مواقف خلَّدها التاريخ الإسلامي في أنصع صفحاته، حيث قامت قائمة للدين بدماء الصادقين، حين بذلوا أموالهم وأرواحهم رخيصة في سبيل الله ومن أجل نصرة المستضعفين، ومن موقف (ابو الفضل) العباس في كربلاء، إلى (أبو فاضل طومر)، وجميع الأبرار في اليمن، تجلت معجزات الله تعالى واقعا جليا لمن جهل عظمة المجاهدين في سبيل الله.
كانت قصة عظيمة لمن استحضر النصر في قلبه وجعل الجنة نصب عينيه، وكان رضا الله هو شهادة تقديره، هناك حيث تجسد الوفاء والإخاء ملاحم بطولية خيالية حركت عقارب الساعة إلى ما قبلها لنستحضر عظمة الباذلين في سبيل الله ونقف وقفة إجلال لمن اجتاز وابلاً من الرصاص الحي، وهو يحمل صديقه على كتفه، وكانت تلك حقيقة معجزة عظيمة، وجميعهم أولياء الله.. وجميعهم تخرجوا من مدرسة الحسين عليه السلام.
كان الموقف العظيم والصارم لـ “أبو فاضل” قد جسد ما تحمله الثقافة القرآنية من مبادئ نورانية وخُلق عظيم ورحمة اختصها الله للعالمين، وفي طرفة عين تناثر كيد العدو مع هبة ريح لطيفة ويبقى الأثر، وهذا أثر الصالحين من عباد الله يُضرب بهم المثل في وقت الشدة والبلاء، هم الصادقون حقا، وهم القادة إلى صراط الله المستقيم.. (ونكتب ما قدموا وآثارهم).
وما علينا تأمله في تلك المشاهد ونحن نسبح بحمد الله تعالى عقبها على ما هدانا إليه، هو: لماذا لم نر لأي مرتزق موقفاً واحدا مثل هذه المواقف؟! لماذا لم نلتمس منهم سوى التخاذل والفرار وترك اصدقائهم خلف ظهورهم جرحى يعانون سكرات الموت؟! فـالإجابة واضحة، فمثل هؤلاء المرتزقة هجرتهم لما هاجروا إليه، لا يمتلكون قضية ولا هدفاً يضحون من أجله، بينما (جند الله) قد جسدوا الدين ومثلوا قصص القرآن الكريم، وطبقوا آيات الذكر الحكيم، وأصبحوا بذكرهم قرآنا يتلى آناء الليل وأطراف النهار، ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.