زهرة في روضة الشهداء

د. جابر يحيى البواب

 

أنا لا أعرفه بشخصه ومقامه ولم ألتقه أو أتحدث معه عن قرب، لكني شاهدته عن بُعد في كثير من المناسبات والفعاليات الشبابية والبطولات والمنافسات الرياضية.. المتداول من الحديث عنه في الوسط الشبابي والرياضي يشهد له بالخير والنزاهة والحب والولاء للعمل الشبابي والرياضي.. عبدالعزيز زهرة شهيد الجهل والعصيان والتمرد وضعف الإيمان.. كان – كما يقولون – عطوفا ومتعاونا ومحبا للجميع، يساند الشباب والرياضيين ويسعى إلى تطوير العمل الرياضي، من الأعمال التي سعى إلى تنفيذها في نادي اليرموك وفي فترة توليه منصب وكيل أمانة العاصمة لقطاع الوحدات الإدارية مشروع المدرجات الجانبية لملعب كرة القدم في نادي اليرموك البالغة تكلفته 230 مليون ريال، والذي قام بزيارته أمين العاصمة السابق فقيد الوطن الشهيد عبدالقادر هلال في العام 2014م برفقة وزير الشباب والرياضة، ورئيس نادي اليرموك أحمد بازرعة وأعضاء مجلس الشرف الأعلى لنادي اليرموك، وفي تلك الزيارة أعلن هلال أنه سيتم تأسيس شركة استثمارية في حديقة 21 مارس مشتركة بمساهمة المجتمع والقطاع الخاص والمجلس المحلي للأمانة تعود نسبة الريع فيها لقطاع الشباب ودعم للمتفوقين والمبدعين في مجال التعليم، وأعلن وزير الشباب والرياضة في تلك الفترة دعم نادي اليرموك بحافلة “باص” تم تسليمه في ذات العام هو ذاته الباص الذي تم استرجاعه من قبل وزارة الشباب والرياضة وكتابة عبارة وزارة الشباب والرياضة على جوانبه “وقبل أيام من مقتل زهرة كان في الوزارة يطالب باستعادة الباص”، فضلا عن دعم الوزارة للنادي بصالة رياضية ومقاعد لمدرجات ملعب كرة القدم كل ذلك توقف وإنهار بسبب العدوان والحصار ومشروع المدرجات تم قصفه من قبل تحالف الشر السعودي الإماراتي الأمريكي الصهيوني.
لست أدرى من أي باب أناقش أو أستعرض معكم موضوع اغتيال “مقتل” عبدالعزيز زهرة على يد ولده!! هل من باب فقدان الإيمان ونقص الوعي وغياب الوعي الديني بمخاطر عقوق الوالدين وعصيانهم استنادا إلى قوله تعالي “وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا”[الإسراء: 23، 24].
لا شك أن جريمة قتل النفس من أكبر الكبائر وأعظم الجرائم، ولكن أمرها يكون أعظم وعقوبتها أشد إذا كانت من قبل الابن لمنافاة ذلك مع الطبع السليم، ومخالفة أوامر الله عز وجل التي جاءت بالحث على بره، والرفق به، والإحسان إليه، وخفض الجناح له، ومما يترتب على ذلك العقوبة في الدنيا بقتله قصاصا إذا لم يعف أولياء الدم، والوعيد بالعذاب الشديد في الآخرة، كما في قول الله تعالى “وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا”{النساء:93}، ومما يترتب عليه أيضا حرمانه من التركة فلا يرث من المال ولا من الدية، لذلك فإن الولد عمار عبدالعزيز زهرة قد ارتكب ذنبا كبيرا وجرما لا يغفر له ولا يفيده إن كان دافع القتل هو الثروة والمال، فقد خسرهما وهما من وسخ الدنيا، أضافه إلى خسرانه إخرته ونعيم المولى الذي وعد به عباده المؤمنين الطائعين البارين بالوالدين قال تعالى ” قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا * وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا * ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ” [مريم: 30 – 34]. وقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ” [لقمان: 14، 15].
نلاحظ في هذه الآيات الأخيرة أن الله أمر بمصاحبتهما حتى وإن أمرا بمعصيته ولم يأمر الله بقتلهما ومعاقبتهما، فهو وحده التكفل بذلك، ما أقدم عليه العاق ابن عبد العزيز يستحق القصاص إنصافا للدين وإعلاء لكلمات الله وتداركا لسلوكيات الأجيال القادمة التي أصبحت تؤمن بلغة القتل والدمار وتنبذ السلام والأمان والاستقرار، وإنصافا لرجل قدم الكثير للعمل الشبابي والرياضي ولقب بالأب التربوي المساند للشباب والرياضيين..
رحمك الله يا أستاذ عبدالعزيز زهرة وألهم أهلك وذويك ومحبيك الصبر والسلوان ورحم الله زوجتك وولدك المجني عليهما، ونسأل الله لولدك الجاني التوبة والغفران والنجاة من النار..

قد يعجبك ايضا