الأمناء الشرعيين ومافيا الأراضي

 

عبدالفتاح علي البنوس

ملف شائك يضم في داخله قضايا لا حصر لها ولا عدد تتعلق بالخلافات والنزاعات حول الأراضي والعقارات العامة والخاصة، المحاكم والنيابات تعج بكم هائل من هذه القضايا ، والسجون تضم المئات من السجناء الذين تورطوا في قضايا جنائية على ذمة خلافات الأراضي، جراء مماطلة المحاكم في الفصل بشأنها ، وحالة الترهل التي كانت سائدة لدى السلطات الأمنية ، علاوة على غياب هيبة الدولة ، وهي أسباب جوهرية أسهمت في ظهور مافيا خاصة بالأراضي ، تضم في عضويتها مجاميع من المتهبشين من ذوي النفوذ والسلطة ، الذين أدمنوا على البسط على أراضي الأوقاف و أراضي وعقارات الدولة وأراضي المواطنين بقوة السلاح ، وعمدوا إلى تملكها من خلال محررات غير قانونية ، منحهم إياها بعض المرتزقة من الأمناء الذين تم منحهم التصاريح الرسمية لمزاولة هذه المهنة خدمة لمصالحهم وللقيام بتمليكهم أراضي الأوقاف وأراضي وعقارات الدولة وأراضي المواطنين ، الأمر الذي خلق أزمة غير مسبوقة في البلاد.
عقب ثورة 21سبتمبر والتي أسقطت هوامير الفساد والنهب والفيد والبسط بقيادة الجنرال الفار علي محسن الأحمر ، شهد ملف الأراضي حلحلة كبيرة من خلال فتح باب الشكاوى أمام أصحاب الأراضي والعقارات المنهوبة والمغتصبة ، وتمكن الكثير من أصحاب الحقوق من استعادة ممتلكاتهم ، وتم الفصل في كثير من قضايا الأراضي التي كانت معلقة ، وبدأ الجميع يشعر بهيبة الدولة التي كانت مغيبة تماما ، وعقب شن العدوان على بلادنا ومرور الأعوام الواحد تلو الآخر حتى شارفنا على انقضاء العام السادس ، تسللت بعض العناصر المأزومة من ذوي الضمائر الميتة ، مستغلين انشغال الدولة بجيشها ولجانها بمواجهة العدوان والتصدي لكافة المؤامرات التي تحاك بالوطن ، للعودة إلى ماضيهم الأسود ، بالتهبش على أراضي المواطنين والبسط عليها ، والتحايل على أصحابها ، والبسط على أراضي الأوقاف والمتاجرة بها.
نشاط مافيا الأراضي استدعى تدخل الدولة بكل سلطاتها وأجهزتها من أجل قمعها وإيقاف عبثها وفسادها وإجرامها ، حيث أعلن الأستاذ محمد علي الحوثي عن ثورة تصحيحية لعملية تحرير العقود الخاصة ببيع وشراء الأراضي والعقارات ، بحيث يتم ضبط كافة المندسين الدخلاء على مهنة الأمناء الشرعيين وإحالتهم للجهات الضبطية المختصة ، والعمل على تشكيل لجنة من القضاء والأمن والبحث لتلقي شكاوى المواطنين المتضررين من أمناء تحرير المحررات العقارية معززة بالأدلة الثبوتية المؤكدة لشكاواهم ، وعلى الفور باشرت اللجنة مهامها باستقبال الشكاوى ، وشرعت الجهات المختصة بمتابعة الأمناء الذين يزاولون مهنة تحرير العقود والمحررات العقارية للتأكد من حصولهم على تراخيص رسمية من مسؤولي التوثيق القضائي في المحاكم ، بهدف الوقوف على المتهبشين والمخالفين الذين يمثلون أحد أسباب تنامي قضايا ومشاكل الأراضي والعقارات ، وعلى وجه الخصوص أراضي الأوقاف وأراضي وعقارات الدولة ، وهي خطوة في الاتجاه الصحيح ستحد كثيرا من مشاكل الأراضي وستحد من التحرير العشوائي وغير القانوني للمحررات العقارية ، والتي تمثل عدوانا في حد ذاتها ، وآن الأوان للقضاء عليها ، والضرب بيد من حديد في حق كل المتورطين فيها.
بالمختصر المفيد، الحد من مشاكل الأراضي يبدأ بسرعة الفصل في قضايا الأراضي والعقارات المنظورة أمامها ، والعمل على ضبط أقلام التوثيق في المحاكم وإلزامهم بعدم التعامل مع الأمناء غير القانونيين ، ومع من ثبت تورطهم في مخالفات من أمناء قانونيين وسحب الأختام منهم والرفع بهم إلى الجهات المختصة للتعامل معهم بموجب أحكام النظام والقانون ، ومن ثم قيام الجانب الأمني بالتعامل بحزم مع المخالفين من الأمناء والمتهبشين من مافيا الأراضي ليكونوا عبرة لغيرهم ، وهي فرصة لكل من طالهم الظلم والتعسف والتحايل من قبل الأمناء لتقديم شكاويهم للجنة المختصة للحصول على الإنصاف والانتصار لمظلوميتهم ، ولا مجال للتسويف في هذا الجانب ، الفرصة متاحة أمامهم و(ترك الفرصة غصة).
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله.

قد يعجبك ايضا