المُطبّل عدو الله !

عباس السيد

في لقاء للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي مع عشرات من الإعلاميين و الناشطين ، منتصف مارس 2015 ، قدم السيد في كلمته المطولة عدداً من المحددات والنصائح ، وكان من بينها الابتعاد عن المديح والتطبيل ..
وقبل أن يغادر المكان ، هتف الحاضرون : « بالروح بالدم نفديك أبو جبريل” . فاستدار السيد نحو الحضور وقال لهم « هذه ليست من شعاراتنا”.
قالها وهو يبتسم مثل أستاذ واسع الصدر يُذكِّر تلامذته بمضمون الدرس الذي أكمل شرحه للتو .
كان ذلك قبل العدوان بأسبوعين . فهل تغيرت السياسة الإعلامية لأنصار الله بعد سبع سنوات ؟!.
قبل أيام تداول ناشطون على الفيسبوك صورة تجمع عدداً من الإعلاميين والناشطين مع الرئيس المشاط وعدد من المسؤولين .
وتم التعليق على الصورة أو شرحها بأنها تجمع القيادة والمطبلين لها . حتى بعض ناشطي أنصار الله اعتبروها كذلك ، واعتبروا عدم وجودهم في الصورة شهادة لهم بأنهم ليسوا من المطبلين .
ولأنني أحد الإعلاميين « المطبلين « الذين جمعتهم الصورة مع الرئيس المشاط ، حسب بعض من علَّقوا على الصورة ، كان لا بد من تقديم شهادتي على ذلك المشهد .
في ذلك اللقاء ، كررت تلك القيادات نفس المضامين التي تضمنتها كلمة السيد قبل ست سنوات ، وهي :
لا نريد منكم مدحاً أو تطبيلاً ، لا تكرروا أخطاء الإعلام سابقاً، وتعملوا على صناعة الأصنام والرموز والزعامات ..
وتأكيداً على مقتهم لهذا السلوك “التطبيل” قال أحد قادة أنصار الله للحاضرين باختصار :”المُطبل عدو الله “.
في ذلك اللقاء ، أتاح الرئيس المشاط كامل الحرية للحاضرين ليسألوا عن كل ما يجول برؤوسهم ، بل واستدرجهم هو إلى طرح تساؤلاتهم حول أكثر الموضوعات والقضايا التي لا يجرؤ أي إعلامي على طرحها أمام أي حاكم مهما كانت ديمقراطية سلطته .
لا يريد أنصار الله من الإعلاميين سوى مواجهة الحرب الإعلامية لتحالف العدوان وفضح أكاذيبه وتضليله ، وتوعية المجتمع بمخاطر المؤامرات والخطط التي تستهدف اليمن أرضا وشعبا .. العمل وفقاً لهذا السياق هي أكبر خدمة يمكن أن يقدمها الإعلامي أو الناشط لأنصار الله ، وبها يمكن أن يتقرب إليهم ، وهو في الحقيقة يكون أقرب إلى وطنه وشعبه .
يقدم أنصار الله للإعلاميين فرصة ثمينة ونادرة لكي يؤدوا مهنتهم بشرف وكرامة ، لكي يرتقوا برسالتهم وبأنفسهم ، ولا نبالغ إن قلنا أنها نادرة ، فهل سمعتم من قبل عن سلطة تطلب من الإعلاميين عدم مدحها أو التطبيل لها .؟!
المشكلة أن بعض الإعلاميين والناشطين للأسف يهدرون هذه الفرصة ” يركلون النعمة” ولا يرون أنفسهم إلا مطبلين ويختزلون الإعلام بالمدح والقدح .
لا يزال البعض مشدوداً لإعلام الماضي ، إعلام الزعيم الرمز ، وابن اليمن البار ، وفارس العرب والعجم . أربعة عقود من إعلام التطبيل أثمرت فسادا في مختلف المجالات ، وخلقت أصناما ورموزا وقيادات على شاكلة من يرى اليمن ” حديقة خلفية للسعودية” أو من يتغنى بقوام ” الأمير”. وخطواته .
التطبيل للحاكم والسلطة الحاكمة ظاهرة رائجة في بلداننا العربية ، وهي أحد أسباب تخلفنا عن بقية دول العالم . وهناك من يدافع عن السلوك ويرى فيه عملاً طبيعياً، ومن على إحدى القنوات الفضائية العربية ، قال مطبل :
التطبيل مش عيب ولا حرام ، مش احنا نطبل في الأعراس !
إزاي نتقبل التطبيل للعريس ونرفضه للرئيس . !
aassayed@gmail.com

قد يعجبك ايضا