من الصعب أن نكتب عن حياة من أعطى للحياة معنى الحياة، صعب أن نتحدث عن شجاعة وبسالة وصدق وإخلاص ونزاهة رجل عظيم جمع كُـلّ الفضائل وانحنت له وأمامه القيم والأخلاق وكل الجمائل، ومهما كتبنا عن هذا الرجل العظيم سنشعر بالعجز عن التعبير وسنجد أنفسنا مقصرين فيما يجب أن نقوله ونكتبه عن شخصية الشهيد الصماد -رضوان الله عليه-، وأنه مهما تحدثنا وكتبنا عنه فلن نفيه حقاً من حقوقه وسنظل مقصرين مهما كتبنا وعبرنا ومهما سطرنا من الحروف والكلمات، صعب جِـدًّا أن نكتب عَمَّن كتبوا لنا الحياة بدمائهم الطاهرة الزكية.
فالشهيد صالح الصماد ـ رضوان الله عليه ــ كان رجلاً في أُمَّـة وأمة في رجل، كان سلام الله عليه رجلاً بحجم هذا الوطن فكان على أرضه هو الوطن والمواطن، كان في الحكومة هو الشعب والدولة، كان في الجبهة هو القائد والفرد، كان للبلاد وللشعب هو الرئيس المجاهد المخلص في سبيل الله، المحافظ على كرامة أرضه وشعبه، كان المؤمن الثابت في إيمانه، الإنسان الكامل في أخلاقه، الرجل المُحب لشعبه ووطنه، الرئيس المجاهد الذي كان يعتبر المسؤولية مغرما لا مغنما، القائل بأن المنصب تكليف لا تشريف، الرئيس الذي حمل هم دينه وَشعبه وأمته، الرئيس المجاهد الذي بعمق إيمانه حمل المسؤولية على عاتقه، فكان يسعى سعي المُحب لهذا الشعب والوطن في إصلاح الواقع والوضع الداخلي وفي مقدمة ذلك محاربته للفساد في كُـلّ مؤسّسات الدولة، كان همه الوحيد هو بناء الدولة في أن تكون دولة للشعب لا شعب للدولة، الرئيس صالح الصماد الذي جسَّد كُـلّ معاني الإيمان في أخلاقه وسلوكه وفي كُـلّ حركاته وسكناته، كان الرجل القرآني الملهم الحكيم الذي ترجم كُـلّ آيات الكتاب على أرض الواقع جهاداً وجهداً وصدقاً في أقواله وأفعاله، ومن لم يعرف الشهيد الصماد فليستمع إلى خطاباته ومحاضراته وكلماته التي هي بمثابة مدرسة إيمانية كاملة قدمت الدروس المهمة التي يتعلم الإنسان منها كيف يكون الانتماء الحقيقي لدين الله والوطن، ويتعلم منها الجميع معنى الوطنية والولاء ومعنى الصدق وَالوفاء والإخلاص والتضحية والفداء، يتعلم منها الجميع استشعار المسؤولية وحمل الروحية الجهادية الصادقة والتحَرّك بحركة قرآنية في الواقع العملي والميداني.
الصماد -رضوان الله عليه- لم يكن من عشاق المناصب، بل كان رجلاً مؤمناً وَمجاهداً صادقاً ومخلصاً عاشقاً للشهادة، هو من أخبرنا في حديثهِ بأن مسح الغبار من على نعال المجاهدين أشرف له من مناصب الدُّنيا؛ لأَنَّه يحمل ثقافة قرآنية ووعيا إيمانيا عاليا يدرك أن العمل مع الله يفوق كُـلّ شيء، وأن من لم يكن بمعية الله ومن لم يجعل الله تعالى فوق كُـلّ شيء فَـإنَّه في هذه الدنيا لا شيء، لقد كان الشهيد الصماد -سلام الله عليه- يرى أن أعظم منصب يتشرف به الإنسان هو خدمة المجاهدين في الجبهات الذين هم في أشرف وأقدس مكان بل أكثر الأماكن جمالًا من تلك القصور والكراسي التي يلهث وراءها البعض، وبرغم أن الشهيد الصماد كان في منصب رئيس دولة إلا أنهُ لم يكن يرى نفسه أعلى من أُولئك الصادقين المرابطين على ثغور الدين والوطن؛ لأَنَّه -سلام الله عليه- كان يعي ويعلم أنه لا حياة كحياة الجِهاد.
كان يحمل الروحية الإيمانية الجهادية قضى معظم حياته في الجبهات قريباً من المجاهدين متنقلاً من جبهة إلى أُخرى حتى في أَيَّـام العيد كان يأبى إلا أن يقضيها مع إخوانه ورفاقه المجاهدين في مواقع العزة والكرامة وفي ساحات البطولة والشرف، لقد سعى الصماد -سلام الله عليه- إلى الشهادة بكُل جوارحه حتى فاز وارتقى شهيدا عزيزا كريما وتلقى الشهادة فكان ذا حظً عظيم(( وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)).
الصمّاد كان رئيساً استثنائيًّا ولا مبالغة إن قلت إنه اختلف عن كُـلّ الرؤساء، لقد أحبه الكثير من الناس لتواضعه وبساطته وأخلاقه وَسماته النبيلة وَالنادرة، لم يرَ منه شعبه إلا كُـلّ خير، عرفه الجميع رئيسا حقيقيا يأبى الخنوع والاستسلام للأعداء وفي نفس الوقت كان يدعو للسلام ولم يكن عدوًّا للسلام، لم يرَ فيه أبناء شعبه إلا التواضع والرحمة، كثير الحضور بينهم، متواجداً في أوساطهم، متلمساً همومهم، مستشعرا معاناتهم، قائماً بمهامه، مؤدياً لمسؤولياته كرجل دولة، متواجداً في موقع المسؤولية.
لم يكن رئيساً فقط، فلقد كان مدرسة كاملة، بل كان أكاديميةً متكاملة، الشهيد الصماد -رضوان الله عليه- كان عالماً متعلماً، خطيباً وثقافيا واجتماعيا، كان صالح الصماد رجلاً صالحاً ومصلحا، كان رجلاً قرآنياً مؤمناً واعياً وبنور الله وهديه كان بصيراً مستبصرا، راشدا مرشداً، لقد كان أُمَّـة من الإيمان والأخلاق والقيم، نموذجاً عظيماً من نماذج الجهاد والصبر والعطاء والفداء، لقد جمع الفضائل والمحاسن كلها، فهو خريج هذه المدرسة الإيمانية القرآنية الجهادية، مدرسة الأنبياء والرسل والأئمة الطاهرين والمضحين في سبيل الله من أهل بيت المصطفى، الشهيد الصماد الذي سعى لبناء دولة عادلة للشعب، حين أسس لها مشروعا عظيما شعاره “يد تبني ويد تحمي” ليمضي الجميع لإتمام المجال ومواصلة المشوار حاملا روحية الصماد جهادا ووفاءً وبذلاً وعطاء حتى يستعيد الشعب اليمني كُـلّ أراضيه المحتلّة ويتحقّق له أمنه واستقراره بنيل حريته واستقلاله.
على جميع الأعداء أن يعلموا أن الصماد حاضرٌ في قلوب أبناء الشعب بروحيته وجهاده وصموده وثباته، حاضرٌ في كُـلّ الجبهات والمواقع بشجاعته وبسالته وإيمَـانه جيشاً عسكريًّا يمنياً وطيراناً مسيّراً صمادياً وقوة صاروخية إيمانية، وما دام الله وقوته معنا والسيد القائد حاضر بيننا وروح الصماد باقية فينا وَبيد المشاط رايتنا، فَـإنَّنا بالله المنتصرون وأعداؤنا هم المهزومون والخاسرون بقوة الله.