في ظل تطور عملية الاتصال بين المرسل والمتلقي عبر استخدام مواقع التواصل الاجتماعي أصبح من الضروري تركيز الجهود من قبل العلماء والدعاة للاستفادة من هذه الوسيلة التفاعلية الحديثة في الدعوة إلى الله ونشر تعاليم الدين وأفكاره الوسطية إذ تتيح هذه الشبكات التواصل مع عدد كبير من الناس وفي معظم الأوقات كما تمكن من نشر المواضيع المختلفة ومناقشتها والتعرف على الآراء وطرق التفكير مما يتيح قدراٍ أكبر من القدرة على الإقناع.
وللتعرف على مقدار استفادة العلماء والدعاة من تلك الشبكات ومدى متابعة الناس لما ينشرونه على صفحاتهم استطلعنا آراء عدد من الناس والدعاة وخرجنا بالحصيلة التالية:
الدكتور محمد الوزير الوقشي أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية يقول: حسب تجربتي البسيطة الناس مهتمون جدا بمتابعة ما ينشر على صفحات العلماء والدعاة وأجد متابعة ومشاركة غير عادية.
أما عن استفادة العلماء والدعاة من مواقع التواصل فيقول الدكتور الوقشي: الدعاة والعلماء في ظني مقصرون في هذا الجانب إما لكبر سنهم غالباٍ أو لضيق أوقاتهم كما أن الحالة المادية والوضع الاقتصادي له دور لدى نسبة كبيرة من العلماء والدعاة لتوظيف من يشرف ويتابع صفحاتهم.
وأضاف الدكتور الوقشي: من أهم أسباب عدم اهتمام بعض الدعاة والعلماء بمواقع التواصل هو استهلاك أوقات بعضهم في أعمال دعوية يرونها مهمة وكذا نسبة الوعي بأهمية هذا الوسائل غير كافية لدى البعض وضعف التعامل مع الكمبيوتر والأجهزة الالكترونية في الجملة والتربية الدينية لبعض الرؤى الفكرية في الدعوة إلى العزلة وذم حب الظهور حسب تصور البعض وبعض العلماء يخاف من التصنيف السياسي خشية استغلال بعض الأخطاء البشرية في تحميل كلامهم ما لا يحتمل.
ويرى الوقشي أن الزمن كفيل بنشأة جيل جديد ستكون له بصمة مستقبلية في استخدام هذه الوسائل الاستخدام الأمثل في الدعوة والتوعية بالإسلام كما أنه لابد من فتح مشاريع تتبنى هيئات ومواقع لعلماء ودعاة اليمن وجمع تراثهم العلمي والفكري والاستفادة منه.
ويقول الإعلامي محمد الرباط أن تعاطي العلماء والدعاة مع وسائل الاتصال الحديثة خطوة إيجابية تنم عن فقه عميق للواقع ورد بليغ لمن يتهمهم بالتحجر والانغلاق وعدم مسايرة العصر ودليل وعيهم بأهمية التخاطب مع الناس بقدر عقولهم وبالوسائل المتاحة والممكنة.
وأضاف الرباط: لقد أصبحت وسائل الإعلام الجديد منبراٍ إعلامياٍ مفتوحاٍ لجميع الدعاة يتحدثون فيه إلى الناس في أي وقت وعن أي موضوع ولعلنا نلاحظ كم تحظى صفحات كثير من العلماء والدعاة بآلاف المعجبين والمتابعين في حين كان الخطيب -وإلى وقت قريب- يتحدث إلى جمهوره في ما لا يزيد عن ساعة في الأسبوع ولعدد قليل من الناس وأصبح بإمكانه الآن مخاطبة الآلاف وفي أي وقت شاء ومكنت وسائل الاتصال الحديثة الداعية المفسبك أن يعرف ردود فعل المتلقي ورضاه من عدمه حول ما طرح وأصبح التفاعل بين المرسل والمستقبل هو الصفة السائدة بدلاٍ عن التلقي تحت مفهوم “واعلموا أن الكلام محرم حال الخطبتين”.
وأشار شمسان عطية طالب جامعي أن لكل عصر أدواته ووسائله للبحث عن المعلومة والتزود من المعرفة فبينما كان الأولون يهاجرون ويتنقلون في البلدان يقطعون الفيافي والوديان لأجل الحصول على المعلومة سهل الله لنا أدوات المعرفة ووسائلها فقد أصبحنا نتلقى الكم الهائل من المعلومات بضغطة زر أو بالنقر على كلمة بحث لتظهر لنا آلاف المواضيع والبحوثات المتعلقة بموضوع البحث وإن من نعم الله على جيلنا الإعلام الجديد فقد سهل الكثير من ربط العلاقات والأواصر الاجتماعية فأصبح الواحد منا يلتقي بعشرات الأشخاص في دقيقة واحدة بما فيهم الدعاة والعلماء الراسخون في العلوم المختلفة التجريبية منها والتجريدية فعندما كان آباؤنا يسافرون من مدينة إلى أخرى ويتنقلون بين المساجد حتى يجدوا الفتوى الشرعية فإننا نجدها بمجرد فتح الدردشة وسؤال من نثق فيهم..
وأضاف: لاشك أن الدعاة قد يسر الله لهم وسائل الدعوة المختلفة في عصرنا ولهم جمهور واسع وتستطيع أن تتابع ذلك بفتح صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي عندئذ سيتبين لك عدد المتابعين والمعجبين في المنشور الواحد..
أما من ناحية استخدام الدعاة لمواقع التواصل الاجتماعي فله دلالة على تكيفهم والواقع الذي يعيشونه أما أولئك الذين يحرمون كل جديد فإنهم يحاصرون أنفسهم ويسيئون للمدرسة التي ينتمون لها والأحرى بالداعية أن يواكب التطورات ويساير الوضع حتى تكون له بصمات ويصل تأصيله لأكبر شريحة في المجتمع بشتى الوسائل المختلفة والمتاحة..
وأوضحت دراسة بعنوان: “مفهوم التفاعل الدعوي عبر الإعلام الجديد” أعدها الباحثان معاذ إبراهيم ومحمد فيصل أن تطور الإعلام الجديد وخصوصاٍ ما يسمى بشبكات التواصل الاجتماعي يجعل التفاعل عابراٍ للحدود الجغرافية وأن التفاعل الدعوي من خلالها يتكون من الإقناع والجاذبية والثقة والاستيعاب.
وأكدت الدراسة أن الويب 2 أو ما يسمى بالإعلام الجديد أو الإعلام التفاعلي يعد من أفضل الوسائل المتوفرة لنقل الأفكار وتداولها بين الناس بما توفره من أدوات سهلة لنقل الأفكار وإيصالها للمستخدمين وأضافت أن الفرصة زادت أمام الدعاة للوصول إلى المدعوين وإيصال منهج الإسلام الصحيح لهم عبر هذه الشبكات الكبيرة والتي تضم ملايين المستخدمين في مواقعها.