التأهيل العلمي الرياضي بعيداً عن أهل التخصص

د. محمد النظاري

 

لن يختلف اثنان على الأهمية الكبيرة للتأهيل العلمي وتطوير الأفراد لمهاراتهم ومن بينهم العاملون في الحقل الإعلامي الرياضي، لما لذلك من أثر على مستوى المحصلة النهائية لعطائهم وفائدة ذلك على المحيط..
ولكن تبقى كيفية طرق التأهيل، ونعني بذلك الجهة التي تشرف على التأهيل والكادر المدرس والدارسون والشهادة المتحصل عليها.. فهذه تعد ركائز مهمة لا بد من توافرها، وفي حال عدم اكتمالها فإن النتيجة ستكون على غير ما خطط له.
للأسف الشديد فإن فلسفة التأهيل تكون في أحايين كثيرة قائمة على رؤية انتقاص من الآخر.. فمن يحمل الشهادة العليا يرى في نفسه صاحب العلم الأوحد، وبطبيعة الحال هناك فرق بين الشهادة والعلم، على اعتبار أن الشهادة للجميع والعلم لمن يريد.
في الغالب إن النقص يكبر كلما افتقد مالك الشهادة العليا للخبرات التراكمية المتأتية على مدى مشوار طويل من العمل الميداني كصحفي متمرس، يكون قد اكتسب ما لم يكتسبه صاحب الشهادة النظرية المتكئة على لقب علمي مرتفع.. والحقيقة أن التفوق في الاختبار العملي هو لصاحب الخبرة.
ظهرت في الفترة الأخيرة مقولات أراها غير واقعية وتجرح الكثيرين من الإعلاميين الرياضيين، والمتعلقة بضرورة إعادة التأهيل العلمي لكل من يريد الانتساب لاتحاد أو جمعية أو ناد ….إلخ خاص بالإعلام الرياضي، وهذا يتناقض تماما مع شروط الانتساب التي قبل بها، لكونه إما حاصلا على الثانوية العامة (وما دونها) وبخبرة صحفية كذا من السنين، ثم الشهادة الجامعية وما علاها من شهادات وبسنوات خبرة متفاوتة.. واذا كان التأهيل هو الركيزة الرئيسية، فيفترض عدم القبول إلا بعد نتيجة التأهيل، وهذا ما ليس معمولا به إطلاقا.
التأهيل السريع أو متوسط المدى، للأسف الشديد أصبح تجارة تقتات منها كثير من المعاهد، يساعدها في ذلك ضعف الرؤية لدى وزارة التعليم الفني والتدريب المهني، التي فتحت الباب أمام كل من يريد التربح السريع.
إذا نحن أمام مشكلة حقيقية تتمثل في حاجتنا حاجتنا للتأهيل من الأساس، لتضاف مشكلة الجهة المشرفة والتي ليس من أهدافها ولا شروط إنشائها عمل ذلك، إلى جانب الاستعانة بأشخاص هم أقل تأهيلا وخبرة من الدارسين أنفسهم، لنصل لاسم الشهادة (الرنان) كالدبلوم والدورات المتخصصة و…..إلخ من المسميات التي ما إن تطلع على المحتوى، حتى تعرف انك أمام عمل تجاري مكتمل الأركان.
حقيقية إن العلم ليس حكرا على أحد، ولكن ينبغي أن يبقى حكرا على المؤسسات الجامعية، لكونها أنشئت من أجل ذلك، وإلا لأصبح كل من فتح دكانا سماه تسمية (تعليمية) وبدأ يطلب الله، وهذا لأن الأمر ابتعد عن أهل الاختصاص.
كثير من الاتحادات والجمعيات التي تعمل في شتى المجالات ومنها الرياضة تريد أن تصبح على قول المثل (عبده الفشفشي الذي يعرف كل شي) ويزداد هذا للأسف كلما كان القائمون عليها إما من الذين ليس لهم اتصال حقيقي بالواقع، أو يريدون إسقاط مهنهم على الآخرين، فإن كان أستاذا فهو يريد الجميع مجرد طلاب مستمعين مطيعين، وهذا الإسقاط الخاطئ هو أولى بوابات الفشل.
ليس أسهل من التنظير، والذي قتل كثيرا من المبدعين في قطاعات عدة، حينما توكل أمور تلك القطاعات لمن لديهم رغبات تسلطية ودونية إزاء الآخرين، وغالبا ما يكون هؤلاء مجرد منفذي رغبات لآخرين من الظل، القصد منهم الانتقاص من أصحاب الكفاءات (حتى وإن لم يكونوا من ذوي التأهيل العالي) فنظرة الاستعلاء هي في حد ذاتها نقص في صاحبها، يغطيه بأمور تكشف الأيام عدم جدواها… وللحديث بقية.

قد يعجبك ايضا