اليوم تكتمل ستة أيام من عمر الحرب العدوانية التي تشنها قوات العدو الإسرائيلي على قطاع غزة والتي أسفرت إلى الآن عن أكثر من مائة وثمانين شهيدا و1200 جريح، ثلثهم على الأقل من النساء والأطفال، الذين قُصفت منازلهم ومساكنهم على رؤوسهم بوحشية مفرطة، ودون أي مراعاة للقوانين الدولية والإنسانية، فقط من اجل تثبت معادلة الدم والدمار مقابل أي صواريخ تطلقها المقاومة على المغتصبات والمستوطنات الإسرائيلية.
ربما هذه هي الصورة التي يراها الجميع ولا تحتاج إلى تنبيه لوضوحها، إلا أن ما يجب التنبيه عليه هو أن كيان العدو الإسرائيلي قد هزم ثلاث مرات في هذه الجولة المفتوحة الأجل، على الأقل حتى هذه اللحظة.
الهزيمة الأولى: هي بظهور هذا المخزون الضخم من الصواريخ التي راكمتها وطورتها المقاومة الفلسطينية بفصائلها المتعددة، على مدى السنوات الماضية، رغم الحصار الخانق المفروض على القطاع، وبدأت تطلقها بالعشرات بل بالمئات على المدن المحتلة، لتنهمر على رؤوس قطعان المستوطنين كالمطر، وهو ما لم يكن يتوقعه قادة الاحتلال بهذا المستوى من الكثافة غير المسبوقة، التي تسببت في إغلاق مطارات، وفتح الملاجي، وتوقف التعليم، وخسائر كبيرة في الاقتصاد، ناهيك عن تصريحات المقاومين بأن هذه الصواريخ ما هي إلا مخزون قديم يراد التخلص منه، لتعويضه بصواريخ أحدث وأكثر تطورا، وأن المقاومة لا تزال قادة على مواصلة هذا الزخم الصاروخي على الأقل لستة أشهر قادمة، وهو ما يفسر الانقسامات الحاصلة داخل المجلس الأمني الوزاري المصغر، وتضارب الآراء حول استمرار الغارات على القطاع أو إيقافها.
الهزيمة الثانية: هي ما يجري في مناطق 48، وحالة الإرباك الأمني، والعجز الإسرائيلي عن معالجتها والتعامل معها، رغم سنوات طويلة من الأسرلة للمجتمع العربي في المناطق المحتلة، ومحاولة دمجهم كمواطنين إسرائيليين، إلا أن المقاومة نجحت بتحقيق الإنجاز الأهم حسب كبار الصحفيين الإسرائيليين في الحريق الذي أشعلته في المدن المحتلة، في اللد، في حيفا، وقبل هذا ربطت وعززت الهوية الفلسطينية الموحدة من غزة إلى الضفة وداخل الخط الأخضر، لتتبين أن جهود التمزيق والتقسيم و الأسرلة الممتدة لسنوات طويلة قد هزمت هي الأخرى، وظهر الشعب الفلسطيني موحدا أكثر من أي وقت مضى يستقبل أنباء اطلاق الصواريخ بحفاوة وابتهاج ومظاهر الفرح والاحتفال سواء في القدس أو في 48.
أما الهزيمة الثالثة: فلم تكن للعدو الإسرائيلي فقط، بل يتحملها معه جوقة المطبعين الخونة للقضية الفلسطينية، بعد أن تبين خطأ التقديرات والرهانات، بخصوص حالة الشعب الفلسطيني، وحالة التضامن الشعبي العربي والإسلامي مع القدس والأقصى وفلسطين وشعبها، لم تفت حالة التطبيع مع العدو الإسرائيلي في عزيمة الفلسطينيين ولم يصابوا باليأس، ولم توفر أي نوع من الحماية لا للكيان المحتل ولا للمطبعين، ولن توفر، بقدر ما كشفتهم أمام شعوبهم، وأسست لمرحلة قادمة ستجرف هذه الأنظمة وزعماءها الخونة المفرطين في المقدسات والحقوق.
هذه الهزائم بحد ذاتها انتصارات مهمة للمقاومة وللشعب الفلسطيني الصامد، تضاف إلى الانتصار بتحقيق الوحدة وكسر الحواجز الجغرافية، وإبراز روح التضامن الواحدة على طول وعرض فلسطين، ومعهم ومن خلفهم شعوب أمتنا العربية والإسلامية، لنكون معا على طريق تحرير فلسطين، وإنهاء الاحتلال البغيض، ولتصبح القدس أقرب.