فقدت اليمن والأمة العربية والإسلامية استاذاً- شاعراً وناقداً ومربي أجيال تخرجت من تحت يديه.
تعرفت على البروفيسور الدكتور الأستاذ عبد العزيز المقالح في جامعة صنعاء، مركز الدراسات والبحوث اليمنية.
كان رحمه الله لطيف المعشر، جُم التواضع، يصغي إلى محدثه بكل حواسه في مكتبه وحتى في منزله، إذا قصده مبدع أو مثقف أو دارس ليعرض عليه قصيدة، أو حتى محاولة شعرية، أو اقصوصه أو قصه قصيرة أو حتى رواية.
فقدنا تلك القامة والهامة التي أخذت بيد جيل بأكمله من الأدباء والشعراء.
كانت آخر مقالة له في الصفحة الأخيرة من صحيفة (الثورة) «نصمد كي نعيش» وفي مكنونها يحس القارئ انه كان قريباً من معاناة البسطاء من الناس، وهو واحد ممن يكتوون بسوط الأسعار المرتفعة ويعبرون عن معاناة الإنسان الذي باع كل مقتنياته كي يشبع الأفواه الجائعة بعد أن سدت كافة السبل والطرق التي خلفتها الحرب والحصار البري والبحري والجوي، نقول سُدت كافة الطرق أمام العيش والتعليم والصحة والحياة الكريمة.
لقد كان رحمه الله يمثل جبهة في الأخلاق، يحس ويتألم لمعاناة الناس.
كان رحمه الله يتصل بالصحيفة بعد أن يرسل قصاصات مقالتيه الأسبوعيتين بصحيفتي الثورة و26 سبتمبر، وفي المساء يتصل بسكرتير التحرير ليستمع إلى ما كتبه بعد أن جمعت المادة فيتلافى إذا كان هناك لفظ غير صحيح أو خطأ مطبعي ولا يطمئن حتى ينتهي من سماع قراءة المقالة.
وعندما تدلف إلى مكتبه في الجامعة أو في مركز الدراسات والبحوث ولديك مشكلة، تبحث عن منحة دراسية داخلية يصغي بكل اهتمام ويتفحص أدق تفاصيل المستوى العلمي «الـ CV” للخريج بل يذهب الأمر إلى ما هو ابعد فيقدم كل ما يستطيع لمساعدة، أو إيجاد المكان المناسب لزائره إذا كان يبحث عن عمل.
وبرغم الدرجة الاكاديمية الكبيرة التي يحملها، لم يكن يعيش في برج عاجي بل كان قريباً من الناس البسطاء، يساعد ويساند من يلجأ اليه حتى في ابداء الرأي الاستشاري في القصيدة أو المحاولة الشعرية أو القصة القصيرة أو الرواية حيث كان يفرد لضيفه الكثير من وقته حتى وان كانت رسالة أو كان بحثاً علمي.
فارقنا الأستاذ الدكتور المقالح جسداً، وسيظل يعيش معنا روحاً وفكراً وأدبا..
لقد خسرت الأمة إنسانا متميزاً متواضع الخلق خدوماً للآخرين.
رحم الله الأستاذ الشاعر والأكاديمي المبدع الدكتور المقالح الذي فارقنا في أحلك الظروف والوطن ينزف، وأبناؤه يتألمون من الفاقة وشظف العيش.
رحم الله الرجل الذي كان بحجم الوطن فقد ذاع صيته بين العرب والعجم، فسيرة حياته العطرة وما كتبه وما قدمه بحاجة إلى مجلدات.. فقد تخطى فكره الحدود ووصل إنتاجه إلى العالمي.
بين فساد المرتزقة والبحث عن وظيفة
صعق اليمنيون مؤخراً بفضيحة الفساد المستشري والنهب الممنهج للمنح التي وصلت إلى أكثر من خمسة ألف منحة لأقارب ما تسمى “بالشرعية” وما خفي كان أعظم.
فأقارب وأبناء عمومة وزوجات (الدنابيع) قد صرفوا مئات الآلاف من الدولارات على الأقارب والمحاسيب والانساب..
فعلاً فساد يزكم الأنوف، والا فما معنى أن يذهب طلاب للدراسة لا يتعدى مجموعهم 60 %، والأمرّ من ذلك دراسة اللغة العربية في الهند!!! وأسماء وهمية تضاف إلى طابور النهب والفيد والبطالة، بل تعدى الأمر أن يدِخلوا أسماء دكاترة من مصر بأسماء طلاب يمنيين!!!
وعندما يتوجه السؤال إلى من يسمى بوزير التعليم في شرعية الفنادق يجيب بأن ليس له دعوى مما يحدث؟!
وهل أصبحت ثروات اليمن النفطية والغازية تنفق على الفاشلين والأقارب؟ وهل أصبحت الوظيفة العامة لدى ما تسمى بحكومة (الشرعية) هدراً مذراً؟ بينما الصامدون الصابرون في صنعاء يدرسون على حساب أولياء أمورهم ويعانون الأمرين، فهم رغم تفوقهم غلابه بامتياز لا يجدون أي منحة داخلية أو خارجية.
أخيرا نقول: رحم الله شهداءنا الأبرار الذين دافعوا عن الأرض والعرض ونقول للمرة الألف أن اليمن الصامد الصابر أصبح لثرواته “درع وسيف”.