أحد النازحين: التكافل المجتمعي جعلني غنياً عن اللجوء لمخيمات النازحين التي تدعمها المنظمات الدولية بالفتات
مبادرات مجتمعية تعمل على مد يد العون للمتضررين من العدوان وأسر تساعد المرضى بتكاليف العلاج
العدوان الذي شنته السعودية وتحالفها الغاشم ضد أبناء الشعب اليمني أدى إلى تردي الحالة المعيشية لدى الكثير من الأسر وتراجع حال بعضها إلى الفقر المدقع، وما زاد المعاناة ذلك الحصار المستمر الذي جعل الوصول إلى الكثير من الخدمات الاساسية صعبا بسبب ارتفاع أسعارها، فكان أكثر المتضررين أولئك الذين كانوا -قبل أن تدشن السعودية عدوانها -يعيشون على شظف العيش من خلال عملهم بالأجر اليومي في هذه المدينة أو تلك وقد تمثل عمق المأساة لدى هؤلاء بانقطاع العائد المالي الذي كانوا يصارعون به نوائب الزمن كالمرض وايجارات السكن، كما أصبحوا عاجزين عن شراء المواد الغذائية الأساسية لأسرهم :
الثورة / حاشد مزقر
علي محمد -مواطن يبلغ من العمر 56 عاما ويعول أسرته المكونة من تسعة أفراد أغلبهم من الإناث القصَّر -كان قبل العدوان يعيل أسرته من مدخوله اليومي، فهو يعمل صيادا في مديرية الخوخة بمحافظة الحديدة، ومنذ أن بدأ العدوان على بلادنا انقطع هذا المصدر عندما لجأ إلى صنعاء نازحا واضطر إلى شراء المواد الغذائية من ماله الذي كان قد ادخره، غير أن هذا المال لم يدم له طويلا فقد قضى عليه ارتفاع الاسعار من جهة ومحاولات البحث المستمرة عن عمل والتنقل من مكان إلى آخر، وبالتالي وجد الرجل نفسه أمام مصيبة كبيرة فهو يعلم علم اليقين أنه إن لم يتحرك ويبحث عن حل ويجد الغذاء لأسرته فإن الجوع سيداهمهم، وبعد معاناته طويلا قرر أحد المواطنين الميسورين في صنعاء مساعدته فوفر له سكناً وعملاً في أحد المشاتل الزراعية وهو الآن في حال أفضل من ذي قبل.
معروف لا يضاهيه ثمن
فيما قرر مواطنون من محافظة صنعاء إعانة المواطن مراد عبدالله -أحد المتضررين من العدوان في مديرية حرض بمحافظة حجة -الذي تم استهداف منزله قبل عامين، فقاموا باستقباله ووفروا له سكناً وعملا في أحد مصانع الطوب وكما يقول: لم أتوقع أن أجد منزلا وعملا جديدين فمثل هذه الاشياء لا يستطيع الحصول عليها أحد بهذه السهولة وهو لا يمتلك أي مبلغ من المال كحالتي لكن تكافل هؤلاء الأشخاص معي جعل من أمر الحصول عليها أمراً متاحاً، أيضا فكرة التكافل المجتمعي جعلتني غنيا ومعي أولادي عن اللجوء لمخيمات النازحين التي تدعمها المنظمات الدولية بالفتات الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، وبتعاون هؤلاء معنا أصبحت مدينا لهم بالجميل والمعروف طوال حياتي.
التكافل بالقدر المستطاع
حميد رشيد كان ولايزال سباقا إلى مد يد العون للمتضررين من العدوان الاجرامي ومن خلال دخله الذي يتحصل عليه من عائدات مزارع القات في محافظة صنعاء يستقطع جزءاً منه لشراء بعض المواد الغذائية لبعض الأسر خصوصا تلك التي نزحت إلى صنعاء من محافظات أخرى، فيما تقوم زوجته بتقديم مساعدات علاجية لعدد من النساء المصابات بالأمراض المزمنة والتي تحتاج أدوية كل شهر، علما بأن هذه الأسرة تقوم بمد يد العون لهؤلاء النازحين بشكل سري تماما وكل التفاصيل السابقة هي بلسان أحد المستفيدين منها الذي أضاف بالقول: الحالة المادية لهؤلاء أحيانا لا تكون على ما يرام لكنهم يقدمون المساعدة باستمرار .
تسديد تكاليف الزواج
وعلى غرار ما قام به من سبق ذكرهم من عون لإخوة لهم من ابناء وطنهم قام مجموعة من الأشخاص في أمانة العاصمة بعمل مبادرة لتزويج الشاب علي العنقدة الذي يبلغ الخامسة والثلاثين من عمره وهو معسر ولا يستطيع إكمال نصف دينه، فقد قامت المجموعة بتسديد تكاليف المهر وبادرت مجموعة أخرى بجمع مبلغ وبناء غرفتين مع ملحقاتهما للعريس، فيما استضاف أحد المبادرين الشاب علي لينضم إلى جانب ابنائه في عرسهم بإحدى صالات الاعراس وقد توافد العديد من رفقائه وجيرانه خلال حفل الزفاف وجمعوا له مبلغاً ماليا.
فشل
لاتزال الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها تعمِّد فشلها بنهب ملايين الدولارات التي يتم تخصيصها لتلبية الاحتياجات الإنسانية للشعب اليمني، فمليارات الدولارات سنويا يتم اعتمادها تحت مسمى تمويل خطط الاستجابة الإنسانية، دون أن يصل منها سوى النزر القليل ويذهب معظمها لتغطية أجور موظفيها ونفقات وهمية وأنشطة إعلامية لا فائدة منها، فيما شكل التكافل الاجتماعي بين اليمنيين فائدة أكبر وأصبح من أهم أسلحة الشعب في مواجهة العدوان والحصار ومن خلاله تعزز الصمود اليماني على مدى سبع سنوات.