خبير آثار : الإمارات تدمِّر وتنهب آثاراً وبيئة نباتية وبحرية عمرها أربعة آلاف سنة
مطالبات بتشكيل لجنة دولية للنزول إلى سقطرى لمعرفة نوع المواد المستخدمة لاقتلاع شجرة دم الأخوين
جزيرة سقطرى كغيرها من المناطق اليمنية التي عانت من تبعات العدوان منذ أكثر من ست سنوات، وظهرت انعكاساتها على الجانبين الإنساني والاقتصادي، وحتى على الحياة الطبيعية..
وخلال الفترة الماضية عمدت أبو ظبي إلى تثبيت سيطرتها على الجزيرة من خلال تشييد المعسكرات والثكنات العسكرية وبناء المساكن وجلب السياح الإسرائيليين إلى جزيرة سقطرى، الأمر الذي بعث اكثر من علامة استفهام حول مستقبل الجزيرة في ظل الأطماع الإماراتية، وضعف الشرعية الذي تسبب في تطاول دول التحالف وخروجها عن أهدافها المعلنة أثناء تدخلها في عام 2015 فيما أسمتها عاصفة الحزم لاستعادة الشرعية المزعومة.
الثورة / رجاء عاطف
أهمية أشجار دم الأخوين
تحتل شجرة (دم الأخوين) في جزيرة سقطرى المرتبة الأولى، وهي في غاية الأهمية والقداسة في حياة الإنسان السقطري على امتداد الأزمان، كما أنها العنوان الأبرز في شهرة سقطرى العالمية.
وهي اليوم مهددة بالانقراض، حيث سقط منها ما لا يقل عن سبعة آلاف شجرة بسبب الظروف التي تمر بها الجزيرة من احتلال خلال الخمس السنوات الأخيرة.
كما أنها لم تعد تنبت حالياً ولم تعد قابلة للتكاثر ذاتياً لأسباب منها أن النظام السائد لرعي المواشي (السائبة) حال دون ذلك.
وتحتاج شجرة دم الأخوين – بحسب الدراسات – إلى مئات السنين لتصل إلى حجمها الحالي بهذا الشكل الكبير.
ولذا فإن كل ما نشاهده مما تبقى منها اليوم فقط البقية الباقية منذ قرون طويلة، ولربما كانت، قد شجعت على نموها طفرة لن تتكرر ساعدتها في النمو والتكاثر، وقد يكون صاحبها في تلك الحقبة غياب تام للمواشي، أو كانت هناك قوانين بيئية صارمة في حقبة زمنية ما عاشتها سقطرى خلال القرون الماضية.
الإمارات تقتلع الأشجار
تقوم الإمارات في جزيرة سقطرى بتنفيذ حملة لقلع أشجار دم الأخوين في مناطق متفرقة من الجزيرة، كما تستحدث مواقع عسكرية فتعمل على قلع أشجار دم الأخوين المعمِّرة،
حيث قامت خلال الفترة الماضية باقتلاع قرابة 7 الاف شجرة واستحدثت مكانها مواقع عسكرية وقد وثق عدد من السكان المحليين في الجزيرة صورا لعدد كبير من الأشجار وهي تسقط على الأرض، مؤكدين أن الإمارات استخدمت مادة مجهولة لإنهاء تلك الأشجار.
بلاغ ومناشدة
وفي هذا الجانب تلقى مركز الرصد والتثقيف البيئي مناشدة وبلاغاً هاماً وعاجلاً من أرخبيل سقطرى يؤكد قلع وسقوط عدد من أشجار دم الأخوين في محمية دسكم الطبيعية.
وقد حمَّل المركز الاحتلال السعودي الإماراتي مسؤولية سقوط عدد من أشجار دم الأخوين النادرة، كما اتهم هذا الاحتلال بتعمد التجريف والعبث بالبيئة والتنوع البيئي البري والبحري في أرخبيل سقطرى، ولا يستبعد المركز قيام الاحتلال الإماراتي السعودي باستخدام مواد وأسلحة محرمة دوليا للقضاء على البيئة البرية والبحرية.
وذكر البلاغ أن الاحتلال الإماراتي السعودي يقوم ومع سبق الإصرار والترصد بمحاولات طمس معالم الجزيرة، وجاء في نص المناشدة – التي وصلت المركز من عبدالله بداهن من سقطرى:
“في ظاهرة غير مسبوقة على الإطلاق ، ودونما أي أسباب منطقية لهذه الكارثة سقطت عدد من أشجار دم الأخوين في توقيت واحد خلال أقل من خمسة أيام، وفي نطاق جغرافي واحد لا يتجاوز مداه 2 كم ، في محمية دكسم الطبيعية وسط الجزيرة” .
وكانت الأسباب – بحسب أبناء المنطقة – مجهولة ويستبعد أغلبهم أن تكون الأسباب بفعل فاعل مباشر .
غير أنه من الوارد أيضاً أن يكون التدخل السلبي للإنسان في استخداماته وأثناء أنشطة للانتفاع من تلك الأشجار وعلى مدار السنوات الماضية قد أدى إلى تراكم الضرر لينتهي بها المطاف إلى السقوط.
كما أن احتمالات أن يكون ذلك جراء الأوبئة والأمراض التي تصيب البيئة النباتية .
وناشد مركز الرصد والتثقيف البيئي الجهات المعنية والمختصة في ذات الشأن بالتدخل السريع لدراسة وبحث أسباب هذه الكارثة وسرعة معالجتها.
استخدام أسلحة محرمة
من جهته يقول علي الأسدي – مستشار رئيس الوزراء للشؤون البيئية والاعلامية- رئيس مركز الرصد والتثقيف البيئي: نحمِّل الأمم المتحدة وسلطات الاحتلال الإماراتي السعودي مسؤولية اقتلاع وتساقط أشجار دم الأخوين في إحدى محميات أرخبيل سقطرى.
وأضاف : لا نستبعد قيام سلطات الاحتلال الإماراتي السعودي باستخدام نوع من السلاح المحرم دوليا في إحراق التربة وتقطيع جذور هذه الشجرة الأمر الذي جعلها تتساقط بشكل كبير ومحزن.
وقال: لا يمكن أن نسلِّم بصحة ما يقال عن أن سبب تساقط هذه الشجرة هو الإعصار الذي ضرب عمان وسواحل يمنية مؤخرا كون الجزيرة تعرضت لاعصارات مختلفة من قبل ولم تسبب أي ضرار للتنوع البيئي البحري والبري ولم تتأثر تلك الأشجار من الاعصارات التي شهدها أرخبيل سقطرى على مدى عصور طويلة.
وطالب الأسدي بتشكيل لجنة دولية محايدة من الخبراء والمحققين للنزول إلى أرخبيل سقطرى لمعرفة نوع السلاح المستخدم الذي تسبب في تساقط الأشجار.
مؤكداً أن هذه الجريمة امتداد لسلسلة الجرائم التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإماراتي السعودي في حق الأنسان اليمني والبيئة اليمنية وسبق لسلطات الاحتلال الإماراتي أن قامت باقتلاع وسرقة عدد من أشجار دم الأخوين ونقلها إلى دبي وأبوظبي في محاولة لطمس معالم الحياة البيئية اليمنية.
وأشار إلى بأن حكومة الإنقاذ الوطني أدانت وتدين هذه الجرائم السعودية الإماراتية المتمثلة بتخريب وتجريف التنوع البيئي لأرخبيل سقطرى اليمنية واتخذت الإجراءات القانونية اللازمة تمهيدا لمقاضاة المجرمين.
نهب آثار سقطرى
وفي موضوع للدكتور محمد العروسي- أستاذ الآثار في جامعة صنعاء، – قال إن ما تتعرض له سقطرى حالياً وما تعرضت له خلال السنوات الأخيرة من تدمير ونهب لآثارها وبيئتها النباتية والبحرية كارثة حقيقية لأنها جزء من التراث اليمني الأصيل والعريق الذي يعود إلى 4 آلاف سنة”.
وأضاف العروسي في حديث لموقع (ارفع صوتك) “بالنسبة للآثار هناك مجموعة كبيرة جدا من الكهوف والمغارات في سقطرى، كذلك قطع أثرية نادرة وهي عبارة عن نقوش قديمة مكتوبة بالخط العربي إلى جانب نقوش مكتوبة باللغة السقطرية وهي إحدى اللغات المشتقة من اللغة اليمنية القديمة”.
معسكرات في أماكن محمية
وأوضح العروسي ” للأسف هذه القطع والنقوش النادرة والآثار الحجرية والتماثيل الحيوانية والأدمية تعرضت للنهب وبعضها نقل إلى الإمارات، ويتحدثون في وسائل إعلام شاهدتها شخصيا على أنها آثار إماراتية وليست يمنية”.
كما أكد العروسي أن الكثير من الثروة والأحياء النباتية في سقطرى، تعرضت خلال الأشهر الأخيرة للتدمير والقطع الإتلاف.
فيما قامت الإمارات والمجلس الانتقالي الجنوبي ببناء معسكرات ونقاط عسكرية في أماكن خضراء ونباتية يحظر العبث بها لأنها محمية.
وأخيراً لفت الدكتور محمد العروسي إلى أن جزيرة سقطرى الآن مهددة بالشطب من قائمة التراث العالمي بسبب ما تتعرض له بيئتها وآثارها ومنشآتها التاريخية من تدمير وتجريف.