كارثة وآخر الخيبات أن تسمع يساريا يدافع عن السعودية، أو يقاتل في حدودها دفاعا عن عرش بني سعود، أو يقاتل من أجل تحقيق أجندات عدوانها في داخل اليمن.
المؤسف أن كثيرا من اليساريين والقومجيين تورطوا بتأييد العدوان، بل إن بعضهم تورطوا بالقتال إلى جانبه، والأكثر من ذلك ارتماء الكثير من قادتهم في أحضان الدول التي كانوا يسمونها يوما ما بالرجعية.
ليس هذا فقط، بل إن بعض اليسار والقومجية ينقعون طائفية، وتركوا الأممية واليسار والقومية وراء ظهورهم وانحطوا إلى مستنقع الطائفية والمناطقية.
تناسوا المصطلحات التي كانوا يلوكونها ليلا ونهارا ويصرفونها لأتباعهم. تناسوا جرائم أمريكا والسعودية ضد قوى اليسار والتحرر الوطني والقومي والأنظمة الوطنية.
تناسوا الشرور والجرائم التي ارتكبها نظام بني سعود في طول المنطقة العربية وعرضها، والمؤامرات التي دبرها نظام بني سعود ضد الأمة، وبالذات ضد الشعب اليمني منذ بداية القرن الماضي، وختمها بهذا العدوان الهمجي الذي طال البشر والشجر والحجر والحيوان، ولم يوفر حتى الموتى في مراقدهم.
هذا ليس موقف اليسار الذي نعرفه وتربينا على مبادئه وأخلاقياته!!
هذا ليس يسار الشهيد عبدالفتاح إسماعيل وعبدالقادر سعيد، وليس قومجي الخالد عبدالناصر والشهيد عيسى محمد سيف.
هذا يسار الانبطاح والارتزاق مع الاعتذار للذين ما زالوا ممسكين بجمر المبادئ والأخلاقيات اليسارية والقومية.
لا نلوم أولئك الذين انبطحوا للرجعية منذ العام ١٩٦٢م؛ من مشايخ القبائل وشيوخ الإرهاب ودعاة التدين الفاسد؛ من شكلوا طابورا خامسا وحصان طروادة الذي مرت عليه كل مؤامرات نظام بني سعود ضد الشعب اليمني، لكنا نلوم أولئك المدعين الذين صمتوا دهرا ونطقوا كفرا. صاموا ثم أفطروا ببصلة.
كان الناس يأملون خيرا باليسار والقومجية الذين ادعوا أن لهم مشروعا، وطلعوا عبيدا للريال والدرهم.
الكوارث والأزمات والحروب دائما تكشف ما هو زائف، وهكذا كشف هذا العدوان عن وجوه ومواقف كثيرة لمدعي الوطنية والقومية والأممية!!
أعتقد أن اليسار بعد عبدالفتاح وجارالله ومقبل لا يبدو يسارا. وإن الناصرية بعد عيسى محمد سيف ورفاقه الشهداء لا تبدو ناصرية.
لقد تم تدجين الكثير من هؤلاء على أيدي أجهزة الأمن العفاشية.
في المؤتمر الخامس للاشتراكي كان مخبرو عفاش يحثون أعضاء المؤتمر على انتخاب ( يس نعمان ) أمينا للحزب!!
ومن متى كانت هذه الأجهزة حريصة على الحزب وهي التي قتلت أشرف المناضلين في أقبية التعذيب؟!
يبدو أن في الأمر شيئا كنا لا نعلمه، لكنه توضح أثناء وبعد ثورة فبراير، وفي هذه الحرب القذرة التي أظهرت المخبوء تحت سطح الادعاءات الزائفة.
لقد خدع الكثيرون بهكذا قادة يسارية وقومجية. باعوا ثورة ١١ فبراير بأبخس الأثمان؛ قليل من مناصب الفساد والإفساد وتركوا الثوار في الساحات يواجهون رصاص فرقة علي محسن وأجهزة الهالك عفاش. وهاهم اليوم يبيعون شعبهم بقليل مناصب وقليل دولارات وريالات سعودي ودراهم إماراتي.
كانوا قبل الحرب يلهثون وراء حميد الصندقة، ويبادرون مبكرين للجلوس في صدارة ديوانه من أجل القليل من مال حرام يرمي به حميد صندقة إليهم.
عجائب آخر زمن يساريون يلمعون القاتل واللص ويمدحون شيخ الإرهال والنهب والفساد!!.
كل النخب اليمنية؛ دينية وقومية ويسارية فشلت؛ تركت شعبها يقارع العدوان والحصار بمفرده، وذهبت تتسول على أبواب أمراء وأميرات النفط، وتتصيع في مواخير تركيا وشارع الهرم.
يا هؤلاء اليسار الذي نعرفه قيم ومبادئ ومواقف وطنية وليس ارتزاقا وبيع هدرة وتلوناً!!