قالت صحيفة ذا هيل (The Hill) الأميركية إن إصابة الرئيس دونالد ترامب بفيروس كورونا تشكل «تحديا صحيا خطيرا» له، كما تسبب إعلان إصابته في زعزعة أسواق المال وبث حالة من عدم اليقين تجاه حملته الانتخابية التي انقلبت فعليا رأسا على عقب.
وذكرت الصحيفة أن إعلان إصابة الرئيس بالفيروس -إضافة إلى السيدة الأولى ميلانيا ترامب ومستشارته المقربة هوب هيكس- ستكون له تداعيات، بعضها جلي والبعض الآخر غير واضح، لكن بعض «السيناريوهات القاتمة» تلوح في الأفق في حال ساء وضعه الصحي.
ففي حال تدهورت بشكل كبير صحة ترامب -الذي يبلغ من العمر 74 سنة ويعاني من زيادة في الوزن- فيمكن عندئذ تفعيل الفقرة الثالثة من الفصل 25 من الدستور الأميركي الذي يسمح للرئيس بنقل صلاحياته مؤقتا إلى نائبه.
وإذا تولى نائبه مايك بنس زمام الأمور في هذه المرحلة، فستكون هذه المرة الرابعة التي يتم فيها تفعيل هذا البند خلال السنوات الـ40 الماضية، حيث استخدمه الرئيسان رونالد ريغان (مرة) وجورج دبليو بوش (مرتين)، وجميع هذه الحالات كانت بسبب عمليات جراحية مجدولة.
احتمال ثان -مستبعد حاليا لكنه وارد بحسب الصحيفة- ينتظر الولايات المتحدة، وهو إمكانية ألا يسمح تدهور الوضع الصحي لترامب باستمراره في سباقه الرئاسي من أجل ولاية ثانية.
فوضى سياسية
هذا السيناريو الذي من شأنه أن يؤدي إلى «فوضى سياسية» يعتمد على الكيفية التي سيتطور بها الوضع الصحي لترامب، ويمكن -إن دعت الضرورة- أن يتولى نائبه مايك بنس الرئاسة وترشيح الحزب الجمهوري لانتخابات نوفمبر المقبل، أو يمكن للحزب اختيار مرشح جديد، وفي هذه الحالة ستؤول بطاقات الاقتراع التي تم الإدلاء بها لترامب في التصويت المبكر لصالح خلَفه.
وتؤكد “ذا هيل” أن الوضع الصحي لترامب -حتى لو لم يتدهور كثيرا- فإن مصير المناظرتين الرئاسيتين المتبقيتين يبدو على المحك، ومن المرجح ألا تجمع المناظرة الثانية المقرر إجراؤها في 15 أكتوبر في ميامي المنافسين الرئاسيين بشكل مباشر، قبل المناظرة الثالثة الأخيرة المقررة في 22 أكتوبر في ناشفيل بولاية تينيسي.
إصابة ترامب بالفيروس تثير -بحسب الصحيفة- تساؤلا مهما آخر حول ما إذا كان خصمه الديمقراطي ونائب الرئيس السابق جو بايدن قد تعرض بدوره للإصابة خلال مناظرتهما الرئاسية الأولى، فلا أحد يعرف بالضبط متى أصيب ترامب، لكن الأكيد أن الرجلين بقيا على مسافة قريبة خلال مناظرتهما الأولى لمدة 90 دقيقة تقريبا قبل 48 ساعة على إعلان إصابة ترامب.
وسيشكل سيناريو نقل العدوى إلى بايدن (77 عاما) من قبل منافسه تطورا «مذهلا» و»مخيفا»، خاصة أن حملته قطعت شوطا طويلا في إجراءاتها الاحترازية والتزامها بشروط التباعد الاجتماعي الكفيلة بمنع انتشار المرض.
مجرد مناورة
من ناحية أخرى، ذكرت “ذا هيل” أن بعض أشد منتقدي ترامب عبر مواقع التواصل أثاروا إمكانية أن يكون الإعلان عن إصابته بفيروس كورونا مجرد مناورة من أجل التغطية على الأخبار السيئة المتوالية بشأنه -كشبهات التهرب الضريبي وتعليقاته المثيرة بشأن مجموعة «براود بويز» (Proud Boys) اليمينية المتطرفة- وتحقيق سبق سياسي في سباقه من أجل إعادة الانتخاب.
وتضيف أن هذا الأمر «غير مرجح»، خاصة أن المستشارة هوب هيكس التي كانت مقربة جدا منه مصابة هي أيضا، ولأن شون كونلي طبيب الرئيس أكد أن نتائج اختبار ترامب والسيدة الأولى إيجابية، مشيرا إلى أن الفريق الطبي في البيت الأبيض «سيتابع عن كثب» وضعهما الصحي.
وتؤكد الصحيفة أن إصابة الرئيس المستجدة ستعمق مشاكله الانتخابية الكبيرة أصلا، حيث ستجعل على الأقل من ملف كورونا مجددا الملف الأبرز في الحملة الانتخابية، كون معظم الأميركيين يرون أن استجابة الإدارة الحالية للجائحة لم تكن في المستوى.
وترى أنه من الآن فصاعدا لن يستطيع ترامب التهرب من هذا الملف، حيث بقي مصرا على أن الوباء «سوف يختفي»، وشكك مرارا في رأي الخبراء، كما بدت تصريحاته متضاربة بشأن التدابير الاحترازية، خاصة مسألة ارتداء الكمامات.
وتضيف الصحيفة أن إصابته -وبعيدا عن إثارة التعاطف معه- يمكن أن تزيد حدة الانتقادات الموجهة لتهوره الخطابي، وسيجد نفسه في موقف سيئ بسبب استهزائه المتكرر بمنافسه جو بايدن الذي أظهر التزاما بارتداء القناع الطبي.
وتختم الصحيفة أنه بعد إعلان إصابة ترامب رسميا بفيروس كورونا لا تزال الكثير من الأمور غير واضحة، لكن الأمر الوحيد المؤكد هو أن حملة الانتخابات الرئاسية الصاخبة لهذا العام تلقت للتو أكبر صدمة لها على الإطلاق.