المجتمع بين استهداف الأعداء وتقصير المعنيين

يكتبها اليوم / زيد الشُريف

 

 

من الحكمة ومن الوعي والمسؤولية أن يكون هناك توجه عملي وذهني يعمل على استيعاب ظروف المرحلة الراهنة ويشخِّص الواقع بكل جوانبه بالشكل الذي يخلق رؤية متكاملة عن الأسباب والآثار والنتائج والحلول والمعالجات ووضع خطة عملية حكيمة شاملة لتلافي القصور وتصحيح اكبر قدر من الأمور حسب الإمكان كخطوة أولى يتلوها خطوات والتحرك الجماعي بمسؤولية لاستباق الأحداث ووضع حد لتبعاتها ومنعها من الوصول إلى ادنى مستوى بحيث يكون من الصعب إصلاحها وبحيث يتمكن العدو من استغلالها والنفاذ من خلالها وتحقيق أهدافه اللعينة الناتجة عن التقصير والتفريط وانعدام الوعي والاستغراق في أمور أخرى قد تكون مهمة وضرورية لكنها ساعدت على نسيان الأمور الأخرى التي تحتاج إلى التفاتة جادة وكبيرة خصوصا فيما يتعلق بالحفاظ على تماسك وقوة النسيج الاجتماعي الداخلي الذي يتعرض لحملة شاملة من العدو تستهدفه اقتصاديا وإعلاميا وامنيا وفي كل المجالات.
المجتمع اليمني بشكل عام يعيش حالة استهداف شامل منذ ثمان سنوات من قبل تحالف العدوان الذي لا يترك أي وسيلة أو أي طريقة أو أي أسلوب من أساليب الصراع والطغيان والإجرام إلا وسلكه ومارسه ضد الشعب اليمني في سبيل تحقيق أهداف مشروعه العدواني الاستعماري فهوا يستهدف اليمن وشعبه اقتصاديا وعسكريا وامنيا وإعلاميا وفي كل المجالات حتى في حالة المفاوضات والهدنة، حيث يواجه الشعب اليمني اليوم مرحلة حرجة وحساسة وخاصة في ظل الظروف السياسية المعقدة والظروف الاقتصادية الحرجة الناتجة عن مماطلة تحالف العدوان ومراوغة الأمم المتحدة ومكر وخداع المجتمع الدولي واستمرار غطرسة العدوان السعودي الأمريكي وطغيانه بحق الشعب اليمني وبين هذه الأمور السياسية والاقتصادية والعسكرية الكثير من علامات الاستفهام التي تقول ما الذي سيحدث في المستقبل القريب البعيد؟ هل سيحل السلام أم سيعود التصعيد العسكري من جديد؟ وقبل معرفة ما ستؤول إليه الأمور فيما يتعلق بالمعركة العسكرية فالشعب اليوم بحاجة ماسة إلى جهود جبارة وصادقة وإنسانية لاستنقاذه مما أوصله العدو إليه من انهيار اقتصادي ومعاناة شاملة تفرض على الحكومة أن تغير وتتغير وتصلح وتبذل جهدها للحفاظ على شعبها وجبهتها الداخلية ومساعدة الإنسان اليمني والتخفيف عنه وتسهيل أموره ومعاملاته والأخذ بيده والعطف عليه بحيث لا يكون فريسة للعدو الخارجي ولا ضحية للتقصير والتفريط والإهمال الداخلي.
فالمجتمع اليمني في حالة صراع واستهداف شامل وهو خلال هذه السنوات عبارة عن ميدان مفتوح لا يمكن إغلاقه بشكل تام يصل إليه الكثير من الشائعات والأكاذيب والأراجيف وحملات التضليل الإعلامية من قبل الأعداء في مختلف المجالات أحيانا يستغلون الثغرات وغالبا يلفقون تلفيقات لا أساس لها من الصحة وهدفهم واضح هو تشتيت ذهن المجتمع وتغيير قناعاته ثم الانقضاض عليه بعد أن يقدم العدو نفسه أنه هو المخلص والمنقذ والأمل الوحيد لنجاة المجتمع وتخليصه مما هو فيه أو بالأصح مما أوقعه العدو فيه ويجب أن تفهم الجهات المعنية في الدولة انه كلما كانت أسرع من غيرها في الوصول إلى قلوب الناس وعقولهم من خلال أعمال ومواقف وإصلاحات وليس من خلال خطابات ووعود وتنظيرات وخطط لا ترى النور فإنها كانت أكثر جاذبية وإقناعا ومحط احترام وتقدير بعملها الذي ينسجم مع كلامها أما اذا لم يترافق الكلام مع العمل فستكون النتيجة سلبية لمصلحة العدو، ولا تكفي السرعة لوحدها في حماية المجتمع وكسب وده وضمان صدقه وولائه بدون التلقائية والبساطة والتواضع والمصداقية والعمل، فالمجتمع اليوم يستطيع أن يميز جيدا بين من يتكلف ويتصنع ويرائي ويكذب ويمكر ويخدع وبين من يتحرك بجد وصدق وإخلاص ويبذل ما بوسعه ويكون قريباً من الناس في كل حالات الشدة والرخاء حريصا عليهم يهمه أمرهم حتى ولو لم يكونوا مستهدفين أما وهم في حالة استهداف فيجب حمايتهم ليس امنيا فقط بل في كل المجالات.
في المحافظات الجنوبية المحتلة يعيش الإنسان اليمني حالة معيشية وأمنية واقتصادية قائمة على البؤس والشقاء والحرمان والمعاناة وأمله الوحيد في النجاة بعد الله هو في الشعب الصامد المجاهد وقيادته ولهذا نجد أن المسؤولية اليوم كبيرة وجسيمة على الدولة والحكومة في صنعاء بشكل أساسي وعلى الشعب الصامد أيضا في إنقاذ الإنسان اليمني في المناطق المحتلة مما هو فيه والخطوة الأولى تبدأ بتصحيح الوضع الداخلي في المحافظات الحرة الصامدة التي لا يزال الوضع فيها قابل للصلاح والإصلاح من خلال خطوات عملية تصحيحية تشمل كل المؤسسات والمحافظات والمديريات والمناطق بقدر الإمكان وعدم ترك الأمور كما هي وعدم انتظار المجهول وعدم الاستهانة بالأمور التي قد يعتبرها البعض ثانوية فلكل موقف أثر والعدو لا يترك ثغرة إلا ويستغلها ولا يترك فرصة إلا ونفذ من خلالها ومسؤولية حماية ومساعدة المجتمع اليمني هي مسؤولية دينية ووطنية وإنسانية على عاتق الجميع وبالأخص الدولة والحكومة التي تملك مجتمعا قويا صامدا مضحيا مجاهدا يستحق التقدير والاحترام وبذل الجهد من أجل أمنه واستقراره وعيشه الكريم وعندما يستقر الوضع ولو بشكل نسبي حينها ستكون الأمور مهيأة لإنقاذ الإنسان اليمني في المحافظات والمناطق المحتلة وإعادة لم شمل المجتمع اليمني من جديد وطرد الغزاة المستعمرين وبناء واقع يمني موحد وقوي قائم على الحرية والاستقلال والعزة والكرامة وهذا مرهون بتطبيق عملي للسنة الإلهية التي تقول (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).

قد يعجبك ايضا