إن المسيرة القرآنية هي النور الذي سوف يبدد ظلمات الجهل والتخلف، وهي القوة التي ستقصم ظهور المفسدين والظالمين، وهي المنقذة للشعوب المستضعفة والناصرة لهم، هذا ورغم أن ظهوره أو انتشار خبرها لم يتجاوز البضع السنوات إلا أنها ظهرت على اليمن كله وأصبح أثرها على ثلثي الشعب إن لم نقل كلهم ..
بل وظهر أمرها على مستوى العالم الإسلامي والإنساني، لأنها مسيرة قرآنية، لا شرقية ولا غربية، ولا مذهبية ولا حزبية وليست مقيدة بالعناوين الضيقة، قال الشهيد القائد:((يجب أن نترك جميع العناوين الضيقة ونعود إلى العنوان الرئيسي الذي سمانا به الله (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) [آل عمران:19]
لهذا قلنا بأنها عالمية بعالمية القرآن لأن انطلاقها من القرآن الذي هو عالمي لكل زمان ومكان ومؤسسها الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي – رضوان الله عليه – الذي وضع بذرتها الأولى والذي من خلالها دعا المسلمين إلى التمسك بكتاب الله تعالى والعمل به إن أرادوا العزة والكرامة والنصر….
ونرى أن الشهيد القائد – رضوان الله عليه – عبر ملازمه قدم رؤية متكاملة في جميع المجالات والتي من خلالها ستنهض الأمة، وتستعيد مجدها وعزتها كما كانت في السابق.
فالقرآن هو الوحيد الذي لو رجع المسلمون إليه لسوف يرتقون إلى قمة الكمال الإنساني ..
لكن للأسف نجد بأن المسلمين ابتعدوا عن كتاب الله وعملوا عكس ما أمرهم، فقد دعاهم إلى العلم، لكنهم قعدوا عنه ودعاهم إلى إعداد القوة للأعداء، فناموا وتكاسلوا، دعاهم إلى الحكم بالعدل، فأخذ يظلم بعضهم بعضا، ودعاهم إلى محاربة نفوذ الكافرين، فمال بعضهم إلى مواطأتهم ومودتهم وموالاتهم، دعاهم إلى كل خُلق كريم، فمالوا إلى كل خلق لئيم، دعاهم إلى استثمار الأرض فتهاونوا، وكم دعاهم ولكن (لا حياة لمن تنادي)، ولما ابتعد المسلمون عن كتاب الله وعن تعاليمه وعن العمل به أصبحوا لعبة بين أيدي الصهاينة والأمريكان، وعالة في معايشهم على تلك البلدان..
ولهذا ولغيره هيأ الله تعالى الشهيد القائد- رضوان الله عليه – كي ينهض بالأمة الإسلامية والإنسانية إلى القيام بواجبها الديني والإنساني من خلال رجوعها إلى كتاب الله تعالى الذي قال فيه النبي – صلى الله عليه وآله وسلم -)) كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله هو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم.. إلى آخر الحديث الذي رواه الترمذي [برقم 2906]))
إن الشهيد القائد-رضوان الله عليه- كان يحمل الشعور بالمسؤولية، وهذا الشعور العظيم الذي يدل على عظمة إيمانه بربه، جعله يتحرك هنا وهناك ويتكلم ويحاضر، ولا يخاف في الله لومة لائم…
يريد من الناس أن يتحركوا على أساس الشعور بالمسؤولية، لا أن يقعدوا ويصمتوا ويسكتوا ويقولوا ليس لنا دخل بما يحدث من ظلم واضطهاد لهذه الأمة….
ولأهمية القرآن الذي غفل عنه المسلمون نجد بأن الشهيد القائد- رضوان الله عليه- انطلقت مسيرته ومشروعه من القرآن، ولهذا تجده في حديثه عن آيات الله تعالى إنما يتكلم عنها من حيث ما تقدمه هذه الآيات من هدى الله مع ربطها بالواقع يعني أنه يتحدث عن الآيات من خلال ما يحتاجه واقعنا، فهو لم يفسر الآيات بطريقة المفسرين الذين ضيقوا سعة معاني الآيات الكريمات وأوقفوها على ما قاله غيرهم ممن سبقهم…
إن الشهيد القائد- رضوان الله عليه- وجد أنه لا مخرج لهذه الأمة مما تعانيه إلا بالرجوع إلى كتاب الله تعالى ومن خلال تعمقه فيه- أي كتاب الله- أدرك الأخطار التي تحيط بالأمة، وعرف الانحطاط الذي وصلت إليه وعرف أعداء الأمة الحقيقيين وعرف خططهم الجهنمية وأساليبهم الشيطانية التي عن طريقها مزقوا الأمة وأغرقوها في مستنقع الفتن والمحن، وببصيرته الثاقبة لكتاب الله فقد وجد الوسائل الناجحة لإخراج الأمة من المستنقع الذي وقعت فيه.
كل هذا من خلال تعمقه لكتاب الله تعالى الذي فيه الهداية الكاملة للأمة في جميع مجالاتها، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الزراعية أو غيرها، وإن المشروع القرآني الذي جاء به الشهيد القائد- رضوان الله عليه- هو الوحيد الذي شخَّص طبيعة المؤامرات الأمريكية والإسرائيلية وركز على التصدي لها
ومن يقرأ ملازم الشهيد القائد- رضوان الله عليه – لسوف يجد ما ذكرناه، فما يحدث اليوم من عدوان سعودي أمريكي على بلادنا، نجد بأن الشهيد القائد كان قد حذرنا منه، لاسيما عند كلامه في ملزمته عن خطر دخول أمريكا اليمن .
وإن من يطلع ويتعمق في ملازم الشهيد القائد- رضوان الله عليه- فسوف يجد فيها الحلول الكافية لجميع مشكلات الأمة، وسوف يجد فيها- أيضاً – شحنات روحية وقوة معنوية تشحذ قلوب المجاهدين وتقوِّي عزائم المقاتلين، وتزيد من إيمان المؤمنين ومن ثقتهم بربهم، وتزيل عن الإنسان الخنوع والخضوع للظالمين، وتجعله متمسكاً بالله رب العالمين .
ولستُ مبالغاً إن قلتُ بأن من يقرأ ملازم الشهيد القائد يزداد إيماناً ويقيناً كبيراً بالله وبأسمائه وصفاته، ويجد انجذاباً إلى الاستمرار في قراءتها ويجد تفاعلاً عجيباً فعليك بها، وستجد صدق ما أخبرناك به، فملازمه- رضوان الله عليه- هي روح المسيرة القرآنية..
والمسيرة منبثقة من كتاب الله تعالى ولهذا سميت بالمسيرة القرآنية…هذا وبعد استشهاد السيد حسين رضوان الله عليه أستلم الراية بعده أخوه قائد المسيرة القرآنية السيد / عبدالملك بدر الدين الحوثي -حفظه الله – الذي قام بثورة عظيمة، ومعه الشعب اليمني بمختلف أطيافه وشرائحه ومذاهبه وأحزابه، ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر التي أرعبت دول الاستكبار، وما هذه الحرب التي شُنَّت على بلادنا إلا بسبب قيام هذه الثورة، التي هي ثمرة من ثمار المسيرة القرآنية والتي سوف تستمر – بإذن ربها وحكمة قائدها-حتى يصل نورها إلى مشارق الأرض ومغاربها، قال تعالى: (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [التوبة:33].
هذا وإن المستقبل للمشروع القرآني وليس للحزبية وغيرها، وطالما هذه المسيرة منبثقة من نهج القرآن فسوف يكون لها الظهور العالمي، لأنها مؤيدة ومددها الإلهي مستمر (والله متم نوره ولو كره الكافرون) [الصف:8]