في محاضرته الرمضانية الرابعة لعام 1443هـ ، وضح السيد القائد – عليه السلام – أن أهم ما يتصف به المتقون، هو إيقانهم و إيمانهم المطلق بالآخرة، والإيمان باليوم الآخر هو من أهم رسالات الأنبياء كمبشرين ومنذرين ، والمتقون يحاسبون أنفسهم على أساس انه هناك عقاب في الآخرة، لذلك فإن حالة استشعارهم المستمر بقربهم من الله سبحانه، لأن أعمالهم ومواقفهم محسوبة، والإيمان بالآخرة جزء من إيماننا بالله، يعيش المتقون حالة اليقظة والاستعداد والاهتمام بالدار الآخرة، وحالة الحساب والعقاب مستمرة ودائمة لديهم، تجدهم في حالة استنفار لتدارك تقصيرهم أو تهاونهم في أمر ما، الاستذكار الدائم لله والأوامر والتوجيهات الإلهية ويوم الحساب ، أما الآخرون أصحاب الغفلة فإن لديهم حالة استهتار في أعمالهم ومواقفهم، وتغلب عليهم حالة الإعراض عن حدود الله ، تجدهم يخلون بواجباتهم والتزاماتهم و مسئولياتهم، ينصرفون نحو أهوائهم..
إن تذكر الآخرة هو لاستقامة الحياة الدنيا، ونحن في هذه الحياة نعيش حياة مؤقتة، وهي ميدان مسئولية واختبار وعمل، ونخضع فيها لرقابة دائمة ومستمرة من الله وملائكته، في كل أحوالنا، ونهاية هذه الحياة هي الموت، والموت هو إقفال لعمل الإنسان في حياته، و الفرصة الوحيدة للإنسان هي الأيام والسنوات التي يعيشها، ومن المهم أن يكون الإنسان في جهوزية دائمة، ويذكرنا الله بها في كتابه الكريم بقوله (كل نفس ذائقة الموت) ولا أحد يستطيع أن يحصن نفسه من هذه الحتمية الإلهية، والبعض لا ينفع فيه المواعظ حول الموت، وهي حالة خطيرة جدا، خطير جدا أن لا ينتبه أحد لنفسه إلا بقرب الموت منه، الموت هو تذكير الفرصة الوحيدة في هذه الحياة، للتفاعل مع طريق النجاة، ومحطات التذكر التي تأتي متأخرة لا تجدي الإنسان نفعا، بل أنها تزيد من عذابة النفسي الشديد، ففي الدنيا تأتي الفرص للإنسان وتعرض عليه الأعمال الصالحة، فيها الفوز والسلامة من عذاب الله، ولكن تستحكم حالة الغفلة عند البعض..
حالة خطيرة وغفلة خطيرة أن لا يتذكر الإنسان إلا عندما يعرض على جهنم – والعياذ بالله – التذكر الحقيقي للأعمال التي فيها الخير في الدنيا والآخرة هو في الحياة الدنيا، وفي الآخرة سيكون الفوز العظيم، من الإشكالات الخطيرة انه عندما يأتي التذكير بالحساب والجزاء ويوم الآخرة أن البعض يعرض عنها ويغفل عنها وهي حماقة لا تنفع شيئا يوم القيامة، وكأن الحديث عن الآخرة حديث لم يحن الوقت بعد للاستماع له، بل أن الله يقول كتابه العظيم (اقترب للناس حسابهم) ونحن أمة محمد صل الله عليه وعلى آله وسلم آخر الأمم، و القيامة ستأتي فجأة وبغتة، وهذا ينبهنا إلى الاستعداد والاهتمام، والموت هو الفاصل بين الحياة والبعث، الإنسان سوف يرى يوم البعث ويوم الحساب والكل سيحضر غصبا عنه ورغما عنه، الله أحصاهم وعدهم عدا، الله سبحانه يمنحنا الفرص دائما ولدينا مثلا شهر رمضان، والجهاد والإنفاق في سبيل الله، والأعمال الصالحة، وعواقب الإعراض عن هذه الفرص خطير جدا..