حِكايَة أحمَد العَربي
مطهر يحيى شرف الدين
أحمد العربي طفلٌ فلسطيني اعتقله الصهاينة بتهمة رشقهم بالحجارة ، وفي أثناء الاعتقال كانت أمُّه تجهزه وتودعهُ كونها مُجبرة على تسليمه فلن يخرج الصهاينة من المنزل إلّا بالطفل أحمد الذي لم يتجاوز عمره الخامسة عشرة.
في مقطع الفيديو ذاته الذي كان موثّقاً في جهازي “اللابتوب” يحاول أحمد عبثاً إقناع الجنود الإسرائيليين بإمهاله أياماً محددة طالباً منهم وراجياً أن يتركوه حتى يواصل بقية اختبارات السنة الدراسية ليتمكن من إتمامها ومن ثم سيأتي إليهم طوعاً لتسليم نفسه، إلا أن محاولاته باءت بالفشل فبعد إصرارٍ منهم على اعتقاله أعطوه عهداً أن يتم الإفراج عنه صباح كل يوم ليذهب إلى المدرسة لأداء الامتحان برفقةِ جنودٍ إسرائيليين ثم يعود إلى المعتقل..
وكما هي العادة المعروفة التي اتسم بها اليهود على مر الأزمنة والعصور فقد خانوا ذلك العهد ونقضوه ولم يفوا به وحُرم أحمد من أداء الاختبارات وظل في المعتقل عدة أسابيع لينال ما كسبت يداه وما قام به من دفاعٍ عن أرضه وعرضه..
الطفل أحمد العربي تربّى على القيم التي علّمته الغيرة والحمية على المقدسات الإسلامية من أن يدنسها محتلٍ غازٍ وغاصب، وتعلّم كيف يدافع عن الأرض وأن ذلك واجبٌ ديني ووطني ، وكما كان كذلك فقد نشأ بدايةً كغيره من أبطال الحجارة الفلسطينيين رجالاً ونساءً وأطفالاً على الوقوف في ميدان الأرض المقدسة قوياً شامخاً أمام المحتلين يواجه ويذود ويدفع كيد الأعداء ومكرهم وتربُّصهم بالقدس الشريف منذ آلاف السنين..
تلك حكاية أحمد العربي المقهور المظلوم وغيرها الكثير من الحكايات والمواقف والمآسي التي نسمعها ونراها واقعاً مريراً يعيشه الفلسطينيون تحت وطأة العدو التاريخي للعرب والمسلمين اليهود الصهاينة الذين خانوا الله وعصوه وأنكروا على أنبيائهم نبوءتم وكذبوهم وقتلوهم وسخروا منهم وأفسدوا في الأرض وأثاروا الفوضى والفتن بين شعوب العالم ، أولئك هم اليهود الغاصبون للأرض الإسلامية والمقدسات التي ستنطق يوماً ما وستشهد على إجرامهم وفجورهم وطغيانهم ، وفي وعد الآخرة ميعادٌ لا شك فيه بإدانة اليهود وانكسارهم، وفي يوم الفصل يُكشف عن ساقٍ وتتبيّن الحقيقة الكبرى التي تتجلى للبشرية جمعاء أن لا حقٌ لليهود في الانتماء للأرض ولا علاقة روحية تربطهم بالمقدسات، فمن عدل عن شرع الله ومنهجه واستكبر وبغى في الأرض واتخذ السُبل المادية بديلاً عن حب الله وأنبيائه فقد ضلّ وهوى واستحق غضب الله وسخطه ، موقف الطفل أحمد العربي ومشاهد كثيرة مشابهة فيها استضعاف وقهر لكثير من النساء والأطفال لم تُثر انتباه أي زعيمٍ عربي فالأمر لدى الزعماء والقيادات وكثير من الشعوب العربية والاسلامية أصبح عادياً جداً ، فاقتحام الإسرائيليين المنازل الفلسطينية وقيامهم بهتك الأعراض أمام مرأى ومسمع من العالم مسألةٌ فيها نظر، وأن تطال أيدي الصهاينة النجسة أجساد النساء الفلسطينيات ودوسهنّ بالأقدام وجرِّهن إلى المعتقلات أيضاً مسألة عادية جداً ، وأن يصول الإسرائيلي ويجول في أزقة وأحياء وشوارع المدينة المقدسة متبختراً ومتوعداً امرأة ومهدداً طفل ورافعاً سلاحه فوق مُسن وقتله واعتقاله الآلاف من الشُبان الفلسطينيين هو حدثٌ عابر كل يوم ويمر مرور الكرام في نظر الزعامات العربية بل استوجب الأمر عليهم في نهاية المطاف أن يتسابقوا نحو القيادات الصهيونية من ضُربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضبٍ من الله إلى السعي نحو إقامة علاقات حميمية طابعها سياسي واقتصادي واستراتيجي خدمةً ومصلحةً لإسرائيل ، وطالما والأمر كذلك فليفعل الصهيوني على الأرض المقدسة وسكانها ما يشاء وليصنع ما يشاء وليمدد يديه ورجليه غاصباً ومنتهكاً ومعتدياً وقاتلاً وسفاحاً ، فليس هناك من سيعترض أو يعلِّق أو يتكلم أو ينبس ببنت شفه سوى من يقود محور المقاومة العربية السيد القائد عبدالملك الحوثي والسيد حسن نصر الله يحفظهما الله ، اللذان يسعيان إلى إعادة الهيبة والقوة والعزة للأمة الإسلامية والعربية ،
أما عمالة الأنظمة العربية وانبطاحها للأمريكي الطامع والإسرائيلي المحتل فقد جعل اليهود يتمادون في طغيانهم ويزدادون عتواً ونفورا وباتوا يطالبون بتعويضات خيالية من عدد من الدول العربية مقابل ادعائهم بمظلوميات وحقوق تاريخية على الأرض العربية، وليس ببعيد أن يأتي يوم يدّعي فيه اليهود أحقيتهم بالأرض العربية والاسلامية بشكلٍ كلي ثم يطلبون من العرب والمسلمين الخروج منها ، قال تعالى : “ولنْ ترضَى عنكَ اليهودُ ولا النّصارَى حتّى تتبعَ ملّتهم ولئنِ اتّبعتَ أهواءهُم بعدَ الذي جَاءكَ منَ العِلم ما لَك منَ اللّهِ مِن وليٍّ ولا نَصير”.