أطلقت المقاومة الفلسطينية أكثر من 2500 صاروخ خلال الأربعة الأيام المنصرمة على المدن والمستوطنات المحتلة في إطار حق مقاومة الصلف الصهيوني الغاصب والمستعمر للأرض الفلسطينية بعد أن تمادى في طغيانه الوحشي وتمادى في تدنيس حرم الأقصى الشريف وزاد من اعتداءاته على المصلين بهدف منعهم من إقامة الصلاة في الأقصى الشريف، كما سعى إلى الاستيلاء على حي الجراح لتهجير الفلسطينيين من منازلهم خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك ، وكذلك كرد على اغتياله لقادة المقاومة في كتائب القدس وكتائب القسام .
أتى هذا التحرك المبارك للمقاومة الفلسطينية في وقت أصبح فيه العدو الصهيوني المجرم يعتقد اعتقاداً قاطعاً أن المقاومة الفلسطينية قد انتهت وأن الشعب الفلسطيني الأعزل من السلاح قد أصبح أعزل من المقاومة أيضا بفعل حصاره لها واستهدافه لقادتها الذي لم يتوقف عنه العدو الصهيوني حتى لحظة واحدة من بعد نكبة 1948م وحتى اليوم، متجاهلا جهود العظماء الصادقين والقادة المجاهدين التي كان لابد أن تظهر ثمارها وفي مقدمتهم الشهيد القائد قاسم سليماني رضوان الله عليه، وعليه أن يدرك اليوم أن جريمته البشعة في اغتياله هو والشهيد القائد المهندس كانت الخطوة الأولى التي فتح بها على نفسه الجحيم من أوسع الأبواب كونها كانت الدافع المحفِّز والمعجِّل لتوحيد جهود محور المقاومة وتحركها على المسار الصحيح بفضل الله وبفضل قادته الصادقين الذين بلوروا ذلك من واقع الأحلام إلى واقع الحقيقة وفي مقدمتهم السيد القائد عبدالملك الحوثي والسيد القائد حسن نصرالله، وقيادة الثورة الإسلامية ممثلة بالإمام الخامنئي عليهم سلام الله جميعا.
ربما كان العدو الصهيوني يعتقد أن لا وجود لمحور المقاومة وأنه لا يتعدى سوى زوبعة إعلامية فقط يروج لها من قنوات المحور، ولم يكن يخطر في باله أن هذا المحور سيفاجئه بهذا التطور النوعي ومن عمق الأراضي المحتلة، وهو ما جعله يتلقى خلال الأيام الماضية أعنف صدمة في تاريخ وجوده الإجرامي أخرجته عن السيطرة تماما كما صرَّح كبار مجرميه وأصبحت الملاجئ الملاذ الوحيد لليهود عسكريين ومدنيين واختفت إسرائيل كنظام عن الواقع، وما تهديداته التي أعلن عنها اليوم عن نيته في القيام بعملية اكتساح بري سوى مجرد فقاعة إعلامية لن تثمر له شيئاً وهو يعرف السبب، فجيشه لا يمكن أن يقاتل إلا من وراء جدر وتحصينات أما المواجهات المباشرة فذلك مستحيل حتى ولو استخدم أقوى المدرعات المحصنة فلن يقدم على ذلك خصوصا بعد تصنيع المقاومة وامتلاكها الصواريخ الموجهة المضادة للدروع.
اليوم أصبح هذا الوحش الماسوني يدرك إدراكا قاطعا أن المقاومة الفلسطينية كطرف من أطراف محور المقاومة هي المعنية مبدئيا بالمواجهة المباشرة لجبروته واستكباره كخطوة أولى، وأن الخطوة الثانية في مواجهة محور المقاومة له سيرى فيها نفسه بين فكي كماشة محور المقاومة وأحرار الأمة الشرفاء بإذن الله .
وإذا كان حزب الله قد كشف زيف أكذوبة الجيش الذي لا يقهر في عام 2006م فإن المقاومة الفلسطينية اليوم أثبتت حقيقة جيشه الفعلية التي بينها الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز وهي أنه الجيش الذي سريعا ما يهزم وهو الأمر الذي بدا في مشاهد مرئية للعالم لجنوده وهم يحتمون خلف سواتر خلال الأيام الماضية التي عاش فيها الرعب الحقيقي وعلى الهواء مباشرة.
ربما سيحاول العدو الصهيوني الاعتماد على أنظمة الخيانة والتطبيع لكبح جماح المقاومة الشعبية الفلسطينية غير أنه بكل تأكيد يعرف أن لا جدوى من هذه الأنظمة ولا من غيرها في تحقيق ذلك لسببين اثنين، السبب الأول : أن هذه المكونات الهزيلة ليس لها أدنى سلطة على محور المقاومة ولا تأثير لها عليه ولا حتى تملك أي وسيلة ضغط على أي طرف من أطرافها .
والسبب الثاني: أن تلك المكونات الهشة والمنبطحة كلما زادت قربا منه وولاء له كلما زادت ضعفا وهوانا وهزالة وتلاشى تأثيرها وانعدم في دولها، فهم حينما أخرجوا علاقتهم معه من السر إلى العلن إنما فضحوا أنفسهم وفقدوا وزنهم وكلمتهم وخسروا ما كان سيبقى لهم من تأثير .
وخلاصة القول أن على العدو الصهيوني اليوم أن يذعن للأمر الواقع ويرضخ للسلام العادل والشامل وأن يسارع إلى البحث عن مخرج له مع شعب فلسطين وتسوية وفق شروطه وهو لا زال في البداية وعليه أن يدرك أن التأخير ليس في مصلحته إطلاقا فقد تدخل إلى ميدان المعركة مع المقاومة الفلسطينية أطراف أخرى وحينها سيكون قد وضع نفسه في منتصف طريق زواله، وعلى أحرار وشرفاء الأمة العربية الإسلامية أن يدركوا أن الأوان قد حان ليقفوا في وجه عدوهم الحقيقي وأن عليهم أن يخرجوا أنفسهم من موقف العجز والتقاعس والتخلي وذلك بالقيام بواجبهم تجاه قضية الأمة الأولى والمصيرية.