-في بعض الأحيان ينتابك شعور بالشفقة على حال النظام السعودي وما وصل إليه من بؤس وارتباك وهو يجوب الشرق والغرب بحثاً عن إبرام صفقات جديدة يحصل بموجبها على أسلحة حديثة تضمن له الأمن والسلام من نيران صواريخ الشعب اليمني المصنعة محلياً وبأقل الإمكانيات المتاحة وفي ظل العدوان والحصار المتواصلين من قبل الشقيقة الكبرى التي تلهث وراء الأمن المفقود منذ سبع سنين عجاف.
-نظام ابن سلمان الذي دفع للولايات المتحدة المليارات وراء المليارات أصبح مهووساً إلى درجة السعار والجنون باقتناء السلاح المتطور وشراء أحدث منظومات الدفاعات الجوية، وقاده هذا الهوس مؤخراً إلى روسيا في تجرؤ واضح على سيده الأمريكي الذي امتعض بشدة وأبدى تبرماً كبيراً من خروج المملكة غير المعهود عن خط المسار المرسوم لها من قبل البيت الأبيض.
-آخر محطات الرياض في هذا البحث المضني عن السلاح كانت الأسبوع الماضي في روسيا، حيث أبرمت صفقة دسمة مع السلطات هناك للحصول على منظومة ” اباكان” الخاصة باعتراض الصواريخ الباليستية مقابل أموال طائلة، وتغنى الروس طويلاً بقدرات ومواصفات هذه المنظومة وكيف أنها قادرة على التصدي الناجح للصواريخ بعكس أنظمة باتريوت الأمريكية التي صاحبها الفشل طوال الفترة الماضية في تأمين المملكة وضمان سلامتها ،ومضى الخبراء العسكريون في موسكو يقارنون بين المنظومتين (اباكان وباتريوت) وكيف أن هذه الأخيرة قد أخفقت أمام صواريخ اليمن وكأنهم واثقون من قدرة منظومتهم الدفاعية في تحقيق ما فشلت فيه منظومة الباتريوت.
-هذا الأمر غير المسبوق من قبل السعودية أزعج السيد الأمريكي كثيراً وإذا به يهدد المملكة التائهة بوضعها تحت طائلة البند 231 من قانون عقوبات “كاتسا” لمكافحة أعداء أمريكا. ويعني بأولئك الأعداء روسيا والصين- بحسب تصنيف إدارة بايدن التي ترى بأن أراضي السعودية أماكن عسكرية حصرية على واشنطن ويجب أن تظل كذلك .
-الموضوع كله كما بات واضحاً لا يتعلق بأبعاد استراتيجية بعيدة المدى بين القوى الدولية بقدر ما هو محاولة كل طرف الاستئثار بأكبر قدر ممكن من المال السعودي، خاصة مع الإنفاق الجنوني من قبل ابن سلمان على صفقات السلاح على مختلف مصانع الأسلحة في كل البلدان بدون قيود أو تحفظات .
-لن يفهم هذا النظام المتعجرف أبداً أن المنظومة الروسية الجديدة لن تكون بأفضل من الأمريكية ولن توفر حماية لمملكة أسرة سعود ما دام أنها تواصل عدوانها الظالم على أشقائها وجيرانها، كما أن أمانها لن يتحقق واقعاً على الأرض بطرد العمال اليمنيين من أراضيها ولا بامتلاك ترسانات الأسلحة ولو أنفقت في سبيل ذلك كل ثرواتها.
-السؤال الذي يظل يبحث عن إجابة: متى يدرك هذا النظام المتخلف بأن ما ينشده من أمن واستقرار لا يمكن أن يتحقق إلا عبر خروجه السريع من المأزق اليمني ووقف عدوانه والدخول في مفاوضات تفضي إلى سلام شامل وعادل يكفل حقوق واستقلال وأمان الجميع؟